تحتفل الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة اليوم، بيومها الوطني الثامن والستين، وهو ذكرى انطلاق الثورة الجزائرية في الأول من نوفمبر لعام 1954، والتي أعادت فرض الجزائر دولة مستقلة ذات سيادة في المحافل الدولية، ونبراسا للشعوب المناضلة من أجل الحرية والاستقلال، واستعادة السيادة الوطنية.
ويعود شهر نوفمبر كل عام ليعيش الجزائريون تلك الصفحة الخالدة في تاريخ وطنهم والتي تشكل محطة لكل جزائري وجزائرية لتجديد الشعور بكل معاني الفخر والاعتزاز بالانتماء للوطن الذي ارتوت أرضه الطيبة بدماء قوافل الشهداء، خلال عقود من المقاومة التي أبهرت العالم وقدمت دروسا لا تنسى في التضحية والفداء من أجل الوطن والشرف والحرية.
وتعيش الجزائر اليوم موعدا مع التاريخ، حيث عادت إلى أجواء الفرحة التي طبعت شوارع العاصمة بالألوان الوطنية والتي استقبلت بها الوفود العربية المشاركة في القمة العربية التي تلم شمل الأشقاء العرب وعلى رأس أولوياتها السياسية دعم قضية فلسطين وتوحيد الصفين العربي والفلسطيني إزاء التحديات الراهنة والمستقبلية وضمان الاستقلال السيادي والاقتصادي والأمن الغذائي القومي والعربي.
وأجمعت الصحف الجزائرية الصادرة اليوم على أن الجزائر تعيش بمناسبة ذكرى الثورة “يوما مشهودا يحمل رمزية تاريخية” بمناسبة انعقاد القمة العربية التي تتوافق مع الذكرى الـ68 لاندلاع الثورة الجزائرية، مؤكدة أن الجزائر اليوم حريصة على أن تكون القمة العربية تحت شعار ”لم الشمل العربي” وسعيها بالخروج من هذه القمة بشيء يتجاوز نمطية القمم العربية في توصياتها وقراراتها.
وقال فخامة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في رسالة بهذه المناسبة إن الثورة الجزائرية أصبحت بصمودها الملحمي وبالثبات على انتزاع النصر المبين أو نيل الشهادة مضربا للأمثال في البذل والتضحية وإعلاء قيم الحرية والكرامة، مضيفا أن جزائر الخير والنماء التي ضحى من أجل حريتها واستقلالها ووحدتها الشهداء والمجاهدون ليست أملا نتطلع إليه فحسب، بل هي في هذه المرحلة هدفنا الاستراتيجي الذي نتجند حوله جميعا في الجزائر الجديدة بثقة لا تتزعزع في قدرات الأمة وفي طاقاتها الهائلة التي عانت من الشلل والتعطيل على مدى سنوات طويلة.
ودعا الرئيس تبون إلى تجنيد الجميع حول الهدف الاستراتيجي المتمثل في بناء الجزائر الجديدة بثقة لا تتزعزع في قدرات الأمة وفي طاقاتها الهائلة.
كما أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري السيد إبراهيم بوغالي، أن “جزائر اليوم، تلتزم بعهد الشهداء وتتبنى أطروحة الوحدة والتعاون ولم الشمل”.
وخلال إشرافه على الاحتفالات بذكرى اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 بمقر المجلس، أكد السيد بوغالي، على أن الجزائر تسعى من خلال دبلوماسيتها لاسترجاع مكانتها بين الدول كرقم فاعل ومؤثر، مبرزا أنها استطاعت في ظرف قصير استعادة دورها وهي ماضية في تحقيق الأهداف الواردة في التزامات رئيس الجمهورية”.
