لا تزال نكبة الفلسطينيين مستمرة، وستحل علينا هذا العام في وضع معقد وبالغ الصعوبة، في ظل تطورات دولية وإقليمية، يتحضر الفلسطينيون بعد مرور 75 عاما على جراحهم التي لم تلتئم بعد، وعلى تشردهم من وطنهم وأرضهم وبيوتهم وهم يحلمون بالعودة والاستقلال، وانتزاع كلمة تؤلمهم يوميا وهي “لاجئ”، إلى متى الانتظار والعالم يتفرج؟، إلى متى هذا الظلم على أيدي سفاحين مجرمين صهاينة؟.
الدول الغربية وعلى رأسها بريطانيا تكاتفت لاغتصاب أرض فلسطين، وتثبيت اليهود فيها، بقرار عصبة الأمم الذي وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني عام ١٩٢٢، في ظل إعطاء بريطانيا وعداً لليهود بوطن في فلسطين، فقرار الأمم المتحدة في تقسيم فلسطين بين أهلها وشعبها وبين محتلين غرباء هو قمة الظلم والاستعمار، وخصوصا في وقت كانت معظم الدول العربية تعاني من حكم الاستعمار، لذا لم تستطع آنذاك أن تفرض رأيها أو تواجه تلك القرارات الظالمة.
في العام ١٩٤٧، بدأت المنظمات اليهودية الإرهابية اعتداءاتها المنظمة على الشعب الفلسطيني الأعزل، وهذا مخطط لإرعاب هذا الشعب وتشريده وإبعاده عن فلسطين بأي ثمن كان، وبكل تأكيد كانت تلك الجرائم تحت غطاء القرار الأممي ١٨١ الذي أعطى لأولئك الطغاة الضوء الأخضر في هتك جميع الحرمات، بالإضافة لذلك قامت بريطانيا بتسليح اليهود وتدريبهم على صناعة الأسلحة في الوقت الذي حرمت الشعب الفلسطيني من استخدام أي سلاح لإبقائه ضعيفا مستسلماً.
لقد وقف الغرب المتآمر على الفلسطينيين متفرجاً، أمام ارتكاب أفظع الجرائم من قبل العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين، والتي لم ترحم بشر أو شجر من شر إجرامها، فقد أحرقت ودمرت القرى الفلسطينية، وارتكبت المجازر بحق الأبرياء، ويبدو أن ما عرف من تلك المجازر أقل كثيراً ممّا خفي عن الأنظار، خصوصاً أن هناك قرى فلسطينية قد أبيدت عن بكرة أبيها، وذلك بسبب تخلي العالم عما يجري داخل هذه الأرض وتآمر دول الاستكبار مع الصهاينة والداعمين لها.
هناك وثائق تكشف وتفضح الكيان الصهيوني وحقيقة إجرامه، بما فيها تلك التي ارتكبت خلال الخمسينيات من القرن الماضي، أي بعد الإعلان عن قيام دولة إسرائيل بتدبيرها، حيث قام الكيان باحتلال باقي الأراضي الفلسطينية وأراضي عربية أخرى سورية ولبنانية ومصرية في العام ١٩٦٧، ورغم إصدار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار ٢٤٢ الذي أكد فيه على ضرورة انسحاب المحتل من الأراضي المحتلة، ورغم أن جريمة إسرائيل تنتهك السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط، لم تجبر الأمم المتحدة الكيان الصهيوني على الانسحاب ولم تر إسرائيل أية ضغوطات غربي أو أممية تجبرها على الخروج من الأراضي المحتلة، أو تدين إجرامها الذي لم يحترم أية مواثيق أو قوانين دولية.
بقي الفلسطينيون يعانون آلام الجراح إلى يومنا هذا، عشرات السنين من الظلم واغتصاب الحقوق، عمل خلالها الاحتلال على تثبيت ثقافة إعدام المناضلي ومعاقبة أسرهم بهدم منازلهم وسحب هوياتهم وإقاماتهم وطردهم من أرضهم، وهي سياسة لم تجد نفعاً مع الفلسطينيين، ولن تغير أفكارهم المقاومة لهذا الظلم، فالقوة المفرطة في ضرب غزة وقتل العزّل والأبرياء وبتوسيع حدود القتل في الضفة الغربية وفي كل أرض محتلة، لن تجلب على هذا الكيان إلا العار والزوال مهما طال الزمن.
فرغم كل هذا الظلم والمؤامرات التي نسجت بعناية ضد الفلسطينيين على مدار كل السنوات الطويلة الماضية، استطاعوا دائماً أن يبتكروا الجديد في التحدي والصمود، ودعم فكرهم الناضج المقاوم، فلا نكبة تدوم وظلم يبقى، ستعود فلسطين أرض العزة وسيعود شعبها منتصراً على كل من عاداه وتآمر عليه.