عزيزة عثمانة أميرة من أصل عثماني، فهي ابنة أبي العباس أحمد بن محمد بن عثمان داي الذي حكم البلاد التونسية فيما بين سنتي 1593 و1610م، فهي من أحفاد عثمان داي الذي وهبها في صغرها الكثير من أراضي المثاليث الممتدة بين صفاقس والمهدية، ومن هنا جاء تلقيبها بـ”عُثمانة”، اشتهرت الأميرة عزيزة عثمانة بالبر والإحسان والتقوى، لا نعرف تحديدًا تاريخ ولادتها، ولكن يظهر أنها من مواليد بداية القرن السابع عشر، وتوفيت سنة 1669م.
تزوجت من حمودة باشا المرادي، وأدت فريضة الحج، وعند عودتها أعتقت ما لديها من عبيد، ثم اتجهت إلى الأعمال الخيرية.
وإذ لا تتوفر معلومات كافية عن حياتها، فإن ما تركته من أوقاف يشهد لها بعطائها وروحها الإنسانية الفياضة. وعطفها على الفقراء والمساكين والمرضى والعجّز. فقد كانت تملك عقارات شاسعة تقع بولايتي صفاقس والمهدية الحاليتين، وأوصت بوقف ثلث تلك الأملاك ومساحتها تناهز التسعين ألف هكتار على عدد من المشاريع الخيرية الدينية والإنسانية، من بينها عتق العبيد وإعالة العجّز وقراءة القرآن الكريم، وختن أبناء الفقراء وتجهيز الفتيات الفقيرات للزواج.
ومن أهم الإنجازات التي حققتها تخصيص جانب من وقفها لتمويل مارستان بالقصبة لمعالجة الفقراء وإيواء العجز، وهو من أقدم المستشفيات في العاصمة التونسية، أطلق عليه الفرنسيون في عهد الحماية الفرنسية على الإيالة التونسية (1881 – 1956م) اسم المستشفى الصادقي.
لكن حكومة الاستقلال أعادت الأمور إلى نصابها فسمته باسم منشئته مستشفى عزيزة عُثمانة، تُوفيت هذه السيدة سنة 1669، فدُفنت قرب المدرسة الشماعية، في مقام الولي سيدي بن عروس، عند قدمي جدها عثمان داي، وكانت قد أوصت بتحبيس بعض الأموال لكي يوضع على قبرها فجر كل يوم إكليلٌ من الزهور حسب الفصول، وإن تلاشت هذه العادة حاليًّا، فقد حافظت بعض فتيات العائلات بمدينة تونس العتيقة على وضع الزهورعلى قبرها عند حلول الربيع من كل سنة.
تخليدا لذكراها أطلق اسمها على أحد أقدم مستشفيات مدينة تونس، وهو مستشفى عزيزة عثمانة الذي يقع قرب الوزارة الأولى بالقصبة، خاصة وأن المرأة قد خصصت جانبا من أوقافها لتسديد مصاريفه ومختلف لوازمه. كما أن هناك بعض الأنهج والشوارع تحمل اسمها، من ذلك نهج بصفاقس وحمام الأنف وشارع بالمنزه السابع…
دفنت قرب المدرسة الشماعية بمدينة تونس. ومن الطريف أنها خصصت حبسا كي يوضع عند طلوع كل فجر إكليل من الزهور على قبرها.