وقال إن بلاده تجعل من ملحمة نوفمبر أساسا لنهضة شاملة ولترسيخ مبادئ الدولة الديمقراطية التي تقوم على الاختيار النزيه والحر للشعب لممثليه وبناء مؤسساته الدستورية، مشيرا إلى أن الجزائر تحتفل بأغلى ذكرياتها اليوم وهي تجمع شمل الأشقاء العرب في قمة القادة لتعيد للتوافق العربي تاريخه الناصع.
وقد شهدت شوارع الجزائر العاصمة، يوم أمس /الإثنين/، استعراضا شعبيا كبيرا نظمته ولاية الجزائر بمناسبة الاحتفالات الرسمية بالذكرى الـ68 لاندلاع ثورة 1954، كما تم إعداد برنامج وطني ثري للاحتفال بالمناسبة يشمل أكثر من 2000 فعالية على المستوى الوطني تشارك فيه جميع القطاعات الوزارية.
وتشمل الاحتفالات بهذه المناسبة تدشين ووضع حجر الأساس للعديد من المرافق والمشاريع وتسمية أخرى بأسماء الشهداء والمجاهدين وتكريم عدد من المجاهدين وعائلات الشهداء، كما تشمل الاحتفالات تنظيم أنشطة متنوعة، من بينها استعراضات للفرق الكشفية والفلكلورية، وإقامة عروض مسرحية وندوات تاريخية ومعارض للصور التاريخية ومنتجات الصناعة التقليدية ترافقها عدة تظاهرات ثقافية ورياضية.
ويعتز الشعب الجزائري بوطنيته وهو شديد الوفاء لمبادئ ثورته المسلحة التحريرية التي اندلعت في الأول من نوفمبر 1954 لذلك يحتفل كل عام بمناسبات ذات علاقة بها كـ”يوم المجاهد ويوم الشهيد”، ويشعر الشعب بقداسة خاصة لذكرى شهداء الثورة، ويحظى قدماء المجاهدين بوضع تكريمي خاص في المجتمع وبمعاملة تفضيلية من قبل الدولة التي خصصت منذ الاستقلال عام 1962 وزارة باسم “وزارة المجاهدين” كما اعتمدت “المنظمة الوطنية للمجاهدين”، وتعتبر الدولة الجيش الجزائري سليل جيش التحرير الوطني الذي قاد حرب التحرير ضد المستعمر الفرنسي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، رفع صندوق النقد الدولي في وقت سابق من أكتوبر الجاري من توقعاته بخصوص نمو الاقتصاد الجزائري خلال السنة الجارية إلى 4.7 بالمئة، مما يمثل ضعف توقعاته السابقة التي كانت تراهن على نمو بنسبة 2.4 بالمئة، حسب وكالة الأنباء الجزائرية.
ويعتبر بناء نموذج اقتصادي قائم على تنويع النمو واقتصاد المعرفة من أبرز الالتزامات التي جاء بها برنامج الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وتضمنها برنامج عمل حكومته، وتتطلع الجزائر لأن يكوون العام الحالي /2022/ عاما اقتصاديا محضا يتم فيه التكفل بالملفات التي من شأنها تحقيق الازدهار الاقتصادي للبلاد.
وتنتهج الجزائر سياسة الحياد الإيجابي منذ استقلالها، وبفضل سياستها المسالمة استطاعت الجزائر فرض نفسها كلاعب فعال في الساحة الدولية والإقليمية وكسبت احترام الجميع، وقد أثبتت الجزائر في السنوات الأخيرة سمو سياساتها في تعاملاتها مع الدبلوماسية العربية والدولية من خلال معالجتها للقضايا الإقليمية والدولية، وتمكنت من أن تثبت جدارتها بكل استحقاق في تفعيل القانون الدولي العام والخاص والأعراف الدولية، وذلك من خلال سياستها التي تستند إلى مجموعة محددات، منها عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة والتعاون الدولي بين الدول العربية ودول المجتمع الدولي في كل المجالات ومساندة القضايا العادلة من أهمها القضية المحورية القضية الفلسطينية.