بالرغم من تطور المنظومة الحقوقية في تونس التي تُعنى بالطفل ومجال الأسرة، وبالرغم من التقدم الذي حققته البلاد في مجالات عديدة تعليمية وصحية وثقافية وفي منظومة الحقوق المجتمية للمرأة والأسرة والطفولة، إلا ان على أرض الواقع هناك واقع مؤلم يعيشه الأطفال خاصة في بعض المناطق المهمشة أو ما يمكن تسميتها بـ “أحزمة الفقر” وهي الأحياء التي تعيش أوضاعا صعبة وتفتقر إلى عديد الاحتياجات اليومية سواء في محيط العاصمة أو في الجهات والولايات البعيدة.
لقد بات مشهد عمالة الأطفال أو تسولهم وتزايد حالات التسرب المدرسي، ظاهرة تؤرق المجتمع التونسي، وبدأت تنتشر أكثر فأكثر، فبعض الأسر في المناطق الفقيرة تلجأ إلى عمالة أطفالها في سن صغيرة لتأمين قوتها، ورغم الإجراءات الرادعة للمؤسسات المعنية، إلا أن التجاوزات بحق الطفل وحقوقه تتصاعد خاصة خلال السنوات الأخيرة التي عاشت فيها البلاد حالة عدم استقرار سياسي وتخبط اقتصادي في إطار مسيرتها نحو الديمقراطية بكل ما فرضته من صعوبات وتحديات. وكان للمجتمع المدني في تونس دور كبير في معاضدة جهود الدولة وفي الالتفات إلى هؤلاء الأطفال في المناطق المهمشة من خلال دعمهم ببرامج توعوية وتعليمية وصحية وأنشطة ثقافية وترفيهية تنمّي مواهبهم وتزيل رماد الإهمال عن وجوه هؤلاء الأطفال المفعمة بالأمل والطموح رغم كل الحزن واليأس الذي يلفّ محيطهم وأسرهم وبيئتهم.
تجاوزات خطيرة
على ربوة مطلة على أحد أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة التونسية “حي السيدة” يقع مقر “المعهد العربي لحقوق الإنسان” هذا المعهد الذي انطلق تأسيسه قبل سنوات وهدفه الأساسي هو تنمية قدرات الأطفال وصقل مواهبهم ومد يد العون لهم وتمكينهم من الاندماج الاجتماعي شيئا فشيئا. فكان نصيرا لأهل منطقة السيدة ومحيطها كذلك، فتحول من مقر أو مركز مجتمعي وحقوقي إلى منزل كبير يأوي كل الباحثين عن أحلامهم في خضم هذا الواقع الصعب. أنشطة كبيرة مخصصة للأطفال قدمها المعهد طوال سنوات ليتحول مع الوقت إلى الملاذ اليومي لسكان الحي وعدد كبير من الشرائح الاجتماعية المهمشة التي وجدت فيه بيتا دافئا يطيب فيه المقام. ويقول عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان لـ “القدس العربي” إنه في تونس حدثت على مدى العقود الأخيرة مجموعة من التطورات الهامة في مجال حماية حقوق الطفل ورعايتها تمثلت أساسا في الانضمام للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وإصدار مجلّة حماية الطفل وإنشاء خطة مندوب حماية الطفولة واتخاذ عدد من الإجراءات والقرارات في مجالات مخصوصة تهم واقع الطفولة.
ولكن هذه الانجازات المهمّة بقيت في مجملها ذات طابع قانوني ولم تتحوّل إلى منظومة عملية متكاملة تضمن حماية فعالة للطفل في مختلف مجالات الحياة. ويضيف: “يبرز الواقع تجاوزات خطيرة في مجال حقوق الطفل تهدّد كيانه ومصلحته الفضلى من عنف يتزايد باستمرار وتفقير متعدد الأبعاد واستغلال اقتصادي وجنسي وعدم وصول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مثل الحق في الصحة والتعليم والسكن اللائق إلى عدد كبير”.
