موقع المغرب العربي الإخباري :
لا شك أن القيم والمعايير والديمقراطية الأمريكية قبل طوفان الأقصى لم تعد كما هي الآن بسبب ضعف إدارة البيت الابيض حيث تمكن نتنياهو وحكومته المتطرفة من استغلال هذا الضعف ،وإشعال حرائق تدريجية في هذه الديمقراطية وتلك القيم ،ومع استمرار انصياع بعض شخوص الإدارة لإملاءات اللوبي الصهيوني فقد تداعى العقل الأمريكي الوازن ممثلا بطلبة الجامعات وأساتذتها لإنقاذ أمريكا وإطفاء تلك الحرائق التي أشعلها المتطرفون الصهاينة ومع سيطرة اللوبي الصهيوني على الكونغرس أصبح التعامل مع المظاهرات الطلابية أمرا معقدا وخارجا عن أصول الديمقراطية السائدة في الجامعات حيث جرى شيطنتها وظهر سلوك الحزبين الجمهوري والديمقراطي في هذه الأزمة بمستوى غير لائق بالديمقراطية المعهودة فما يحدث الآن من سلوك رسمي في الجامعات الأمريكية لم يكن مقبولا في أي وقت سابق لدى أي حكومة أمريكية حتى أن المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان كانت ترضخ للضغوط الأمريكية فتعاقب تلك الدول لنفس الأفعال الحاصلة في أمريكا ولكنها لا تحرك ساكنا الآن حيال ما يحدث في الجامعات الأمريكية ،ولم يكتفي نتنياهو بإشعال تلك الحرائق بل يحاول والمتطرفين معه قصف الديمقراطية الأمريكية قصفا عشوائيا كما يفعل مع أطفال ونساء ومستشفيات غزة لإحداث حالة من الإنقسام والفوضى داخل المجتمع الأمريكي المتماسك لصالح المشروع الصهيوني الذي يحلم به المتطرفون ممن لا يؤمنون بالسلام ولا بقيام دولة فلسطينية ولا يعيرون اهتماما للقانون الدولي بعد نجاحهم في إغراق بعض مكاتب البيت الأبيض فوقع الخطأ باستخدام الفيتو مؤخرا ضد قرارات وقف إطلاق النار وضد الإعتراف بالدولة الفلسطينية رفضا للاجماع الدولي وإنجرارا خلف الكيان المحتل.
وأعتقد أن محاولات نتنياهو واللوبي الصهيوني ستفشل أمام إرادة أحرار أمريكا وذكائهم وقدرة الدولة العميقة في أمريكا على التدخل المناسب لتحييد خطر اللوبي الصهيوني على الأمن القومي الأمريكي والسير مع مصالح امريكا الحقيقية في الشرق الاوسط من خلال حلفائها الموثوقين في المنطقة للمحافظة على سمعة ومكانة أمريكا المرموقة مع ضمان عدم وقوعها من جديد في هذه الزلات التي انزلقت إليها بسبب فشل سياساتها الخارجية وازدواجية المعايير بشكل فاضح ومخالف للقانون ،وأعتقد أيضا أن على الدول العربية والإسلامية المتفرجة أن تغير من استراتيجياتها الحالية التي تبنى على الصمت والخوف الاستراتيجي لتتلاقى مع استراتيجيات شباب الجامعات الأمريكية قادة المستقبل ،فالجرائم الإسرائيلية التي أرتكبت في غزة بدعم عسكري وسياسي ودبلوماسي أمريكي ما كان لها ان تحدث لولا فشل البيت الأبيض في تطبيق أبسط قواعد القانون و العدالة ،ولولا ذلك الصمت العربي والإسلامي أمام إزدواجية المعايير وقتل وتجويع الأطفال لما استمرت تلك الجرائم حتى هذا التاريخ ،وها هو نتنياهو يهدد باجتياح رفح حتى لو تمت الموافقة على وقف الحرب وبالرغم من الضغوط التي مارستها أمريكا على المقاومة الفلسطينية بطرق متعددة ،وهذا يعتبر تحد سافر لأمريكا والعالم والإنسانية وكلي ثقة بأن العقل الأمريكي الذي يحكم العالم لن يسمح باستمرار هذه المهزلة ،وهذا التخبط فلم يعد بيد البيت الأبيض أي أوراق إستراتيجية رابحة ولم يعد مكان للمتطرفين في هذا العالم ،وإذا لم تتدخل أمريكا في الوقت المناسب لمعالجة الجروح والإصابات والخروج من هذه الأزمة بغير إملاءات اللوبي الصهيوني والمتصهينين الذين أصبحوا يشكلون خطرا استراتيجيا على الأمن القومي الأمريكي والدولي ،فإن النتائج ستكون وخيمة على العالم أجمع والخاسر الاكبر هو أمريكا.
عميد اردني متقاعد
انسخ الرابط :
Copied