الحسيمة (بالأمازيغية ⵍⵃⵓⵙⵉⵎⴰ) مدينة مغربية ساحلية، تحيط بها تضاريس جبلية، وتقع في منتصف الشريط الساحلي المتوسطي المغربي. هي من أهم حواضر منطقة الريف الكبرى وهي العاصمة الإدارية لإقليم الحسيمة. بلغ عدد سكان الجماعة الحضرية للحسيمة 56،716 نسمة في إحصاء 2004، و399،654 نسمة باحتساب المراكز الحضرية الناشئة المحيطة.
رغم كونها من الحواضر التي أسست في القرن العشرين، للحسيمة رمزية تاريخية كبيرة في التاريخين الريفي والمغربي، حيث كانت إحدى أهم المراكز العسكرية الحاسمة في تطورات حرب الريف، وكانت إحدى حواضرها أجدير، عاصمة لجمهورية الريف (1921-1926) التي تلت انتصار المقاومة الريفية، بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي على المستعمر الإسباني. عانت المدينة، خلال تاريخها المعاصر، وعلى غرار باقي مناطق الشمال المغربي، من تهميش اقتصادي واجتماعي إرادي من طرف الدولة المغربية، مما جعلها بؤرة احتجاج سياسي دائمة(انتفاضة الريف 1958-1959 وانتفاضة 1984). عرفت المدينة، منذ بداية الألفية الثالثة، وخصوصا بعد زلزال 2004، مسلسل جبر ضرر اقتصادي واجتماعي عبر مجموعة من المشاريع الاقتصادية وتنمية البنيات التحتية.
امتد عمق تاريخ منطقة الحسيمة إلى 8000 سنة خلت. عرفت المنطقة تعاقب مجموعة من الحقب المهمة بدءا بالفترتين الفينيقية والرومانية، مرورا بمرحلة الفتح الإسلامي، ثم الاحتكاك مع القوى الاستعمارية الأوروبية ثم حرب الريف ومرحلة الاستقلال.
رغم توقيع اتفاقية إيكس ليبان وإعلان استقلال المغرب سنة 1956، استمر جيش التحرير المغربي في التواجد في منطقتي الريف الشرقي والأوسط، وقاد عمليات عسكرية في مثلث أكنول-بورد-تيزي وسلي، بين 1953 و 1955. استمرت فصائل من جيش التحرير المغربي في العمل الميداني، لعدم اعترافها بنتائج اتفاقية إيكس ليبان، ولخلافها السياسي مع ثنائية القصر/حزب الاستقلال التي دبرت مسلسل الاستقلال. انضافت إلى هذا السياق عوامل أخرى من بينها تهميش نخب المنطقة في الإدارة المغربية الوليدة آنذاك.
أدت هذه الوضعية إلى انطلاق مسلسل عنف سياسي في الريف، وانتهاكات حقوق إنسان، تمثلت في المعتقلات التي أنشأها حزب الاستقلال، لضبط وتصفية خصومه السياسيين، وكانت لمنطقة الحسيمة نصيب من هذه المعتقلات في تارجيست والمعهد الديني بالحسيمة ودار الحرس الغابوي بالحسيمة و أجدير.
يعتبر قطاع الصيد البحري من أهم القطاعات الاقتصادية بالمدينة، ويستفيد من شريط صيد ساحلي ممتد على 100 كلم، يمتد بين وادي سيدي مفتوح، في حدود إقليم شفشاون، إلى وادي سيدي صالح، في حدود إقليم الناضور. حسب إحصائيات 2010، يشغل القطاع عمالة تقدر ب 7000 عامل ، بينهم 3200 بحارا، منهم 1900 في وحدات الصيد الساحلي، و1300 في قوارب الصيد التقليدي. بلغت كمية التفريغ في مينائي المدينة ما مجموعه 174 11 طنا، بقيمة 117.2 مليون درهم. ويعتبر ميناء الحسيمة هو خامس ميناء مغربي في حجم الإنتاج السمكي.
توجد بالحسيمة وحدة لمعالجة وتبريد السمك، بلغ حجم إنتاجها 218 3 طنا سنة 2010، خصوصا لأنواع السمك الأبيض والقشريات والرأسقدميات وسمك السيف.
رغم توفر المدينة على عوامل جذب سياحي مهمة، كالشواطئ والمناطق الجبلية، إضافة إلى تواجد متنزه وطني طبيعي بالإقليم، إلا أن القطاع السياحي بالمدينة كان دائما يعني من عائقين هيكليين: ضعف الطاقة الإيوائية بالجهة وصعوبة الولوج إلى المنطقة.
في 2013، وحسب إحصائيات المندوبية الجهوية للسياحة، ضمت الجهة 43 وحدة فندقية مصنفة بطاقة إيوائية بلغت 1916 سريرا، وبلغ عدد السياح الوافدين على إقليم الحسيمة 343 28، أي بزيادة 16 بالمائة مقارنة ب 2012. حسب المخطط التنموي للجهة، الذي يضم 37 مشروعا، للتنفيذ بين 2011 و2020، يتوقع أن تتطور الطاقة الإيوائية إلى 9 آلاف سرير (منها 3800 بالحسيمة]) وحجم الاستقطاب إلى 225 ألف سائح سنويا، في أفق 2020.
أما بخصوص تحسين الولوجية إلى الإقليم، فقد تم ربط المدينة بالمدار المتوسطي، منذ 2007، وإنجاز ميناء المسافرين، سنة 2007، إضافة للمشروع الجاري لتثنية الطريق بين الحسيمة وتازة لوصل الحسيمة بالشبكة الوطنية للطرق السيارة.
عتبر جهة الريف عموماً ومدينة الحسيمة خصوصاً من المناطق الأثرية التي تزخر بمقومات جغرافية وثقافية تغوص جذورها في تاريخ المغرب العريق إذ لطالما ٱعتبرت جوهرة البحر الأبيض المتوسط قبلة سياحية شاطئية وجبلية متوسطية وإيكولوجية مفضلة للزوار الأجانب خاصة الإسبان بٱعتبارها تشكل نقطة التقاء الحضارات الغربية والشرقية إلى ماقبل الإستعمار وتكوين قلب الحضارة العربية في الغرب (الأندلس). ولعل المأثر التاريخية التي تربض بين جنباتها تعد شاهد إثبات على أصالة هذه المدينة، فهي تمتاز بمعالم أثريه من قلاع عسكرية ظلت شامخة شموخ رجال صنعوا تاريخها كما تمتاز مدينة الحسيمة بهوائها النقي ونسيمها العليل المنبعث من البحر الأبيض المتوسط إضافة إلى تضاريسها الجميلة وشواطئها الرملية الناعمة والذّهبيّة ومساجدها وأزقتها وعادات وتقاليد ساكنتها الريفية الأمازيغية بنسبة كبيرة التي تعد شاهدا حيا على تاريخ هذه المدينة.