سندة طاجين خريجة كلية الاقتصاد والتصرف انضمت الى موقع بيزنس نيوز كرئيس تحرير مساعد تختص في التحرير باللغة الفرنسية لقد تجرأت على نشر مقالة لها في صحيفة اسرائيلية thé times of Israël.. في تاريخ 15 ماي 2017..ولم يتفطن احد إلى المقالة لكن ظهورها الاعلامي المتصاعد دفع البعض الى كشف خطيئتها منذ عامين في زحمة الانتخابات.. انه صراع الملفات بين المتطاحنين من أجل الحكم..
رغم ان دفاع الصحفي نزار بهلول عن زميلته ليس إلا محاولة عاطفية لطمس الخبر وتحويل وجهته الي الصراع ضد الإسلاميين حسب زعمه.
ونحن إنما ننظر الي الخبر مجردا باعتباره محاولة متجددة من دوائر اسرائيلية لاختراق المجال التونسي.
هل يمكن ان نقبل بامكانية نشر المقال في الصحافة الإسرائيلية دون علم صاحبة المقال ودون موافقتها.. ؟
لماذا لم تعترض منذ عامين على نشر المقالة.؟ ولماذا صمتت.. ؟
كيف يمكن ان نتدبر دلالة هذه الفعلة أخلاقيا وسياسيا.. في سياق تحولات سياسية مأساوية في المشهد التونسي ؟
في البدء.. فإن نشر المقال في صحيفة اسرائيلية دون موافقة مالكه مستحيل بالنظر الي تطور الصحافة الإسرائيلية في الداخل الاسرائيلي.. والتزامها بمبادئ أخلاقية صارمة في مهنة الصحافة تفوق جدا في حريتها كل الصحافة العربية برغم النزعة الدموية والعنصرية للكيان الصهيوني.
ثم بدليل انه لم يعهد عن الصحافة العبرية سابقا السطو على مقالات الصحافة العربية..
وبدليل ثالث هو ما تنقله الصحابة العبرية من خطابات عدوها اللدود حسن نصر الله في امانة.
كيف يمكن ان نصدق الان ان مقالا كتبته سندة طاجين نشرته صحيفة اسرائيلية منذ عامين دون اعتراض لصاحبة المقال.. واكتفائها بالصمت.
انه ليس بالإمكان ان نصنف نشر مقالة لاعلامية تونسية في صحيفة اسرائيلية الا باعتباره محاولة لكسر محرم او ممنوع.. محرم أخلاقيا وممنوع سياسيا.. إنها “تابوات” des tabous… محرمات في الضمير الجماعي التونسي… ضمير يشكل وعي التونسي بقضاياه الكبرى وتعاطفه المطلق مع الفلسطينيين. ..
واضح ان أطرافا سياسية محددة في تونس وخارجها هي التي شجعت الصحفية التونسية على نشر مقال في اسرائيل..
إذ تفيد الاخبار في الدواخل ان سندة طاجين قد دعمها لطفي بن ساسي مستشار الشاهد في النفاذ إلى موقع بيزنس نيوز… وبن ساسي شخصية نافذة في القصبة… وهو الذي اشرف على توزيع الهبة البريطانية في الإعلام.. وذلك من أجل الترويج للسياسات الناجحة لحكومة الشاهد في مواجهة خصوم الخوصصة والتفويت في المؤسسات الكبرى.
لكن المريب هنا هو ان مالك موقع بيزنس نيوز و المستثمر المالي فيه ليس سوى كريم القلات
من هو كريم القلاتي..؟
انه رجل أعمال تونسي مقيم بالخارج.. لكنه يتحوز علاقات وثيقة بلوبيات صهيونية من سلالة امه اليهودية.. دون أن تكون لنا أي عداء لديانة والدته…
لكن هذه القرابة دعمت حضور كريم القلاتي لدى الدوائر الإسرائيلية.. وهي داعية للشبهة..
لكن المثير للريبة أيضا هو ان كريم قلاتي كان الشاهد الرئيسي المعتمد في قضية شفيق الجراية.. وساهم بشهادته في إزاحة خصم سياسي معارض ليوسف الشاهد داخل حزب النداء وقتها… كان شاهدا رئيسا زعم انه سمع بأذنه حوار شفيق جراية مع شخصيات ليبية..
ليتضح لاحقا ان القضية مصنوعة من قش… وان القلاتي اعتمده القضاء التونسي فعلا في اثارة قضية تخابر مع جيش اجنبي ضد الجراية ومن معه..
والحال ان القلاتي قد يكون هو نفسه مشتبها به في التخابر مع جهات اسرائيلية…
لعله من السهل ان نستنتج ان سندة طاجين كانت تستند إلى دعم لطفي ساسي وكريم قلاتي.. لذلك كان من السهل تفهم عملية بروزها الأخيرة في الإعلام التلفزي.
