عندما يسمع أي عاشق كرة قدم بالجوهرة السوداء، فإن أول من يتبادر إلى ذهنه، الأسطورة بيليه الذي يشتهر بهذا اللقب، ولكن في واقع الأمر هناك لاعب سبق أيقونة البرازيل إلى حمل هذا اللقب.
يعد النجم المغربي العربي بن مبارك من أوائل اللاعبين العرب الذين احترفوا في الملاعب الأوروبية، إذ انضم لمارسيليا الفرنسي في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي قبل أن يحط الرحال في الملاعب الإسبانية.
كان بن مبارك يُلقب بـ “الجوهرة السوداء”، وهو اللقب الذي انتقل فيما بعد لأسطورة كرة القدم البرازيلية والعالمية بيليه، وكان يتميز بالقوة والسرعة والمهارات الفنية العالية، فضلا عن قدرته الفائقة على إحراز الأهداف.
ولد العربي بن مبارك يوم 16 يونيو/حزيران 1917 بمدينة الدار البيضاء. نشأ يتيما حيث تعهدته جدته، وعاش طفولته بحي شعبي في وضع اقتصادي متواضع اضطره مبكرا إلى تعاطي بعض الأعمال البسيطة لمساعدة الأسرة، حيث كان مستخدما لدى محل للنجارة.
شغف الطفل بن مبارك بممارسة لعب كرة القدم في المساحات الفارغة التي كانت توجد بمختلف أحياء الدار البيضاء، المدينة التي كانت تتوسع في ظل نظام الاحتلال الفرنسي. فقد كانت ملاعب هذه الأحياء بمثابة مدارس التكوين التي تخرج فيها نجوم الكرة المغربية، في غياب بنيات رياضية احترافية.
بدأ اسم ابن مبارك يتداول في أوساط متابعي الكرة بالأحياء الشعبية المغربية التي كانت المدرسة الحقيقية للاعبي الكرة آنذاك، وساهم في تكوين فريق بالحي الذي يقطن فيه، ليصل صيته من خلال دوريات الهواة إلى المنقبين عن المواهب، فانضم لفريق “اليسام”، أشهر الأندية المغربية “الفرنسية” حينها.
ومن محيطه الشعبي المتواضع نقلته موهبته الفذة إلى فرنسا، حيث انضم عام 1938 إلى أولمبيك مرسيليا، ليكون أول لاعب عربي يحترف في أوروبا.
قاد ابن مبارك نادي مارسيليا لاحتلال المركز الثاني في الدوري الفرنسي الممتاز، وأنهى الموسم كهداف للفريق بـ12 هدفا، لكن مسيرته في فريق الجنوب الفرنسي توقفت بعد موسم واحد فقط، بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939.
توج ابن مبارك مع “الروخي بلانكوس” بلقب الدوري الإسباني في موسمين متتاليين 1949/1950 و1951/1952، وكانت حقبة اللاعب المغربي مع الأتلتيكو تاريخية في سجلات النادي الإسباني.
حظي النجم المغربي بن مبارك بإشادة من “الملك” بيليه الذي أثنى على مهاراته الفنية. وقد نسب إلى بيليه -الذي تجمعه صورة شهيرة بالراحل- قوله “إن كنت أنا ملك الكرة، فإن بن مبارك هو إلهها”.
عاش بن مبارك وحيدا في آخر حياته بعد وفاة زوجته، ووافته المنية عام 1992.