ويضيف “لقد احتدّت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تونس في هذه المرحلة الانتقالية المعقدة والصعبة ويبدو أن الطفولة هي الضحية الأولى لهذا الانتقال. لقد أصبحنا نلاحظ تزايدا لظواهر خطيرة مثل عمالة الأطفال والتشرّد والتسوّل ومحاولة الهجرة السرية وتسرّب مدرسي وانقطاع يبلغ عدده عشرات الآلاف من التلاميذ كل سنة.
ولعلّ جائحة كوفيد-19 قد زادت في تعرية أوضاع مأساوية تعيشها الطفولة. كما فاقمت في المخاطر التي تتهددها.
ومما لا شك فيه أن الطفولة في المناطق المهمشة والفقيرة تعيش إقصاءً مضاعفا وتتعرّض إلى انتهاك أكثر جسامة لحقوقها، ذلك أن هذه المناطق هي بطبعها مقصاة من دائرة السياسات العمومية ولا تتمتع بعناية خاصة في مجال الوصول إلى الحقوق والتمتّع بها”.
إننا أمام مرحلة حضارية دقيقة وفارقة تطرح على ضميرنا الجمعي سؤالا مركزيا وهو أي مستقبل يمكن أن نحلم به وأية تنمية إنسانية نريد ونحن نقصي الطفولة من مجتمعاتنا وتغيب عن سياساتنا حقوق الطفل؟ إن مجتمعاتنا اليوم أمام سؤال يتعلق بوجودها وهو الخروج من “الكسل الحضاري” والكف عن تجاهل حقوق الطفل وإعادة تعريف كل جوانب حياتنا المجتمعية على أساس البحث عن مصلحة الطفل الفضلى.
جهود عديدة
أما عن جهود المعهد العربي لحقوق الإنسان للدفاع عن حقوق هؤلاء الأطفال وتحسين أوضاعهم المعيشية والصحية والتعليمية، فيقول: “يعتبر المعهد العربي لحقوق الإنسان حقوق الطفل جزءا لا يتجزّأ من منظومة الحقوق والحريّات في بعدها الكوني والشامل وغير القابل للتجزئة. لقد ركزت مختلف أنشطة المعهد البحثية والتدريبية والتربوية والاتصالية على حقوق الطفل في المنطقة العربية عامة وفي تونس خاصة. ويمكن القول إن المعهد قد تمكّن من تحقيق مجموعة من الإنجازات الاستراتيجية في مجال حقوق الطفل نذكر من بينها أولا: إدماج مفهوم حقوق الطفل ومصلحته الفضلى في قلب الخطاب السياسي والثقافي والاجتماعي والتربوي، تطوير مقترحات حول سياسات عمومية تراعي حقوق الطفل ومصلحته وتقديم مقترحات عملية حول قوانين تحمي حقوق الطفل. بناء قدرات عدد كبير من العاملين والعاملات في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ووسائل الإعلام والمحامين والقضاة والعاملين على إنفاذ القانون من أجل تطوير معارفهم ومهاراتهم في مجال حماية حقوق الطفل. اقتراح سياسات ومناهج لإصلاح التعليم وضمان جودته. إثارة انتباه أصحاب القرار وصناع السياسات ومختلف الفئات الاجتماعية إلى قضايا محورية تتعلق بحقوق الطفل في الأوضاع الصعبة والهشّة مثل أوضاع العنف المسلط على الأطفال والإعاقة واللجوء والهجرة والتسرب المدرسي والفقر إلخ”.
ويوضح بن حسن أن المعهد أعدّ برنامجا وطنيا حول التربية على المواطنة وإصلاح التعليم. وأبرم سنة 2011 اتفاقية شراكة مع وزارة التربية بهدف توطيد التعاون بينهما ووضع استراتيجية وطنية لنشر ثقافة حقوق الإنسان والتربية على المواطنة في الوسط المدرسي والمساهمة في إصلاح المنظومة التربوية في تونس من خلال تجسيم منهج تربوي مناسب يساهم في إعداد الناشئة للمشاركة في الحياة العامة.
