أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) في دورتها الـ17 مساء اليوم الأحد، عن فوز رواية “قناع بلون السماء” للروائي الفلسطيني الأسير، باسم خندقجي، بالجائزة، بعد وصولها إلى القائمة القصيرة قبل أشهر.
واختارت لجنة تحكيم الجائزة اليوم الأحد، رواية خندقجي، من بين 133 رواية ترشحت للجائزة، باعتبارها أفضل رواية نُشرت بين تموز/يوليو 2022 وحزيران/يونيو 2023، وتسلمت ناشرة الرواية رنا إدريس، صاحبة دار الآداب الجائزة بالإنابة عن خندقجي، المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
والقناع هو إشارة إلى “الهوية الزرقاء” التي يجدها نور، وهو عالم آثار مقيم بمخيم في رام الله، في جيب معطف قديم، صاحبها إسرائيلي، فيرتدي نور هذا القناع، وهكذا تبدأ رحلة الرواية السردية متعددة الطبقات التي يميزها بناء الشخصيات، والتجريب واسترجاع التاريخ وذاكرة الأماكن، بحسب بيان الجائزة.
وجرى اختيار الرواية الفائزة من قبل لجنة تحكيم مكونة من 5 أعضاء، برئاسة السوري نبيل سليمان، وعضوية كل من السوداني حمور زيادة، والفلسطينية سونيا نمر، والتشيكي فرانتيشيك أوندراش، والمصري محمد شعير.
وأوضح “نادي الأسير” الفلسطيني في بيان، أن الروائي الأسير خندقجي، فاز بالجائزة بعد أن كان قد تعرض لحملة تحريض واسعة من قبل الإعلام “الإسرائيلي”، بعد أن وصلت روايته إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية قبل أشهر قليلة.
وتابع النادي في بيانه أن: “الحرب على الرواية الفلسطينية، شكلت نهجاً ثابتاً لدى الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة الوجود الفلسطيني، وكانت إبداعات المعتقلين هدفاً دائماً لأجهزة الاحتلال، من خلال مصادرتها وملاحقتها، وفرض عقوبات بحق المعتقلين الذين تركوا بصمة واضحة وأثراً على الصعيد الإنتاج المعرفي والأدبي، خاصة أن العملية التي تمر بها إنتاجات المعتقلين ومسار إخراجها من السجون، شكلت وما تزال تحدياً لمنظومة السجن على مدار عقود طويلة، وكان من أبرز المعتقلين الذين ساهموا في الإنتاج المعرفي والأدبي المعتقل خندقجي الذي أصدر روايات عدة وإنتاجات مختلفة خلال سنوات اعتقاله”.
وقال رئيس لجنة تحكيم الجائزة،نبيل سليمان، إنه: “يندغم في “قناع بلون السماء”، الشخصي بالسياسي في أساليب مبتكرة. رواية تغامر في تجريب صيغ سردية جديدة للثلاثية الكبرى: وعي الذات، وعي الآخر، وعي العالم، حيث يرمح التخييل مفككاً الواقع المعقد المرير، والتشظي الأسري والتهجير والإبادة والعنصرية. كما اشتبكت فيها، وازدهت، جدائل التاريخ والأسطورة والحاضر والعصر، وتوقّد فيها النبض الإنساني، كما توقدت فيها صبوات الحرية والتحرر من كل ما يشوه البشر، أفراداً ومجتمعات. إنها رواية تعلن الحب والصداقة هويةً للإنسان فوق كل الانتماءات”.
بدوره، قال رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية، ياسر سليمان: “تجول رواية خندقجي في عوالم يتقاطع فيها الحاضر مع الماضي، في محاولات من الكشف الذي ترتطم به الأنا بالآخر. كلاهما من المعذبين في الأرض، إلا أن أحدهما هو ضحية الآخر. في هذه العلاقة، تصبح النكبة الفلسطينية نصباً تذكارياً بصفتها أثراً من آثار كارثة إنسانية لا علاقة لضحية الضحية فيها. في نهاية المطاف، ينزاح قناع البطل بفعل سماء حيفاوية، لتطل من خلالها مريم المجدلية التي طفق البطل يبحث عنها ليحرّرها من براثن دان براون في روايته “شيفرة دافنشي”. تحفر رواية خندقجي في أعماق الأرض؛ لتستنطق طبقاتها مفصحة عن سرديتها بلغة عربية صافية تجافي التكلّف وترفض الإغراق في اجترار الوجع”.
والروائي باسم خندقجي (40 عاماً) من نابلس، أُعتقل في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2004، وتعرض عقب اعتقاله لتحقيقٍ قاسٍ وطويل، ولاحقاً حكم عليه الاحتلال بالسّجن المؤبد 3 مرات.
وأصدر خندقجي وهو في الأسر ديواني شعر وعدة روايات أدبية منها “نرجس العزلة” و”خسوف بدر الدين”، إضافة إلى روايته الأخيرة “قناع بلون السماء”، وتُرجمت بعض أعماله إلى اللغة الفرنسية.
ومنذ اعتقاله، كتب خندقجي مجموعات شعرية، من بينها “طقوس المرة الأولى” (2010) و”أنفاس قصيدة ليلية” (2013).
وبينما أنهى الرواية الثانية “سادن المحرقة” من مشروعه “ثلاثية المرايا” يعكف خندقجي على إعداد الجزء الثالث والأخير بعنوان “شياطين مريم الجليلية”.
ووصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة روايات لأحمد المرسي (مصر)، وأسامة العيَسة (فلسطين)، ورجاء عالم (السعودية)، وريما بالي (سوريا)، وعيسى ناصري (المغرب).