يوافق اليوم، الذكرى الـ34 لاستشهاد القائد الفلسطيني خليل الوزير “أبو جهاد” نائب القائد العام لقوات الثورة ومهندس الانتفاضة الأولى، الذي اغتاله (الموساد) الإسرائيلي في منزله بتونس بقيادة رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود باراك.
وتتزامن الذكرى مع تصاعد اقتحامات قوات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى وإغلاق بواباته والاعتداء على المصلين العُزّل داخل المسجد وفي ساحاته الخارجية، ما أجج مشاعر المسلمين في مختلف بقاع العالم خلال شهر رمضان المبارك، وأثار تنديدات واسعة عربية وإقليمية ودولية.
أمير الشهداء
وحسبما تناقلته التقارير وشهود عيان، فإن فرق “كوماندوز” إسرائيلية وصلت فجر السادس عشر من أبريل/نيسان 1988 إلى شاطئ تونس، وتم إنزال 20 عنصرًا مدربين من قوات وحدة “سييريت ماتكال” من أربع سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة، لتنفيذ مهمة اغتيال “أبو جهاد” على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاجة.
واقتحمت إحدى الخلايا البيت بعد تسللها للمنطقة، وقتلت الحارس الثاني الشهيد نبيه سليمان قريشان، وتقدمت أخرى مسرعة للبحث عن الشهيد “أبو جهاد”، فسمع ضجة في المنزل خلال انشغاله في خط كلماته الأخيرة على ورق كعادته، وكان يوجهها لقادة الانتفاضة.
وذهب وهو يرفع مسدسه ليستطلع الأمر، كما روت زوجته انتصار الوزير، وإذا بسبعين رصاصة تخترق جسده ويصبح في لحظات في عداد الشهداء ليتوج أميراً لشهداء فلسطين، علما أن آخر كلمة خطتها يده هي (لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة).
ومن أبرز أقواله أيضًا: رأسنا سيبقى في السماء، وأقدامنا مغروسة في تراب وطننا، جماجمنا نُعَبِدُ بها طريق النصر والعودة الأكيدة، البوصلة لن تخطئ الطريق، ستظل تشير إلى فلسطين.
دُفن “أمير الشهداء” في العشرين من أبريل/نيسان 1988 في مقبرة الشهداء بمخيم اليرموك في دمشق، في مسيرة حاشدة غصت بها شوارع المدينة، بينما لم يمنع حظر التجوال الذي فرضه الاحتلال جماهير الأرض الفلسطينية المحتلة من تنظيم المسيرات الغاضبة والرمزية وفاء للشهيد الذي اغتيل وهو يتابع ملف الانتفاضة حتى الرمق الأخير.
إرث نضالي
ولد أبو جهاد عام 1935 في مدينة الرملة وغادرها إلى غزة إثر حرب 1948 مع أفراد عائلته ودرس في جامعة الإسكندرية، ثم انتقل إلى السعودية فأقام فيها أقل من عام وبعدها توجه إلى الكويت وظل بها حتى عام 1963 وهناك تعرف إلى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وشارك معه بجانب عدد من القياديين في تأسيس حركة (فتح).
في العام 1963 غادر الكويت إلى الجزائر، حيث سمحت السلطات الجزائرية بافتتاح أول مكتب لحركة فتح وتولى مسؤولية ذلك المكتب، كما حصل خلال هذه المدة على إذن من الحكومة بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين في الجزائر.
وخرج أبو جهاد من الجزائر عام 1965 إلى دمشق، حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكُلف بالمسؤولية عن العلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين.
كما شارك في حرب 1967 وقام بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة الجليل الأعلى، وتولى المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة فتح، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة.
وخلال توليه قيادة هذا القطاع في الفترة ما بين 1976 – 1982 عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة كما كان له دور بارز في قيادة معركة الصمود في بيروت العام 1982 والتي استمرت 88 يومًا خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
وتسلم القائد أبو جهاد خلال حياته مواقع قيادية عدة، فكان عضو المجلس الوطني الفلسطيني خلال معظم دوراته، وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة، كما يعتبر مهندس الانتفاضة وواحدًا من أشد القادة المتحمسين لها.
بعد حصار بيروت عام 1982 وخروج كادر وقوات الثورة من المدينة عاد الوزير، مع رفيق دربه ياسر عرفات إلى مدينة طرابلس ليقودا معركة الدفاع عن معاقل الثورة في مواجهة المنشقين، وبعد الخروج من طرابلس توجه أبو جهاد إلى تونس حيث مقر المنظمة ومقر إقامة أسرته.
ومن هناك أصبح دائم التجوال بين العواصم العربية للوقوف عن كثب على أحوال القوات الفلسطينية المنتشرة في تلك البلدان، وكان من عادته ألا يمكث في تونس بين أهله سوى بضعة أيام، لكنه مكث 15 يومًا في الزيارة الأخيرة له ربيع 1988.
عمليات عسكرية نوعية خطط لها أبو جهاد:
- عملية نسف خزان زوهر عام 1955.
- عملية نسف خط أنابيب المياه (نفق عيلبون) عام 1965.
- عملية فندق (سافوي) في تل أبيب وقتل 10 إسرائيليين عام 1975.
- عملية انفجار الشاحنة المفخخة في القدس عام 1975.
- عملية قتل “ألبرت ليفي” كبير خبراء المتفجرات ومساعده في نابلس عام 1976.
- عملية دلال المغربي التي قتل فيها أكثر من 37 إسرائيليا عام 1978.
- عملية قصف ميناء إيلات عام 1979.
- قصف المستوطنات الشمالية بالكاتيوشا عام 1981.
- تحمّل إسرائيل الشهيد المسؤولية عن أسر 8 جنود إسرائيليين في لبنان ومبادلتهم بـ 5000 معتقل لبناني وفلسطيني و100 من معتقلي الأرض المحتلة عام 1982.
- وضع خطة اقتحام وتفجير مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور الأمر الذي أدى إلى مقتل 76 ضابطًا وجنديًا، بينهم 12 ضابطًا يحملون رتبًا رفيعة عام 1982.
- إدارة حرب الاستنزاف من 1982 إلى 1984 في جنوب لبنان.
- عملية مفاعل ديمونة عام 1988 والتي كانت السبب الرئيسي لاغتياله.