قررت الحكومة المغربية، خلال اجتماعها أمس الخميس في الرباط، تمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بسائر أقاليم المغرب إلى غاية 10 الشهر المقبل، وذلك في إطار الجهود المبذولة لمكافحة تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
وأفادت وكالة الأنباء المغربية أن مقتضيات المرسوم الصادر في هذا الشأن أعطت وزارة في الداخلية اتخاذ كافة التدابير المناسبة على صعيد البلاد، بما يتلاءم مع معطيات الوضع الوبائي. كما منحت ولاة الجهات وعمال العمالات (المحافظات) والأقاليم صلاحية اتخاذ جميع التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ النظام العام، خاصة الصحة العامة.
يأتي هذا القرار بعدما شهدت حالات الإصابة الجديدة بكورونا المستجد في المغرب ارتفاعاً متزايداً بتسجيل 1279 حالة، مقابل 708 حالات شفاء، وخمس وفيات، وفق المعطيات الرسمية التي أعلن عنها مساء أول أمس الأربعاء.
ورفعت الحصيلة الجديدة للإصابات بالفيروس العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالمملكة إلى 537 ألفاً و253 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 آذار/ مارس 2020، فيما بلغ مجموع حالات الشفاء التام 521 ألفاً و671 حالة، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 9341 حالة، ووصل مجموع الحالات النشطة إلى 6241 حالة.
وبلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الجديدة بأقسام الإنعاش والعناية المركزة المسجلة خلال 24 ساعة 47 حالة، ليصل العدد الإجمالي لهذه الحالات إلى 290.
أما عدد الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح المضاد للكوفيد فبلغ 10 ملايين و266 ألفاً و670 شخصاً، بينما وصل عدد المتلقين للجرعة الثانية إلى 9 ملايين و204 آلاف و753 شخصاً.
وزارة الصحة تحذر
وحذرت وزارة الصحة المغربية من “انتكاسة جديدة” للوضع الوبائي في البلاد، حيث أصدرت الأربعاء بياناً أوضحت فيه أنه “للأسبوع الثاني على التوالي، سجلت المنظومة الوطنية لليقظة والرصد الوبائي ارتفاعاً متسارعاً في عدد الحالات الجديدة المؤكدة بكوفيد-19، وكذا ارتفاعاً في عدد الحالات الحرجة، الأمر الذي ينذر بانتكاسة وبائية جديدة في حال استمرار لامبالاة المواطنين واستهتارهم وعدم تقيدهم بالإجراءات الوقائية والحاجزية”.
ولاحظت أن “هذا الوضع المقلق يأتي في سياق رفع القيود عن السفر الدولي وإعادة استئناف الأنشطة الاجتماعية والرياضية والثقافية، مع الرفع المتقدم لقيود الحجر الليلي والتنقلات الداخلية”.
ولتجنب اللجوء إلى تشديد الإجراءات، فإن وزارة الصحة تحذر المواطنات والمواطنين من الاستهانة بهذا الخطر المحدق بالمغرب، خاصة بعد ظهور حالات إصابة بالسلالات المتحورة سريعة الانتشار والعدوى، حيث سجلت منظومة اليقظة الجينومية مجموعة من الحالات الناتجة عن السلالات المتحورة لفيروس السارس كوف من بينها 43 حالة ناتجة عن المتحور “دلتا” في أربع جهات بالمغرب.
مع كل هذه المعطيات، يضيف البيان، فإنه يلاحظ بكل أسف تراخ تام، بل انعدام احترام التدابير الاحترازية والوقائية السهلة والبسيطة وغير المكلفة، بالرغم من التنبيهات المستمرة لوزارة الصحة.
كما تؤكد الوزارة أن أخذ جرعتي اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد لا يمنع من حمل ونقل الفيروس، كما أن المناعة الجماعية تستوجب تطعيم أزيد من ثلثي الساكنة على الأقل، وبالتالي لا بد من الاستمرار في التقيد بالإجراءات الوقائية، بالنسبة للأشخاص الملقحين وغير الملقحين.
البيان الذي تلقت “القدس العربي” نسخة منه، دعا إلى التقيد الصارم بالتدابير الوقائية، وهي: التباعد الاجتماعي وتفادي التجمعات غير الضرورية، والارتداء السليم للكمامة، وعدم لمس الفم والأنف والعينين قبل تعقيم اليدين، والغسل المتكرر لليدين بالماء والصابون أو بالمطهر الكحولي.
في السياق نفسه، أفاد علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، أنه رغم الاستراتيجية الاستباقية التي نهجها المغرب وقيود حالة الحجر الصحي وبعده الطوارئ الصحية، فما زالت البلاد لم تخرج بعد من عنق الزجاجة.
