أوضحت اليونيسف أن 90% من الأطفال في سوريا يستحقون الدعم، ووصفت عمالة الأطفال السوريين بأنها مشكلة منتشرة على نطاق واسع والأكثر تعقيداً بين قضايا حماية الطفل.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نسبة الأطفال السوريين العاملين تجاوزت 25% من إجمالي نسبة العاملين خلال الـ12 عاماً الأخيرة بعد أن كانت نحو 10% قبل اندلاع الحرب.
وأوضحت اليونيسف أن 90% من الأطفال في سوريا يستحقون الدعم، ووصفت عمالة الأطفال السوريين بأنها مشكلة منتشرة على نطاق واسع والأكثر تعقيداً بين قضايا حماية الطفل.
وأكدت المنظمة أن نحو 2.45 مليون طفل داخل سوريا و750 ألف طفل سوري في دول اللجوء لا يذهبون إلى المدارس، 40% منهم فتيات.
لماذا لا نعيش مثل الأغنياء؟
بينما يتوجه أهالي حي برزة في دمشق إلى عملهم صباحاً، يصادفهم مشهد أقدام صغيرة قذرة تتدلى من حاويات القمامة، التي اعتادوا عليها. إنهم مجموعة من الأطفال يبحثون عن سلع بلاستيكية وكرتونية لبيعها.
علي، طفل يبلغ من العمر 12 عاماً، خرج من حاوية القمامة حاملاً كيساً يحتوي على ما تبقى من وجبة دجاج مشوية، ربما يكون أحد المارة قد رماها. ضحك وقال لـ”الميادين” الإنجليزية: “إنه مثل الكنز، سوف آكله، وأنا أستحقه أكثر من القطط”.
علي لم يذهب إلى المدرسة قط، وهو أمي، وليس لديه رغبة في التعلم، لأنه، على حد تعبيره، “التعليم في الوقت الحاضر لا فائدة منه ولن يمكننا من شراء الطعام”.
علي نزح من دير الزور مع عائلته المكونة من أب معاق وأم تعمل في تنظيف المنازل وأخت صغيرة وأخ يعمل معه أيضاً في البحث عن المواد البلاستيكية والكرتونية في حاوية القمامة. .
وتابع قائلاً: “أتقاضى يومياً 5000 ليرة سورية، أي ما يعادل نصف دولار، وإذا جمعنا ما نتقاضاه جميعاً، فإنه بالكاد يكفينا لدفع إيجار المنزل، وشراء الأدوية لنا”. أبي وطعام لنا.”
أسرّ لنا علي بأنه ليس لديه سوى حلم واحد، وهو أن يعيش مثل الأغنياء ليوم واحد فقط، قائلا: “كنت محظوظا عندما كنت أبحث في سلة المهملات في الشارع في أحد أفخم أحياء العاصمة. هل يمكن أن أتمكن من ذلك؟” “خمن ماذا حصلت؟ لقد وجدت بعض البلوزات، كانت جديدة، كما لو أنها لم تستخدم من قبل، كما وجدت كراسة رسم أحضرتها لأختي.”
صمت علي للحظات، ثم سأل: “لماذا لا نعيش مثلهم؟! قال لي والدي: لا أستطيع تحمل تكاليف دراستك وطعامك في نفس الوقت”.
ليال، 17 سنة، تعمل في مركز تجميل نسائي. تغادر منزلها كل يوم في الساعة التاسعة صباحًا للوصول إلى مكان عملها مبكرًا. وهي المسؤولة عن فتح المركز وتنظيفه واستقبال العملاء وتنسيق المواعيد.
أشعلت سيجارة وقالت : “أجبرني والدي على ترك المدرسة منذ أربع سنوات، قائلاً إنه لم يعد يتحمل تكاليف تعليمي. بكيت كثيراً لأنني كنت طالبة مجتهدة وأحب الدراسة، توسلت”. فسمح لي بمواصلة الدراسة فقط حتى أحصل على شهادة الإعدادية على الأقل، لكنه رفض رفضا قاطعا وترك لي خيارين: إما أن أتعلم أو آكل”.
تمت مقاطعة المحادثة عندما اتصلت إحدى العميلات لحجز موعد لتقليم أظافرها. وعندما انتهت المكالمة ضحكت ليال قائلة: يا للسخرية!
