نشرت مجلة “لوبوان” الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن تداعيات التدخل الروسي في أفريقيا عبر مجموعة فاغنر وما يمثله ذلك من تهديد على أمن دول المغرب العربي واستقرارها.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21”، إن الوضع في مالي مثير للقلق بالنظر إلى ما تشهده من أزمات بسبب الجماعات الجهادية والانقلابات المتكررة وتدخل القوات شبه العسكرية الروسية، حيث تساءلت حول فرضية تأثير هذه المشاكل على الدول المتاخمة لها، وخاصة دول المغرب العربي.
ذكرت أن مالي لها حدود مشتركة مع الجزائر بأكثر من 1300 كيلومتر، والخطر الأكبر الذي يهدد جارتها هو الجماعات المسلحة وبالتحديد “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” الموالية لتنظيم القاعدة في الساحل الأفريقي و”تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى” التي تهاجم السكان المدنيين والقوات المسلحة وكل ما يمكن أن يعيق تقدمها ما أجبر موريتانيا على الطلب من سكان المناطق الحدودية الابتعاد عن التخوم في ظل هذا التهديد المتزايد.
وأشارت إلى أن أكثر ما تخشاه الدول المجاورة لمالي هو اجتياز الجماعات المسلحة للحدود مع تدخل روسيا في شؤون المنطقة، أما بالنسبة للمجلس العسكري في مالي، فإن الحلّ الوحيد للجماعات الجهادية والانقلاب هو مجموعة “فاغنر” الروسية شبه العسكرية، التي توفر مرتزقة بسعر 1500 و2000 دولار في الشهر، وعرفت سابقًا بنشاطها في ليبيا.
جيش الكرملين الخاص
قالت المجلة الفرنسية إنه خلال السنوات الأخيرة، كانت ليبيا، التي تقع على بعد بضع مئات من الكيلومترات من السواحل الإيطالية، وجهة للمرتزقة ومثلت مختبرًا ممتازًا لمجموعة “فاغنر” في أفريقيا.
ويعد نشاط هذه المنظمة شبه العسكرية مزيجًا بين توفير الخدمات الأمنية والبحث عن الثروات الطبيعية وتوفير التدريب العسكري والمشاركة في المعارك، ولكنها متورطة أيضًا في عدد من الجرائم والانتهاكات.
وعادة ما تعمل مجموعة فاغنر في الدول التي تشهد نزاعات أو انقسامات أو تعاني مؤسساتها من تفكك أو يكافح فيها حاكم مستبد من أجل البقاء في السلطة مدى الحياة.
وأشارت المجلة إلى أن كل اضطراب أو أزمة تشهدها إحدى الدول تمثل بالنسبة لروسيا فرصة لدعوة نفسها إلى مسارح سبقتها إليها فرنسا وغيرها من القوى الاستعمارية السابقة، لكن تدخلها في شؤون هذه الدول لا يزيد الوضع إلا تعقيدا.
وأضافت أنه لا يقتصر التدخل على نشر المرتزقة فحسب، وإنما يشمل أيضا إطلاق حملات التلاعب بالرأي العام على شبكات التواصل الاجتماعي بقيادة كتيبة من المتصيدين، وقد أثبتت هذه الاستراتيجية فعاليتها في مالي.
وأوضحت أن مرتزقة مجموعة “فاغنر” يمثّلون جيش الظل الروسي في مالي وما يسمى بـ “دبلوماسية المرتزقة” التي أسسها يفغيني بريغوجين المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
دروس من ليبيا
فيما أوضحت المجلة أن انتشار مرتزقة مجموعة فاغنر في ليبيا مهّد الطريق أمام تدخل روسيا رسميًا في البلاد، حيث تضم هذه المجموعة متقاعدين من الجيش الروسي ومجندين ومحاربين قدامى وسجناء سابقين يمنعهم سجلهم الإجرامي من الالتحاق بالجيش.
وذكرت لوبوان أن مجموعة فاغنر تمثل حصان طروادة بالنسبة لموسكو في ليبيا.
وتابعت بأن ليبيا انقسمت في أعقاب سقوط نظام القذافي بين شرق وغرب وتفاقم الوضع بعد تدخل القوى العالمية في الصراع، بما في ذلك روسيا التي دعمت القائد العسكري خليفة حفتر، بينما كانت احتياطيات البلاد من النفط وموقعها الاستراتيجي أكثر ما جذب الاهتمام إلى هذا البلد.
عربي 21