ولاية الڨصرين هي إحدى الولايات التونسية الأربعة والعشرين، تقع في وسط غرب تونس يحدّها من الشمال ولاية الكاف ومن الغرب ولاية تبسّة الجزائرية ومن الجنوب ولاية قفصة ومن الشرق ولايتا سيدي بوزيد وسليانة. تضم القصرين أعلى قمّة جبلية في تونس وهي جبل الشعانبي الذي يعتبر امتدادا لسلسلة جبال الأطلس الصحراوي. وتحتوي الولاية على آثار رومانية وبيزنطية كثيرة (1/3 من جملة الأثار في الجمهورية التونسية) إضافة إلى قليل من الآثار الإسلامية في المدن التابعة لها مثل تلابت وحيدرة وتالة.
مثلت ولاية القصرين بميزاتها الطبيعية والجغرافية المتمثلة خاصة في غزارة مياهها الباطنية وعذوبتها المنفردة وتضاريسها الجبلية ، جسرا عبرت منه الحضارات عبر التاريخ مثلما تخلده المعالم الأثرية ، الرومانية والبيزنطية والإسلامية القائمة إلى حد لان بمعظم مدنها وقراها.
وقد اشتهرت مدن كثيرة في هذه المنطقة النابضة بالحركة والنشاط والعمران مثل سفيطلة وأميدرة وتلابت والسليوم وغيرها.
كما شهدت هذه الرقعة من تراب الوطن أول فتح عربي إسلامي تحت قيادة عبد الله بن الزبير وذلك حول مدينة سبيطلة سنة 674 م وتم من خلالها فتح كامل البلاد ثم شمال افر يفيا وجنوب أوروبا.
وفي تاريخها الحديث شهدت سهول فوسانة وبولعابة المعارك القبل الأخيرة للحرب العالمية الثانية والتي كانت فيصلا في انتصار الحلفاء على النازية كما آوت جبال الولاية فيالق الثورة المسلحة صد الاستعمار الفرنسي خلال ملحمة التحرير الوطنية.
تشتهر القصرين، اقتصاديا، بإنتاج الحلفاء التي يقع تحويلها في الشركة الوطنية لعجين الحلفاء وصنع الورق التي تأسست عام 1963، وفيما عدا هذا العمل فإن بقية الصناعات التي تغلب عليها الصناعات الغذائية، تتميز بصغر حجمها وضعف تشغيليتها.
ساهمت قبائل القصرين في مقاومة تجاوزات بعض الولاة العثمانيين أثناء الحكم العثماني في الإيالة التونسية حيث كان أغلبهم رحّلاً يمتهنون الرعي وتجارة الحبوب والتمر بين الشمال والجنوب فكان يصعب على الدولة جمع الضرائب منهم. ثم قامت تلك القبائل بثورة بقيادة علي بن غذاهم الماجري على الوالي العثماني أحمد باي في أواسط القرن الـ19 لقيامه بترفيع فاحش في الضرائب لأجل بناء قصر المحمدية على غرار قصر فرساي الفرنسي ظنّا منه أن القصور الفخمة من أسباب التقدّم لا من نتائجه. وحطّمت القبائل القصر بعد إفلاس خزينة الدولة ودخولها في ديون أجنبية كبيرة ساقتها إلى الدخول تحت الاستعمار الفرنسي باسم الحماية.
اهتمّ سكان القصرين بالعلوم الإسلامية ففتحوا مدرسة دينية في مدينة فريانة التي تقطنها غالبية من بني تليل الذين يكنّون احتراماً لأحد أجدادهم المسمّى بأحمد تليل الله أي ذبيح الله وهو من شيوخ الصوفية على الطريقة القادرية. وصارت المدرسة زاوية للطريقة ثمّ أصبحت فرعا من مدرسة جامع الزيتونة أكبر منارة للعلم في الشمال الإفريقي قبل جامع الأزهر بمصر وجامع القرويين بالمغرب الأقصى. ومازالت مدرسة فريانة المسماة حالياً بزاوية سيدي تليل تخرّج حفّاظاً وشيوخ علم رغم منع التعليم الديني في البلاد إبّان قيام الجمهورية على يد الحبيب بورقيبة أول رؤساء الجمهورية التونسية.
ساهمت القصرين بنسبة كبيرة في هروب بن علي من تونس وذلك باحتجاجاتها ومظاهراتها ( مسيرات التلاميذ في أول أسبوع بعد عطلة الشتاء ) من 26 ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011 مما أدى إلى سقوط أكثر من 40 شهيدا في كل من حي الزهور، حي النور، تالة، فوسانة، سبيطلة، حاسي الفريد… وتبقى ولاية القصرين قلعة نضال وصمود في وجه من يريد الشر لها، هذا ليس جديدا فالفراشيش كانوا ولازالو معارضين لأي نظام حاكم في تونس.
يحتل القطاع الفلاحي مكانة متميزة في اقتصاد الجهة وذلك باعتبار الدور الهام الذي يلعبه في تحقيق الأمن الغذائي والمساهمة الفعلية في تكريس التوازنات الاقتصادية وتوفير الشغل. وذلك بفضل القرارات التي فاقت 1400 قرارا مكنت من تحديثه وتأهيله وإصلاح هياكله وجعله ينفرد بنجاح في منظومة الإنتاج والتصدير عبر شبكة متكاملة من منشآت تعبئة الموارد المائية بلغت ما يقارب 5000 بئر سطحية مجهزة و 800 بئر عميقة 96 وحدة بين بحيرات وسدود جبلية ساهمت في توسيع مساحات المناطق السقوية لتتجاوز 24 ألف هكتار، مما جعل الجهة تحتل الصدارة في زراعات معينة منها البيولوجية وآخر فصلي وخاصة الطماطم والبطاطا التي يتجاوز حجم إنتاجها 109 ألف طن بالإضافة إلى تخصصها في مجال الأشجار المثمرة.
يأتي التفاح الذي تجاوز محصوله السنوي 60 ألف طن سنة 2008 والمشمش والتين الشوكي فضلا عن دورها المتميز في تزويد السوق الوطنية بالعديد من المنتوجات مثل الخرفان والعسل والزقوقو وزيت الإكليل وهي خاصيات جهوية تكرسها طبيعة التربة والمناخ. ويعتبر قطاع تربية الماشية بالجهة ثاني قطاع محوري في الاقتصاد الزراعي بالمنطقة.
تشتهر القصرين بالقصبة الشاوية والقصبة التونسية ولها عديد الفنانين البارزين في هذا النمط الغنائي المتميز، من أبرزهم الشاب صاليح رضا المساهلي، الشاب جيلاني، منجي فيالة، زينة القصرينية، سعيد الغيلاني والعديد من المغنين الاخرين الذين سطع نجمهم في ولاية القصرين.