تُعتبر تطاوين من أكبر مدن أو ولايات تونس مساحة، وهي حديثة التكوين أُنشِئت عام1981م، لكن تاريخ الحضارة البشرية فيها يعود إلى آلاف السنين، ويبلغ عدد سكانها أكثر من مئة واثنين وأربعين ألف نسمة، يتوزع مُعظمهم شرق المنطقة الواقعة بجانب سلسلة جبال مطماطة الفاصلة بينها وبين المنطقة الصحروايّة إلى الغرب، وتُعتبر جبال مطماطة وسلسلة جبال الضاهر من أهم المعالم الطبيعيّة في مدينة تطاوين. تقع عند مدخل مدينة تطاوين من الجهة الشماليّة الغربيّة منطقة يُسميها السكان (فم تطاوين)؛ دلالة على فتحة واسعة بين جبلين، وهذه الفتحة تُمثل نقطة عبور للوافدين نحو المدينة؛ حيث تنتشر فيها عيون الماء، والنخيل لتشكل واحة جميلة، وتمتد إلى الجهة الجنوبيّة وتنتهي بمضيق على هيئة عنق الإنسان، يربطها بمنطقة تدعى “سهل الفرش”.
سكان تطاوين هم خليط متجانس من البربر الأمازيغ و العرب .البربر يتمثلون في قبائل الدويرات شنني قطوفة تونكت المقدميني وبني يخزر ثم الغمراسنية ..اما العرب فهم قبيلة الودارنة ينقسمون الي أولاد عبد الحميد وهم الكراشوة والزرقان والعمارنة والحميدية و أولاد سليم أو سليمية و هم اولاد شهيدة و أولاد دباب .وقبائل العجاردة و الدغاغرة والمقابلة و الذهيبات تم قبيلة الجليدات…وهم في غالبيتهم من القبائل الهلالية (بني هلال وبني سليم)..مع العلم أن هذا كله يبقى للتأكيد لأن العديد من الأمازيغ تعرب ومن العرب من أصبح بالمعاشرة أمازيغيا و الأمثلة في ذلك كثيرة..أما البربر فقد عرفوا بسيطرتهم علي المنتوج الزراعي كالزيتون والنخيل والتين واللوز… أما بالمقابل سيطرت القبائل العربية علي المنتوج الحيواني من ماشية ومشتقاتها كالصوف واللبن واللحم بجميع أنواعه (الماعز..الإبل..الخرفان..الطيور الداجنة).
عرفت ولاية تطاوين الحضارة الرومانية بصفتها جهة حدودية بين مجال سيطرة السيطرة الرومانية ومجال القبائل البربرية المستقلة في أطراف الصحراء وتبعا لذلك أنشأ الرومان في هذه الجهة عدة منشاءات ذات صبغة دفاعية مثل الحصون كحصن “تلالت” وحصن “رمادة” وفي نفس الوقت أنشأالرومان عدة منشآت زراعية كالسواقي و السدود ماتزال آثارها الي اليوم.
الرحلة إلى تطاوين لها معنى آخر، حينما يصل الزائر إلى هذه المدينة يشعر كأنه في رحلة عبر الزمن إلى آلاف السنين، وتحديدا إلى عالم الديناصورات. وتحدثنا الآثار المكتشفة في مدينة غمراسن التابعة لمحافظة تطاوين عن قصة الديناصورات التي كانت تعيش في هذه المنطقة. وتبين أحدث الاكتشافات البيولوجية وجود 100 أثر لأقدام ديناصورات، يعود تاريخها إلى 140 مليون سنة، أعلنت عنه جمعية صيانة التراث في مدينة غمراسن قبل سنوات.
وحسب علماء الجيولوجيا فإن الاكتشاف هو الأول من نوعه ويعود إلى العصر الجوراسي. وتمثل آثار أقدام ديناصورات طبعت على مادة الكلس، الموجودة وقتها على ضفاف بحيرة، غمرت لاحقا بطبقة رملية فتاتية، لذلك لم يكن غريبا أن تحتوي المدينة على متحف للعلوم يعرض مجسمات للديناصورات الافريقية التي يعتقد العلماء أنها كانت تعيش في تطاوين في العصور القديمة.
