مضاربات كبيرة رافقت اختيار السفير الروسي لدى المغرب، فاليريان شوفاييف، سفيرا فوق العادة لروسيا في الجزائر، بعد إنهاء مهامه من منصبه كسفير في المغرب.. كيف يبدو هذا القرار من وجهة نظر أحد عمداء الدبلوماسية في الجزائر، ممثلا في الأمين العام المساعد السابق لمنظمة الوحدة الإفريقية، نور الدين جودي؟
يعتقد المسؤول السابق بوزارة الشؤون الخارجية، قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تعيين سفير بلاده السابق في المملكة المغربية، فاليريان شوفاييف، سفيرا جديدا في الجزائر، أنه يصب في صالح التعاون الوثيق بين الجزائر وموسكو.
وعلى عكس القراءات التي حاولت “البروباغندا” في نظام المخزن تسويقها للرأي العام في بلادها، من أن هذا التعيين يخدم أطروحة الجارة الغربية في الصحراء الغربية، يرى عميد الدبلوماسيين، أن هذا التعيين، “أزعج كثيرا النظام المغربي وأصدقاءه في أوروبا، لأن السفير المعين في الجزائر، لديه تجربة طويلة وعريضة، وكان خاضعا لحالة من الضغط في المغرب بسبب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا”.
وقد مكنت التجربة الطويلة للسفير الروسي في الجارة الغربية، وفق الدبلوماسي نور الدين جودي، من “بلورة رؤية ثرية، فيما يتعلق بالمجتمع المغربي، ودواليب تسيير شؤون الدولة هناك، إن تعلق الأمر بنظام المخزن، أو الملك محمد السادس، ومحيطه، وكل هذه المعطيات تزيد من منسوب تخوف المغرب وأصدقائه من هذا التعيين”.
ويعتقد الدبلوماسي جودي في اتصال مع “الشروق” أن من بين المخاوف التي تنتاب المملكة المغربية وأصدقاءها، من نقل السفير الروسي لدى المغرب للعمل في الجزائر، احتمال أن يقوم هذا السفير بتقديم المعلومات الثمينة التي جمعها طيلة عمله في الجارة الغربية، للسلطات الجزائرية في إطار التعاون الثنائي، وذلك بحكم العلاقات المتميزة التي تربط بين الجزائر وموسكو”.
ويمضي جودي معلقا: “لا أعرف الغرض الحقيقي الذي يقف وراء قرار الرئيس بوتين جلب سفير بلاده الذي كان يعمل في المغرب إلى الجزائر، لكن ما أعرفه هو أن بوتين يثق كثيرا في الشريك الجزائري وفي مواقفه وفي احترام الجزائر للاتفاقيات الثنائية، وفي علاقتها بمحور عدم الانحياز، ولذلك تبيعنا أسلحة لا تبيعها لدول أخرى بما فيها بعض دول عدم الانحياز”.
غير أن هذا “لا يمنع من أن يتخوف النظام المغربي من هذه الخطوة، حتى وإن سرب جهاز الدعاية فيه أخبارا مكذوبة تحاول إيهام الرأي العام هناك، بأن نقل سفير روسيا لدى الجزائر، إيغور بيلاييف، يخدم المصالح المغربية”.
ويبرر الدبلوماسي الجزائري قراءته هذه بطبيعة العلاقات الجزائرية الروسية المتميزة، والتي هي “قديمة تعود إلى فترة الحرب التحريرية وما بعدها أي من عهد الاتحاد السوفياتي، ولكن هذا لا يعني أن الجزائر ستتخلى عن موقفها التاريخي، المعروف بعضويتها في منظمة عدم الانحياز وعدم انضمامها لأي معسكر”، وهو التوجه الذي أرسته الدولة الجزائرية منذ فترة ما قبل الاستقلال، أو كما كان يقول الرئيس الراحل هواري بومدين رحمه الله، “عندما يكون الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية قويين، نعيش نحن في هدوء، إذا سقط أحد الإثنين فالوضع يصبح أكثر تعقيدا”.
وبخصوص ما يتداول في الجارة الغربية من قبل جهاز دعايته، قال جودي “نحن في حرب معلومات، والمغرب معروف خطابه بأنه مبني على الإشاعة والمعلومات الكاذبة، وكل ما يقوم به مبني على محاولة الإضرار بالجزائر. هذه الأمور معروفة حتى من فترة الاحتلال. هم يحاولون في كل مرة إقناع الآخرين بالأكاذيب، لكن كانوا يفشلون في كل مرة”.
بقلم: محمد مسلم
الشروق