في مركز تدريب متواضع في مطار كابول، وجدت عشرات الكلاب التي تخلّى عنها أصحابها خلال عمليات الإجلاء من أفغانستان الشهر الماضي، مقرّا جديدا بانتظار عودتها لعملها السابق: الكشف عن القنابل والمتفجرات.
وفي حين بقيت هويّة أصحابها مجهولة، أفاد المدربون الجدد بأنّهم عثروا على عدد كبير من هذه الكلاب في القسم الذي كانت تستخدمه القوات الأمريكية في مطار العاصمة الأفغانية قبل خروجها من البلاد في 30 آب/ أغسطس الماضي.
والكلاب هذه بعض مما تركه المقيمون الأجانب والقوات التي اجتاحت البلاد قبل عقدين وخرجت على عجل مع سيطرة حركة طالبان المتشددة على أفغانستان، حاملة على متن طائراتها نحو 120 ألف شخص.
وقال المدرّب هِواد عزيزي الذي يعمل في شركة تتولى الأمن في المطار، إنّه خرج بحثا عن كلاب قد تكون تُركت في المطار بمجرد مغادرة آخر جندي أمريكي. وأوضح متحدّثا لوكالة فرانس برس في مركز التدريب الذي يقع قبالة حظائر الطائرات والمعدات العسكرية الامريكية “عندما رأيت (الجنود يغادرون) ذهبت لإنقاذ الكلاب”.
وعثر عزيزي على 30 كلبا، نصفهم في المنطقة التي كانت تسيطر عليها القوات الأمريكية، فيما عُثر على كلاب أخرى في مناطق تابعة للشرطة الأفغانية. وأوضح “في الجانب الأمريكي، عثرت على حوالي 15 أو 16 كلباً”.
وتحظى الكلاب حاليا بالرعاية والتدريب على أيدي عزيزي وزملائه في مركز التدريب التابع للشركة الأمنية وهو عبارة عن حاويتين كبيرتين تفصل بينهما أرض عشبية.
وفي 30 آب/ أغسطس الماضي، سحبت الولايات المتحدة آخر قواتها من أفغانستان، منهية بذلك أطول حرب خاضتها وذلك قبيل الذكرى السنوية العشرين لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 التي أدت إلى الاجتياح الأمريكي.
بعد ساعات من مغادرة آخر جندي أمريكي، أفادت جمعية “بيتا” للرفق بالحيوان بأنّ القوات الأميركية تركت 60 كلباً متخصّصا في كشف المتفجرات إضافة إلى 60 كلباً آخر.
وأطلقت نداء ناشدت فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن التدخّل، مؤكّدة أنّها استقت من مصادر مطّلعة معلوماتها عن ترك العسكريين الأمريكيين هذه الكلاب في أفغانستان. لكن البنتاغون نفى أن يكون عسكريوه قد تركوا بعضاً من كلابهم، سواء العسكرية أو الأليفة، في مطار كابول.
وقال المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي إنّه “خلافاً للمعلومات غير الدقيقة، لم يترك الجيش الأميركي كلاباً داخل أقفاص في مطار حامد كرزاي الدولي، ولا سيّما كلاب عسكرية مزعومة”.
وعزيزي وزملاؤه غير متأكّدين من هوية أصحاب الكلاب، لكنّ تركيزهم ينصب حاليا على طريقة إعادتهم إلى العمل عندما يستعيد مطار كابول نشاطاته. وقال عزيزي “لقد أجرينا تدريبات لها لمعرفة ما (هي مدربة) عليه بالضبط”، مضيفاً أنهم سرعان ما أدركوا “أنّها كلاب تشم القنابل”.
وكلب عزيزي المفضل، ريكس، هو أحد هذه الكلاب. ففي كل يوم، يأخذ الكلب البني اللون في نزهة في منطقة مهجورة صغيرة على بعد أمتار قليلة من ثلاث طائرات قديمة تابعة للقوات الجوية الأفغانية.
ويخفي عزيزي صندوقا تنبعث منه رائحة المتفجرات ويرسل ريكس للعثور عليه في مساحة صغيرة تتوزع في بعض أرجائها بقايا الرصاص وأكياس وجبات عسكرية أمريكية فارغة. وبعد ثوانٍ، يعثر ريكس على الصندوق ويُمنح كرة للعب بها كمكافأة.
وبحسب محمد مريد (45 عاما)، المشرف على المركز الذي يعمل تحت مظلة “غاك” وهي شركة تتخذ من الإمارات مقرا وتتولى العمليات الأرضية والأمنية في المطار، فإنّه يجري تدريب الكلاب “لمعرفة كيف يمكننا استخدامها”. وقال “نحن نطعمها ونمنحها الماء وننظفها”.
وقد تعود الكلاب إلى عملها السابق قريبا مع إعادة فتح المطار تدريجيا، بعدما أغلق أبوابه لإجراء إصلاحات وترتيب الأمور الإدارية في أعقاب عمليات الإجلاء التي طغت عليها الفوضى.
وبعد رحلتين للطيران العارض الأسبوع الماضي، حطت طائرة مدنية في مطار كابول آتية من إسلام أباد الاثنين، للمرة الأولى منذ استعادة حركة طالبان السيطرة على البلاد في 15 آب/ أغسطس.
أ ف ب