وفي سنة 2012 انضمّت إلى هذه الشراكة مجموعة العمل للتربية على المواطنة والمتكوّنة من 6 منظمات أممية وهي (اليونسكو، اليونيسيف، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، صندوق الأمم المتحدة الإنمائي، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة للسكان) وتعتبر هذه الشراكة – حسب محدثنا – مكسبا من مكاسب الثورة ساعدت في توحيد المبادرات والجهود ووضع خطة عمل موحّدة ومشتركة لتطوير الأدوات ومنهجيات التدخّل في مجال التربية على حقوق الإنسان والمواطنة في المجال الرسمي وغير الرسمي. وتتضمن اتفاقية الشراكة مع وزارة التربية ثلاثة محاور. ففي مجال البحوث تمّ مراجعة أكثر من 90 كتابا مدرسيا من أجل تطوير ومراجعة المنظومة التربوية اعتمادا على منظومة حقوق الإنسان ومبادئها والعمل على ملائمة محتويات البرامج والكتب المدرسية لأدبيات حقوق الإنسان ومواثيق واتفاقيات دوليّة. وفي مجال التدريب وتنمية قدرات الأطر التربوية تمّ تكوين وتمكين الفاعلين التربويين من مدرّسين ومدرّسات وأجهزة الإرشاد والتفقّد المدرسي والأطر العاملة بالمدارس والمعاهد في مواضيع تهم ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة وتقنيات التواصل والتنشيط بالفضاء المدرسي. أما في مجال مأسسة هذه التجربة فقد تمّ تركيز نوادي التربية على المواطنة في المدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد الثانوية وفي الجهات التي تعيش تهميشا اجتماعيا واقتصاديا. وتهدف تجربة هذه النوادي إلى تبسيط وتجسيد مبادئ حقوق الإنسان والتربية على المواطنة من مفاهيم نظرية إلى ممارسات يومية تساهم في تغيير سلوك الناشئة، بالإضافة لخلق فضاء للحوار والإبداع والتواصل لمواجهة العنف والتعصّب والتمييز وتنمية الفكر النّقدي وخلق قيادات شابة تشارك في الحياة المدرسيّة والشأن العام.
وأشار إلى أن المعهد العربي يشارك منذ سنة 2015 في لجنة قيادة إصلاح المنظومة التعليمية في تونس بالشراكة مع وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل.
إذاعة “السيدة” صوت المهمشين
كيف يمكن مواجهة التحديات التي تواجه هؤلاء الأطفال سواء الصعوبات النفسية أو الاقتصادية أو التعليمية وغيرها؟ يوضح رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان في تونس بأن المعهد أنشأ تجربة جديدة للقرب من قضايا الطفل وهموم المجتمع بافتتاحه لفضاء “دار السيدة”. مشيرا إلى أنه فضاء متعدد الأبعاد يقع في حيّ شعبي ويعمل على الإنصات لمشاكل المجتمع وقضاياه المعقّدة من فقر وحرمان وعنف وأميّة ويحاول الإجابة عليها بأدوات حقوقية. ويتابع :”لاحظنا إقبالا منقطع النظير لأطفال من مختلف الأعمار على هذا الفضاء الذي يعلمهم المواطنة وحقوق الإنسان باستعمال أدوات الفن التشكيلي والمسرح والسينما والقراءة. كما يعلمهم قيم التسامح والاختلاف والإنصات للآخر وحل المشاكل ومهارات التعامل مع المشاكل الاجتماعية. كما يجدر التنويه إلى أن هذا الفضاء المجتمعي المواطني يحتضن أطفالا من المهاجرين واللاجئين من جنسيات متعددة. فضاء أصبح مجال لقاء لأطفال تونس مع ثراء تجارب إنسانية أخرى تزيدهم قدرة على قبول الاختلاف واحترامه وبناء تجارب إنسانية جديدة”.
