تتواصل عمليات تحشيد الشارع التونسي للخروج في تحركات احتجاجية معارضة للرئيس قيس سعيد، بالتزامن مع وقفات مساندة له، ما دفع إلى بروز تحذيرات من صدام وشيك في الشارع، بعد أن تحوّلت وقفة احتجاجية، أمس الأحد، إلى مناوشات بين مجموعتين.
ونبّه سياسيون ونشطاء بالمجتمع المدني ومختصون في علم الاجتماع من مخاطر تهدد تونس بسبب التوتر الحاصل، وتحوّيل الخلافات السياسية إلى معارك في الشارع، خاصة بعد تصاعد الدعوات للخروج في تحركات احتجاجية أخرى.
وحذّروا من تفاقم عمليات التحشيد والخطاب السياسي المشحون، الذي أصبح يمثل تهديدًا مباشرًا للسلم الاجتماعي، خاصة بعد أن أعلن أنصار الرئيس سعيد اعتزامهم الخروج في تحرك مساند له في الـ3 من شهر تشرين الأول/أكتوبر المُقبل، بالتوازي مع تأكيد معارضي سعيّد على أن الوقفة الاحتجاجية، التي نفذوها يوم السبت الماضي، ستصبح تحرّكًا دوريًّا، يتم تنظيمه كل يوم سبت.
وقال الناشط السياسي عادل كعنيش إن التراشق بالتهم يتواصل من الجانبين مع مساعٍ لتجييش الشارع، وذلك دفاعًا عن ما سمي بـ“المشروعية“.
وأضاف، في تصريح لـ“إرم نيوز“، ”أن تلك التصرفات أخذت الآن حظها وتأكد الجميع أن هنالك انقساما اجتماعيا عميقا بين من يتمسك بالشرعية، ومن يعتبر أن المشروعية أقوى من الشرعية“.
واعتبر كعنيش ”أن الحل لا يكون إلا بحوار وطني، الذي من شأنه أن يتوّلى وضع خارطة طريق تُعبد المسار الذي يتم الاتفاق عليه وتعطي للمؤسسات دورها، طبق ما اقتضاه الدستور، بانتظار أن يقع تنقيحه باتفاق كل الأطراف“، مشددًا على أنه ”خارج الحوار سوف لن يكون هناك منتصر ومنهزم، بل سيكون الجميع منكسرون“.
الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي نبّه بدوره لـ ”خطورة الدعوات في هذه المرحلة الدقيقة إلى تجييش الشارع أو استعماله لاستعراض القوة أو التهديد بذلك، أو الاستنجاد بالأجنبي للتدخل في الشأن الداخلي، أو الضغط من أجل ذلك أو محاولة بث الفتنة بين الناس“.
وقال في تصريح لـ“إرم نيوز“ إن هذه الوسائل ”دنيئة وخسيسة“ ولا يمكن أن تساعد في حلحلة الأزمة المُركبة والعميقة التي تعيشها البلاد، بل بالعكس ستدفع نحو صراع داخلي وممارسة العنف والانزلاق نحو الفوضى.
في حين اعتبر الباحث في علم الاجتماع سامي نصر أن ”خروج الشعب إلى الشارع معطى إيجابي، لكن شحن التحركات والشيطنة المستمرة تحول الاحتجاجات إلى خطر حقيقي“.
وأضاف، في تصريح لـ“إرم نيوز“، أن ”غياب الأطر المؤسساتية للتعبير غيّر المعادلة، فأصبح من يعبئ (يكسب تأييد الشارع) أكثر هو الأجدر ورأيه الرأي الصواب“، ما يفتح الطريق لحرب التجييش و“حرب الكم“ في الشارع.
وأشار نصر إلى أن المخيف في ذلك هو تحول الشحنة العنيفة إلى ثقافة عنيفة، معتبرًا أن ”تونس مقدمة على دخول مرحلة الفوضى العارمة، التي يمكن أن تفضي إلى أشياء إيجابية لا يمكن تصورها، لكنها قد تفضي أيضًا إلى فوضى مخيفة“.
eremnews