يضيق الوقت بسرعة أمام المفاوضين الدوليين قبل اجتياز إيران حدود إنتاج يورانيوم مخصب يمكن استخدامه في سلاح نووي. وهذا يخيف كافة المشاركين في مجموعة (4+1) والولايات المتحدة، والفترة المحددة لذلك لا تتجاوز الأسابيع القليلة، وهي الفترة التي حددتها الدول الأوروبية من أجل التوصل إلى اتفاق، وإلا فإنّ “اتفاق منع انتشار الأسلحة النووية يفرغ من مضمونه”.
منسق الشؤون الأوروبية أنريكي مورا كان أكثر وضوحاً بالنسبة للحدود الزمنية التي تمنع إيران من الوصول إلى المرحلة الحذرة، “هي ليست أشهراً بل أسابيع قليلة”، وعلى الجميع أن يعي حساسية نفاد الوقت، وأن “يعملوا بروح المسؤولية للتوصل إلى اتفاق في الجولة المقبلة”، وفق مورا.
ولكن هل هناك إمكانية فعلاً للتوصل إلى الاتفاق في الجولة المقبلة؟
تقول أوساط مشاركة في المفاوضات (غير أوروبية)، إنّه في محادثات الأسبوع الماضي في الجولة السابعة، ولا سيما اليومين الأخيرين، وبعد موافقة الأوروبيين على مناقشة المسودات الإيرانية الجديدة، ارتفعت وتيرة المناقشات في اتجاهات مختلفة وعلى مستوى اللجان الفنية المتعلقة بكافة الملفات المطروحة، ليس فقط رفع العقوبات والبرنامج النووي، إنما أيضاً في المسائل الاقتصادية والتجارة والتحويلات المالية. وأيضاً في الملف الذي تصرّ إيران عليه، المتعلّق “بفترة المراقبة” لتطبيق الولايات المتحدة تعهداتها برفع العقوبات، والتزام إيران بالعودة إلى مستوى اتفاق العام 2015، فيما يتعلق بالبرنامج النووي.
وقد بدأت اللجان الفنية فعلاً بصياغة مسودة اتفاق واحدة، تضم كافة المسودات الأخرى. فيما تقول مصادر المشاركين غير الأوروبيين في المفاوضات إنّ التقدّم المحرز والذي انتقل إلى الصياغة يتجاوز 90% من التفاهمات التي ستعتمد في الاتفاق المنشود.
على هذا الأساس، سينحصر النقاش في الجولة المقبلة، التي يعتقد أنها ستعقد في 27 كانون الأول/ديسمبر الجاري، على النقاط الخلافية الأخيرة، والتي تحتاج إلى قرارٍ سياسي من قبل طهران، والعواصم الأوروبية.
هذه الخلافات، التي وصفها المنسق الأوروبي “بالاستثناءات البسيطة”، تتوزع في مسارات مختلفة، أولها الضمانات الأميركة لعدم خروج الولايات المتحدة من الاتفاق، وهنا يتم البحث عن بدائل تؤمن لإيران هذه الضمانات، في حال تعذّر على الإدارة الأميركية انتزاع موافقة الكونغرس على الضمانات المطلوبة، ووافقت إيران عليها.
المسألة الثانية، هي فترة تجميد إيران لبرنامجها النووي، والعودة إلى نسبة تخصيب لا تتخطى ال3.67%، وهنا يسجّل تقدّم واضح لصالح إيران، فكافة الأطرف المشاركة في المفاوضات، تصرّ على العودة تماماً لاتفاق العام 2015، وهذا يعني أنّ فترة تجميد التخصيب لن تكون عقبة أمام المحادثات المقبلة وستنتهي عام 2030 طبقاً لبنود اتفاق 2015.
وإلى نسبة التخصيب، يبدو أنّ ملف أجهزة الطرد المركزي الإيرانية المتطورة في طريقها للحل أيضاً عبر تخزينها حتى الفترة التي ينص عليها اتفاق فيينا، أي حتى العام 2025.
وفي هذا الإطار يبدو أنّ الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين إيران ووكالة الطاقة الدولية بوضع كاميرات مراقبة في منشأة كرج، سيكون مقدمة لتخزين أجهزة الطرد المركزي المتطورة في هذه المنشأة.
إذا كانت الأطراف المشاركة جادة فعلاً بوعود العودة إلى اتفاق 2015، بلا “استثناءات أو اضافات”، كما تقول الخارجية الروسية، فهذا يعني أنّ فترة تجميد البرنامج النووي الإيراني، لن تكون عقبة أمام المحادثات المقبلة.
الكل يجمع في فيينا أنّ الأمتار الأخيرة للتوصل إلى الاتفاق تحتاج لقرارات سياسية “مؤلمة”، كما قال منسق الشؤون الأوروبية، ولا سيما لإيران والولايات المتحدة.
ومن المفترض والمتوقع، أن تنضج هذه القرارات خلال فترة الاستراحة الحالية، مع ترجيح لكفّة ميزان الوصول إلى نهاية سعيدة.