وفي آخر نشاطاته افتتح المعهد أيضا أول إذاعة تعنى بحقوق الإنسان في تونس لمزيد تسليط الضوء على منظومة حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الأطفال بشكل خاص. في هذا السياق يؤكد بن حسن بأن إذاعة “السيدة اف ام” هي تجربة إعلامية فريدة في منطقتنا العربية. إنها أول إذاعة متخصّصة في مجال حقوق الإنسان ستعمل على نشر ثقافتها في تونس وفي مختلف البلدان العربية. وهي إذاعة جمعياتية ستحاول إعطاء صوت لكلّ من لا صوت لهم من الذين يعانون إقصاءً وتهميشا وانتهاكا للحقوق. كما أنها ستعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان على أوسع نطاق ممكن والتعريف بالتجارب المدنية التي تحاول أن تغير الواقع نحو الأفضل وأن تبني قدرة الناس على تحسين شروط حياتهم.
ويوضح محدثنا بانه تمّ تخصيص حيز هام لحقوق الأطفال في برمجة الإذاعة وقال انه تم تدريب مجموعة من الأطفال على مهارات إعداد البرامج الإذاعية وتنشيطها. معربا عن أمله بأن تكون هذه الإذاعة منبرا هاما لتسليط الضوء على ثقافة حقوق الإنسان وأن تصبح منهجا لتغيير الواقع نحو الأفضل ولبناء دولة القانون والعدالة التي تعتبر كرامة كل إنسان مدخلا لبناء العيش معًا.
أرقام وإحصائيات مفزعة
ويقول الخبير والباحث في مجال الطفولة والأسرة إبراهيم الريحاني لـ”القدس العربي” إن تونس ورغم انها رائدة في مجال حقوق الطفل فهي تحتل المراتب الأولى عربيا وأفريقيا في وضع قوانين التي تضمن حماية الطفل وانضمامها إلى الاتفاقيات العالمية، ولكن رغم هذا فالمتأمل في وضع الطفولة في تونس إلى حدود هذا اليوم غير مطمئن استنادا للعديد من الأرقام والإحصائيات وآخرها ما تمّ الإعلان عنها في التقرير السنوي لمكتب مندوب حماية الطفولة لسنة 2019.
وأشار محدثنا إلى تضاعفت الإشعارات التي تلقاها مندوبو حماية الطفولة خلال 10 سنوات والتي سجلت عدد 17506 إشعارا سنة 2019 مقارنة بسنة 2009 والتي بلغت 8272 إشعارا فقط، مضيفا أنّ المعدّل اليومي من الإشعارات التي يتعامل معها مندوبو حماية الطفولة تقريبا 67.33 إشعار، أي ما يعادل 1.68 إشعار جديد في كل ساعة، و336 إشعارا في الأسبوع، وسجّل إقليم تونس الكبرى أكبر نسبة من الإشعارات (27.42 في المئة).
ورأى ان المنزل والفضاء الأسرى ما زال يشكّل مكان التهديد الأبرز من بين كل أماكن التهديد بـ 9432 إشعارا ونسبة 53.88 في المئة، ويليه الشارع بنسبة 21.38 في المئة (3743 إشعارا) ثمّ المؤسسات التربوية بنسبة 13.3 في المئة (2329 إشعارا).
ويتابع بالقول: “هذه الأرقام تحيلنا إلى أن التشريعات لوحدها غير كافية لحماية وحقوق الطفل بل هي نفسها تستحق العديد من التعديلات أهمها مصطلح الطفل الضحية لابد أن يضمن في المجلة وإلى العديد من الحقوق الأخرى كالحق في الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية المجانية في العديد من الحالات فمثلا الطفل المتوحد والأطفال الذين يعانون من اضطرابات منها صعوبات في التعلم تستوجب توفير اعتمادات مالية هامة لعملية التعهد ولكن أغلب العائلات التونسية لهؤلاء الأطفال يعانون بل إن أغلبهم نتيجة هذه الضغوطات يعيشون تهديد التفكك الأسرى”.
وأكد محدثنا بأن الأسرة التونسية نتيجة الواقع الاقتصادي والاجتماعي وأهمها غياب العدالة الاجتماعية، كل ذلك جعل من الطفل والفرد من المجتمع يتمرد على كل القيم والضوابط والقوانين فأصبح العنف لغتهم في التواصل. نتيجة عدم قدرتهم على التكيف بسبب غياب الأم والأسرة بحكم الزمن الاجتماعي لعمل الأم والأب الذي كرس الضغط النفسي للأبوين يقابله ضغط المنظومة التربوية وفقدانها لمضمون يخاطب الحاجيات والأساسيات للطفل مثل حاجته للعب والأمان والتقدير الذاتي. هذا الذي جعل من نسبة محاولة الانتحار والتي سجلت لسنة 2019 وفق هذا التقرير 400 حالة محاولة انتحار موزعة بين 315 حالة في صفوف الإناث و85 في صفوف الذكور.