وأضافت: “هذه الشابة كانت زميلتي في الصف، لكنها لا تزال تكمل تعليمها. إنها تأتي إلى هنا دائمًا، ولن أنسى أبدًا عندما رأتني لأول مرة وصرخت: ماذا تفعل هنا؟!”.
تحصل ليال على راتب شهري جيد، لكنها تعتمد بشكل أساسي على النصائح التي يقدمها لها العملاء. وفي هذا السياق قالت: “عندما تأتي النساء إلى هنا، يدفعن مبالغ طائلة للاعتناء بأنفسهن. ويسألونني عن اسمي وعمري وتعليمي، وعندما أقول لهن أنني لم أكمل تعليمي، فيقولون: هذا خير لك. ولم يفكر أحد في تشجيعي أو مساعدتي في العودة إلى المدرسة”.
تتنهد وتتابع: “من يدري، ربما في المستقبل سأجد زوجًا يشجعني على القيام بذلك”.
الأطفال العاملون معرضون لخطر الاستغلال والتحرش الجنسي
الدكتورة فاتن مشاعل الباحثة في كلية التربية في جامعة تشرين الحكومية قالت إن “ظاهرة عمالة الأطفال لها العديد من التبعات التي تؤثر على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص، وأخطر ما قد يتعرضون له هو هو التحرش والاستغلال الجنسي، حيث يستغل أصحاب العمل حاجة الأطفال للمال وخوفهم من الإبلاغ عما يحدث لهم، ومن ناحية أخرى فإن تواجدهم الدائم في الشوارع يجعلهم على اتصال بالعصابات، مما يعرض حياتهم لمخاطر جسدية ونفسية قد يكون أسوأ من الموت.”
ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة، هذه الظاهرة ولا يزال ينتشر بشكل كبير في كافة المناطق، وهذا يدل على أن الآليات والجهود المبذولة غير كافية للحد منه، بحسب الدكتور مشاعل، واقترح “إيجاد آليات جديدة لحماية هؤلاء الأطفال من كل أنواع الاستغلال وإنشاء مؤسسات من شأنها كونوا مسؤولين عنهم لتأهيلهم وإعادتهم إلى الحياة، من خلال تعليمهم وتمكينهم مهنياً، وتوفير المأوى والرعاية الصحية لهم، خاصة وأن معظمهم فقدوا والديهم أو ليس لديهم معيل”.
ويجب إيجاد الحل قبل فوات الأوان
ويحظر قانون العمل السوري تشغيل الأحداث قبل إكمال تعليمهم الابتدائي أو بلوغهم سن الخامسة عشرة.
ولا يجوز تشغيل الأحداث الذين بلغوا هذه السن في كافة المهن، وذلك بموجب قرار وزاري صدر عام 2010، حيث حظر تشغيلهم في عدد من الأعمال والمهن التي تؤثر على تكوينهم الجسدي والنفسي.
كما يمنع المرسوم صاحب العمل من تشغيل قاصر لأكثر من ست ساعات يوميا، أو تكليفه بعمل إضافي أو تشغيله للعمل ليلاً.
ويرى المحامي أشرف بركات أن “هذا القانون لا يطبق حاليا بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وسوء الأوضاع المعيشية نتيجة الحصار الأمريكي على البلاد. وحتى قانون التعليم الإلزامي لا يطبق أيضا لنفس الأسباب”.
وبحسب بركات، فإن “كثيراً من الآباء بدأوا يفضلون إرسال أبنائهم للعمل بدلاً من المدرسة لأن راتب الموظف الحكومي أصبح يعادل سعر 5 وجبات لحم فقط”، متسائلاً “ما هو حال الأطفال الذين ليس لديهم دخل؟” الوالدين أو المعيلين.”
واختتم: “على السلطات التنفيذية إيجاد الحلول لهذه المشكلة قبل فوات الأوان”.
الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع المغرب العربي الإخباري بل تعبر عن رأي كاتبها حصرياً.
سوريا
الاحتلال الأمريكي لسوريا
الأمم المتحدة
عمالة الأطفال
زلزال سوريا
الحرب على سوريا
اليونيسف