تفيد الحفريات التي أجريت في تطاوين بوجود آثار لديناصورات قديمة تعود إلى حوالي 140 مليون سنة أي إلى العهد الجوراسي، وبعض هذه الآثار بادية بشكل جيد للعيان، والبعض الآخر مغطى بطبقات جيولوجية وفي حاجة إلى مزيد التنقيب من قبل الباحثين. وقد تم العثور في سنة 2015 على أقدام ديناصورات تعود إلى 160 مليون سنة وما زال هناك المزيد من المتحجرات التي تبدو في حاجة إلى الكشف وإماطة اللثام عنها من خلال الحفريات.
قاوم أهالي ولاية تطاوين الاستعمار الفرنسي مثل كل جهات البلاد التونسية، وانخرط أبناء المدينة في النضال المسلح والسياسي ضمن الحزب الحر الدستوري. وبرز عديد المناضلين والأبطال الأشاوس من أبناء المنطقة خلال الحقبة الاستعمارية وأيضا خلال المعارك التي خاضها الجيش التونسي بعد الاستقلال ضد الجيش الفرنسي الذي بقي يرابط في الجزائر ويحتلها ست سنوات بعد استقلال تونس وأراد الاحتفاظ ببعض المواقع في التراب التونسي.
ولعل أهم المعارك التي خاضها أهالي جهة تطاوين ضد المستعمر معركة رمثة التي حصلت في 25 ايلول/سبتمبر 1915 وقادها سعد بن عون، ومعركة مغني التي حصلت في 15 تشرين الأول/أكتوبر 1915 ومن أبطالها الأخوة عبد اللطيف وخليفة بن عسكر والمدني الجليدي.
ومن المعارك التي شهدتها ولاية تطاوين بعد الاستقلال بين الجيشين التونسي والفرنسي معركة رمادة الخالدة التي حصلت سنة 1958 والتي استبسل فيها أبناء المنطقة لتحرير الجيوب المحتلة على التراب التونسي رغم توقيع اتفاقية الاستقلال. وقد استعمل الفرنسيون في تلك المعركة طائرات قادمة من الجزائر المحتلة وقتئذ لقصف رمادة من دون رحمة واستشهد في هذه المعركة المناضل التونسي الشهير مصباح الجربوع أصيل منطقة بني خداش التابعة لولاية تطاوين.
رغم أنها تزخر بالثروات الطبيعية، فإن ولاية تطاوين عانت الفقر والتهميش خلال الحقبة التي أعقبت استقلال البلاد، مما جعل سكانها يدخلون في مواجهة مباشرة مع النظام الحاكم للمطالبة بحقوقهم.
ويشتكي الأهالي مما يعدّونها مفارقة صارخة، فمنطقتهم تحتوي على ثروات نفطية لكنها من المناطق المهمشة، بينما ترتفع البطالة فيها لتبلغ أعلى معدلاتها بنسبة تتجاوز 30%.
وتعيش تطاوين منذ مطلع أبريل/نيسان 2017 على وقع احتجاجات مطالبة بالتنمية والتوظيف داخل حقول النفط في المنطقة، ورصد 20% من عائدات الطاقة لصالح تطاوين، إضافة إلى تخصيص نسبة 70% من الوظائف بالشركات البترولية لسكان المدينة، وإنشاء فروع للشركات الأجنبية داخل المحافظة.
ومن ضمن الأنشطة السياحية التي يمكن القيام بها في مدينة تطاوين هي:
1- زيارة قصر أولاد سلطان الذي تم بناءه في القرن الخامس عشر وهو موجود على قمة تل للحماية من الغزاة.
2- زيارة البلدة المهجورة التي تقع على جانب التل على بعد حوالي 20 كيلو متر من تطاوين.
3- زيارة قرية شينيني المهجورة وهى قرية رائعة يزورها السياح في جماعة ويتواجد فيها مطعم ممتاز يمكنك تناول طعام الغداء فيه.
4- زيارة قصر الفريش الذي تحيط به أشجار النخيل والزهور، ومن الداخل يبدو كل شيء قديم وفريد من نوعه، وتباع هناك الهديا التذكارية الرائعة.
5- زيارة متحف ذاكرة الأرض الذي تم افتتاحه في عام 2000 والتعرف على ما يحتوي عليه من مقتنيات نادرة.