علي النمر هو أحد الشخصيات التاريخية، ورجل حرب، وشهيد من شهداء الثورة التحريرية الجزائرية من منطقة مروانة بجبال الأوراس.
ولد علي النمر في 16 مارس 1925 في مشتة أم الرخاء بدوار حيدوسة قرب مروانة التي كانت تدعى في العهد الاستعماري البائد بالبلدية المختلطة بلزمة أو كورناي، التابعة لولاية باتنة في سلسلة جبال الشلعلع، من أب يدعى مختار بن علي بن ملاح والمولود عام 1888 بحيدوسة، والذي كان عاملا في أحد المناجم قرب قريته تستغله شركة استعمارية، أما جده فكان طبيبا شعبيا يمارس مهنة التداوي بالأعشاب على الطريقة التقليدية، ومن أم تدعى (الطاوس حجام) المولودة في 1892 وأصلها من بلدية (افرحونن) ولاية تيزي وزو من جبال جرجرة الشامخة، وقد انجب أبواه عددا كبيرا من الأطفال فتوفوا جميعا ولم يعش منهم إلا طفلين وهما ذهبية وعلي.
انضم إلى حزب الشعب الجزائري سرا سنة 1943 بباتنة ثم واصل نضاله وتعاظمت مسؤولياته ومهماته داخل حزب انتصار الحريات الديمقراطية ضمن خلية مدينة باتنة ثم في الخارج، إذ في أواخر سنة 1948 هاجر إلى فرنسا تحت غطاء البحث عن العمل في أوروبا لتجنيد المناضلين وتوعيتهم فاستقر بمنطقة الزاس ووراين كمسؤول يشرف على عدد من الخلايا التي كان يرأسها كل من لوشن الطاهر والعائب عمر ومحمد حرسوس المدعو بوحة، بينما كان شيحاني بشير يتصل بالمناضلين وينسق النشاط بينهم في الجزائر وفرنسا.
بعد أكثر من سنتين قضاها في فرنسا عاد إلى باتنة، واصل نشاطه السياسي كمسؤول عن عدد من الخلايا، إلى جانب ممارسته لنفس المهنة كنجار في شركة أمريكية وقام بتنظيم اضراب عمالي كبير في الشركة، كما ساهم في التحضير والدعاية لانتخابات 1948 التي ترشح فيها مصطفى بن بولعيد وعندما وقع الانشقاق في حركة انتصار الحريات الديمقراطية .
كان نشاط الشهيد على النمر محل ملاحقة واهتمام من طرف القوات الاستمعارية، إلا أن شدة كتمانه للسر وحنكته وذكائه جعلهم يعجزون عن كشف المهام التي كان يقوم بها من جهة وقوة ثقة المناضلين فيه وحبهم له من جهة أخرى. كما كان يتمتع بثقة كبيرة لدى مصطفى بن بولعيد.
النمر من المناضلين الذين أسندت لهم المهمة السياسية في أواسط الجماهير الشعبية لدعم الجانب العسكري للثورة ماديا ومعنويا . في الأيام الأولى من تفجير الثورة ألقي القبض على بعض المناضلين من الأحزاب الأخرى حيث حملوا علي النمر بالتحضير للثورة مما أدى إلى ملاحقته من طرف بوليس العدو واعتقاله في 11/11/1945 وسجنه في باتنة حوالي ثلاثة أشهر وتعذيبه ومحاكمته وكان المحامي المدافع عنه اليهودي (قج) المعروف ولم تتمكن فرنسا من معرفة الدور الذي كان يقوم به فاضطرت إلى إخلاء سبيله في شهر فيفري 1955. وبعد أيام عالج فيها آثار التعذيب التي تعرض لها في السجن، وبعد أن تأكد أن قواة الاستعمار الفرنسي لم تعد تمهله وظلت تلاحق تحركاته التحق بالعمل العسكري في صفوف جيش التحرير، إلى جانب إخوانه المجاهدين في أوائل شهر مارس 1955.
منذ التحاقه بصفوف جيش التحرير الوطني عمل الشهيد علي النمر على نشر وتوسيع رقعة الثورة بتوعية وتعبئة الجماهير الشعبية وتجنيد الشباب في صفوف جيش التحرير الوطني وتعيين مسؤولين لاسيما في الجهة الغربية من ولاية الاوراس حتى القبائل الكبرى في الولاية الثالثة. توجه إلى الولاية الثالثة مع القائد الشهيد محمد لعموري ثلاث مرات أولاهما في بداية 1955 لتبليغ البريد إلى مسؤولي القبائل الكبرى بهدف التعاون والتنسيق والتشاور لنشر الثورة ودعمها وعلى مواجهة حركة المصاليين والقضاء عليها.
كانت رحلته الثانية قبل مؤتمر الصومام في حدود نهاية ربيع 1956، وقد صاحبه المجاهد دعاس المسعود إلى غاية المسيلة، ثم واصل معه الطريق المجاهد بلقاسم خرشوش ومصطفى ملاح، وقد وصل جبال جرجرة والتقى بالقائدين سي عميروش وعمران. ومكث هناك ما يزيد عن عشرين يوما وشارك في بعض المعارك التي وقعت مع المصاليين في جرجرة. وبعد مؤتمر الصومام سافر للمرة الثالثة إلى القبائل الكبرى، وقد حضر عددا من الاجتماعات من مسؤولي منطقة القبائل في القرية (أفرحونن) بتيزي وزو بين 1 و 11 جانفي 1957. كلف القائد علي النمر بمهمة الاتصال بمنطقة القبائل الكبرى بسبب معارفه الكثيرة بهذه الجهة لأن أخواله من هذه المنطقة (جرجرة) وقدرته على الإقناع، حيث يعتبر مفاوضا محنكا وسياسيا بارعا كما يصفه زملاؤه ورفاقه في الجهاد.