وذكر في حوار أجرته معه أسبوعية “المنعطف” في عددها الجديد أن المغرب حققت نتائج مهمة، بفعل توجيهات العاهل محمد السادس، بجانب قرارات اقتصادية واجتماعية أخرى والتي جنبت البلاد الأسوأ، علاوة على اعتماد عملية التطعيم الجماعي والمجاني لكافة الفئات المستهدفة، مواطنين ومقيمين، فضلاً عن مواصلة فرض قيود حالة الطوارئ الصحية والإجراءات الوقائية في حدها الأدنى وعودة الحياة بشكل تدريجي إلى طبيعتها مع استمرار عملية التلقيح.
ومع ذلك، يلاحظ المتحدث نفسه فالمغرب لم يخرج بعد من عنق الزجاجة، وليست له مناعة كافية شاملة ضد الجائحة وقد سلم من خطورتها، أو من متغيرات فيروس كوفيد 19، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار مستوى منظومتنا الصحية الهشة وغير العادلة مجالياً واجتماعياً، وفق تعبيره.
ويرى أن “الوضعية التي نعيشها في المغرب لا تسمح بالإغلاق الشامل أو حتى القيام بأية إجراءات توقف من جديد عجلة وانتعاش الاقتصاد، خاصة إذا علمنا أن مخلفات وتداعيات حالة الحجر الصحي والطوارئ الصحية، سيبدأ الشعور بها على المستوى الاقتصادي والمالي منذ الآن وستمتد ربما لسنوات أخرى، نظراً لهشاشة الاقتصاد المغربي وضعف السياسيات العمومية، بجانب توعية المواطنين بأهمية التباعد الاجتماعي واستعمال الكمامات الواقية والنظافة وتهوية أماكن العمل والسكن والابتعاد عن أماكن الازدحام”.
واستطرد قائلاً إن “الرسالة الأهم التي ستجنبنا انتكاسة جديدة وانتشار الفيروسات المتحورة التي اتضح أن منبعها الأشخاص الذين لم يستفيدوا من اللقاح، ليس في العودة إلى حالة الطوارئ الصحية وقيودها المفرطة التي ستعيد تجميد وتوقف الحركة الاقتصادية، بل أساساً في توعية المواطنين عبر وسائل الإعلام وفي الساحات العمومية بفرق خاصة بمفهوم توعوي تربوي، وليس أمنياً، ومراقبة المعامل التي تشغل آلاف العمال والعاملات في احترامها للتدابير الوقائية بأهمية التطعيم كأفضل وسيلة للوقاية وتجنب خطورة الفيروسات المتحورة، والالتزام الشديد بالإجراءات الاحترازية الوقائية، من ارتداء الكمامة بشكل سليم والتباعد الاجتماعي والجسدي وتجنب التجمعات الكبيرة، وأماكن الاكتظاظ كالأسواق والمسابح والشواطئ، والنظافة والصحة العامة.
المهاجرون يستنكرون خضوعهم للحجر الصحي
واستنكر عدد من المهاجرين المغاربة الوافدين على بلادهم خضوعهم للحجر الصحي في الفنادق مباشرة بعد دخول أرض الوطن، رغم قرار السلطات المغربية إعفاء الآتين من الدول المصنفة في اللائحة “ب” من الحجر الفندقي، ممن يتوفرون على شهادة تثبت تلقيهم لقاحاً معترفاً به في المغرب. واعتبر مصدر من المغاربة الذين جرى تطعيمهم، والقادمين من دول اللائحة “ب”، أن استمرار إخضاع هذه الفئة للحجر الفندقي هو قرار ظالم ومجحف في حقهم، مشيراً إلى أن الوافدين الجدد من هذه الدول خلال الثلاثة أيام الماضية، لم يخضعوا للحجر الفندقي واكتفوا بتقديم شهادة تثبت تطعيمهم إضافة لشهادة خلوهم من الفيروس، على خلاف القادمين قبل عدة أيام، حيث ما زالوا يمكثون بأحد الفنادق المعتمدة من قبل السلطات المغربية. ونقلت صحيفة “العمق” الإلكترونية عن مصدر وصفته بالمطلع قوله إن السلطات المحلية بعدد من المدن تجاوبت مع تلك الاحتجاجات والمطالب.
وأضافت أن إدارة فندق يوجد ضمن نزلائه مغاربة استفادوا من جرعتي اللقاح، طلبت أسماء الأشخاص الذي تلقوا اللقاح في بلدان اللائحة “ب” لتوجيهها إلى وزارة الصحة بهدف إخلاء سبيلهم. وأوضحت أنه جرى إخبار المغاربة المستفيدين من التطعيم والذين دخلوا الحجر الصحي قبل القرار الجديد للسلطات المغربية، أن طاقماً طبياً من وزارة الصحة سيزورهم وسيجري فحوصاً للنزلاء، وبعد التأكد من خلوهم من الفيروس يمكنهم مغادرة الفندق.
القدس العربي