قطعا.. ستكون لسندة طاجين علاقات سابقة ولقاءات مع أطراف صهيونية في تونس وخارجها كي تمهد لها امكانية نشر المقال في الصحافة العبرية…
وهذا ما يؤكد وجود نشاط استخبارات قوي للموساد في تونس..
مثلما يكشف اهتمام دولة إسرائيل بالاوضاع السياسية في تونس.. و رغبتها في التدخل السياسي و الاقتصادي في المجال التونسي…من أجل تغيير صورة إسرائيل العدو الى دولة صديقة..
تونس بالنسبة الى إسرائيل هي موطئ قدم مهم ومتقدم في شمال أفريقيا… إنها دولة اختراق للولوج إلى الجزائر وليبيا… ولم تعد إسرائيل مكتفية بالبحث عن علاقات طبيعية مع دول الطوق المجاورة لها.. إنها قوة إقليمية طامحة في الشرق الأوسط تفتش عن إمكانات التوسع والغلبة.. وتونس تبدو مجالا هشا وضعيفا ملائما لتنفيذ خطط الاختراق والسيطرة… مثل دولة البحرين. في الخليج..
هكذا فإن مقالة سندة طاجين تتنزل في ذات السياق الذي ظهر فيه المدعو منذر قفراش في بث تلفزي على قناة إسرائيلية… وكذلك في سياق الحفاوة المبالغ فيها بحجاج مزار الغريبة في جربة.. أو في سياق تعيين وزير من الطائفة اليهودية في تونس على رأس وزارة..
فضلا عن اصطفاف اللوبي اليهودي العالمي
لدعم شخصيات مترشحة للانتخابات الرئاسية.. إنها قد تدعم مهدي جمعة توالزبيدي اوالشاهد اونبيل القروي.. دفعة واحدة… وحيثما أمطرت فالخراج لها..
كل ذلك يوحي بأن العلاقات التونسية الإسرائيلية تعمقت اكثر بعد سقوط نظام بن علي… بل أن ما كان ممنوعا الى حد في العهد السابق في خصوص العلاقات مع الدولة الصهيونية.. قد صار ممكنا في ما بعد 2011..
انها مفارقة مدهشة وتحول مأساوي إذ لم يجن الشعب التونسي من ثورة 2011 سوى انهيار اقتصادي وتدهور اجتماعي وتفشى للفساد… لكن مع تحسن مطرد للعلاقات مع إسرائيل.. وخسارة مخيفة للسيادة واستقلال القرار.
ان مقال سندة طاجين لم يكن مجرد حادثة عابرة انتجتها الصدفة…وليس هو مقال مسروق مثلما تزعم.. لأن تداخل اللوبيات السياسية والمالية والإعلامية ينفي امكانية ان يكون الخبر محاطا بالبراءة وبعامل الصدفة
لقد ظفرت سندة فجأة بدعم مكنها من الظهور الاعلامي في قناة التاسعة في حصة بوبكر عكاشة.. و معلوم ان تلك القناة موالية بإطلاق لحزب الشاهد.. وكانت تلك القناة تدافع باستمرار على كل المتورطين في سياسات التطبيع..
يوحي ذلك بأن الصعود السريع لصحفية مغمورة ومحدودة الإمكانات كان بدعم سياسي ما.. انه لوبي سياسي ومالي لا يخفى علاقته بالصهيونية العالمية… وهو يعمل في نشاط محموم من أجل تغيير الصورة السيئة والقبيحة لاسرائيل في المخيال التونسي..
إنها محاولة لتحسين صورة دولة مارقة اجرامية قتلت وشردت ملايين من العرب طيلة 80 عاما.. ولا تزال تمارس سياسات البطش والقهر والقتل..
وتحسين الصورة يقتضي تمرير رسائل وخطابات ومقالات عبر وسائل الإعلام… كمثل مقال طاجين.
الان.. تحتاج هنا السيدة سندة طاجين الي ان توضح للرأي العام موقفها من القضية الفلسطينية ومن التطبيع ومن العلاقات مع الدولة الصهيونية..
مثلما يحتاج كريم قلاتي الى ان يفسر للرأي العام علاقاته باللوبي الصهيوني وأسباب استثماره في المواقع الاعلامية الإلكترونية ومصادر امواله..؟
ما هو وجه الربح والخسارة من توفير أموال ضخمة للسيطرة على مربع من المربعات الاعلامية في المشهد التونسي..
هل هو عشق أبدي للصحافة.. يغمر قلب كريم قلاتي.. وبراءة الطفولة في وجه سندة طاجين…
يمكن أن يكون الغباء ذكاء.. ويمكن ان نكتب احيانا حتى لا نكون مجانين..
سندة طاجين
التطبيع في تونس
أسرار
الاختراق والتغلغل الصهيوني
الإعلام التونسي
بقلم علي بومنجل الجزائري