عيد الفطر أو “العيد الصغير” كما يلقبه المغاربة، مناسبة تكتسي سنويا طابعا خاصا بالمملكة لممارسة عادات وتقاليد اجتماعية ودينية، وفرصة كذلك لإحياء صلة الرحم وزيارة العائلة والأقارب.
تستقبل النساء العيد عادة بملابس تقليدية تم اقتناؤها خصيصا لهذه المناسبة، وببيوت نظيفة لاستقبال الضيوف صبيحة العيد، وحلويات لتزيين المائدة تحضر في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك.
في آخر ليلة من شهر رمضان، يخرج “النفّار” أو “المسحراتي” ليجول في الأحياء طالباً زكاة الفطر، بينما تحرص النساء على استقبال هذه المناسبة بمنازل نظيفة، بينما تنبعث روائح البخور والمسك من كل البيوت.
وتتوجه ربّات البيوت إلى المطبخ لوضع اللمسات الأخيرة على أطباق الحلويات و”فطائر العيد” التي ستُقدَم في صباح العيد، مثل “المسمن” أو “البغرير”، إضافة إلى أشهر الحلويات المصنوعة بالتمر، و”كعب الغزال” و”المحنشة”، وكلّها حلويات تقليدية مغربية، لا تستقيم مائدة العيد من دونها.
كان للعيد معنى آخر عند الأطفال في السابق، حيث كانت مناسبة لاقتناء ملابس جديدة، الحصول على النقود من طرق أفراد العائلة، أداء صلاة العيد، ثم اللعب مع أطفال الجيران. هذه الهدايا لم يكن الأطفال يحصل عليها آنذاك إلا يوم العيد.
أما الآن فإن الأطفال فإن هذه الأشياء الخاصة التي كانت تجعلهم يفرحون بالعيد أصبحوا يحصلون عليها طيلة السنة. فالطفل يحصل على الثياب الجديدة في كل الأوقات، ويحصلون على الهدايا بدون مناسبات.
كما يتميز عيد الفطر بإغناء الفقراء عن السؤال بدفع زكاة الفطر الواجبة على كل فرد مسلم لديه قوت يوم وليلة في ليلة العيد وتؤدى قبل صلاة العيد. وأول أعمال العيد تكون صلاة العيد في صباح العيد بعد شروق الشمس بثلث ساعة تقريبًا، ويلتقي المسلمون في العيد ويتبادلون التهاني ويزورون أهليهم وأقرباءهم وهذا ما يعرف بصلة الرحم. كما يزور المسلم أصدقاءه ويستقبل أصحابه وجيرانه، ويعطفون على الفقراء. وقد جرت العادة في كثير من البلدان الإسلامية بأن يأكل المسلمون الحلويات ويتبادلونها كالتمر أو كعك العيد المحشو بالتمر وغيرها حسب البلد وعاداته.
لقد تميزت أعياد المسلمين عن غيرها من أعياد الجاهلية بأنها قربة وطاعة لله وفيها تعظيم الله وذكره كالتكبير في العيدين وحضور الصلاة في جماعة وتوزيع زكاة الفطر مع إظهار الفرح والسرور على نعمة العيدين ونعمة إتمام الصيام في الفطر. والمسلمون يتسامون بأعيادهم ويربطونها بأمجادهم، ويتحقق في العيد البعد الروحي للدين الإسلامي ويكون للعيد من العموم والشمول ما يجعل الناس جميعًا يشاركون في تحقيق هذه المعاني واستشعار آثارها المباركة ومعايشة أحداث العيد كلما دار الزمن وتجدد العيد. فالعيد في الإسلام ليس ذكريات مضت أو مواقف خاصة لكبراء وزعماء، بل كل مسلم له بالعيد صلة وواقع متجدد على مدى الحياة.
العيد يزور المغرب هذه السنة في ظل إجراءات مشددة اتخذتها السلطات لمواجهة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19)، الذي تفشى في دول العالم.
في هذا الوضع غير المسبوق، جاء العيد هذه السنة بلا أية مظاهر أو طقوس، في مشهد لم يألفه المغاربة، الذين يعيشون حظر تجوال مستمر منذ شهرين.
كان المشهد المعتاد في المملكة شوارع مكتظة برجال ونساء وأطفال في طريقهم لأداء صلاة العيد، وأصوات تكبيرات العيد تنطلق من مكبرات الصوت، ومصليات عامرة بالمصلين.
وعلى أمل إبقاء الفيروس تحت السيطرة، قيدت السلطات حركة السكان وأغلقت أغلب المحلات والمؤسسات، ضمن حالة طوارئ صحية تفرضها منذ 20 مارس/ آذار الماضي وتستمر حتى 10 يونيو/ حزيران المقبل.
وقبل العيد، كان شهر رمضان المبارك هو الآخر خاليًا من أية طقوس؛ بسبب إغلاق المساجد والأسواق والمحال التجارية، وتقييد الحركة.
ويعد عيد الفطر في المغرب من أهم المناسبات التي تحظى بطقوس وعادات خاصة، وهو فرصة للتزاور وتبادل المعايدات، وإحدى المناسبات القليلة في العام لالتقاء العائلات التي تفرق أبناؤها في المدن؛ لغرض الدراسة والعمل وغيرهما.