وهناك العديد من الأرقام أيضا كتعريض الطفل للتسول والاستغلال الاقتصادي حيث بلغ نسبة 3.3 في المئة وهي تعتبر ضعيفة مقارنة بحجم العدد الذي نشاهده بالعين وهنا إحالة إلى الأرقام السوداء غير المعلن عنها.
رؤية شاملة للتغيير
ويوضح الريحاني بأن هذه الأرقام تختزل وضعية الأطفال خاصة في المناطق المهمشة نتيجة غياب العدالة الاجتماعية وتدهور الأوضاع الاقتصادية وتدهور القدرة الشرائية للفرد إلى جانب ارتفاع نسبة الفقر وارتفاع منسوب العنف والجرائم، إلى جانب الشعور باليأس والإحباط في صفوف الأطفال وخاصة منهم المراهقون نتيجة هذه الصور السلبية وتنميطها في مختلف مؤسسات التنشئة التربوية الأسرة والمدرسة والشارع والإعلام. كل هذا ساهم ان يكون التقدير الذاتي لأطفالنا سلبيا ومتدنيا مع القسوة والحرمان العاطفي الذي يعيشونه في أسرهم أفرزت العديد من الظواهر السلوكية كالتسول والهجرة غير الشرعية والإدمان على المخدرات خاصة في الوسط المدرسي وارتفاع عدد المنقطعين عن الدراسة سنويا بين 100 ألف وبين 120 ألف حالة تليها ارتفاع نسبة استغلال الأطفال في الجرائم المنظمة.
ويبقى السبب الأعمق في بروز هذه الظواهر هي القطيعة التي يعيشها الطفل بين مؤسسات التنشئة الاجتماعية واستقالتها على القيام بواجبها ومرافقة هؤلاء الأطفال من خلال تلبية حاجاتهم النفسية وتكريس حقوقهم على أرض الواقع بدون تمييز.
لهذا فإن الأطفال في المناطق المهمشة هم ضحايا للواقع الراهن ضاعوا بين انتظاراتهم وتطلعاتهم وبين ما هو موجود خاصة في ظل العولمة التي جعلت من العالم قرية صغيرة جعلته يعيش الإحباط والقلق والضغط النفسي نتيجة عدم اكتسابه لمهارات حياتية تمكنه من التكيف مع هذا الواقع فيتمرد على كل القيم والأطر.
وعن مقاربته لخريطة الطريق من أجل تجاوز هذا الواقع يجيب: “إن واقع الطفولة والأسرة في تونس يستدعي رؤية شاملة ومقاربة منفتحة على جميع المتدخلين لرسم هذه التصورات ورسم برامج تعمل للقضاء على هذا الضياع للطفل بين استقالة الأسرة وعدم نجاعة وجودة المنظومة التربوية، والتهديدات التي يلقاها في الشارع وغياب مادة إعلامية تنمي شخصيته. فالطفل في هذه المناطق محتاج إلى الأمان واحترام حقوقه وأهمها حقه في الحياة دون تمييز والذي لا يكون إلا بتوفر الأركان الهامة مثل برامج أساسها العدالة الاجتماعية، حسن هيكلة مؤسسات الطفولة، تعديل في التشريعات والقوانين المصاحبة والمتعلقة بحقوق الطفل التنسيق والحكمة الرشيدة التكوين والتأطير والمتابعة والتقييم والتقويم”. فهذه أهم مرتكزات الرؤيا التي تبني عليها مقاربة الإصلاح بشكل شامل وتشاركي يكون الطفل والأسرة مشاركين في بلورة انتظاراتهم وتصوراتهم للمستقبل.
القدس العربي