لم يكن مستغربا ما حدث في باريس العاصمة الفرنسي قبل أيام، تلك الجريمة النكراء التي راح ضحيتها مواطنين أكراد، كانت بدافع الحقد والكراهية دون احترام أي قيم إنسانية، مرتكب الجريمة كشف عن نواياه الإجرامية بكل وقاحة، رافضا وجود المهاجرين لأسباب عنصرية ومتطرفة، ناسيا ومتناسي تدخل حكومة بلاده بشؤون الدول العربية والإسلامية منذ سنوات بعد أن استعمرت أراضيها أيضا لسنوات.
ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها أقليات في أوروبا، وهذا يؤكد حجم الكراهية التي في داخلهم تجاه المسلمين والعرب واللاجئين.
بالقرب من مركز ثقافي كردي في الدائرة العاشرة بالعاصمة باريس، هجوم مسلح أودى بحياة رجلين وامرأة يوم الجمعة الماضي. المهاجم الذي اعترف بأنه يكن مشاعر “كراهية ضد الأجانب”، تعمد مهاجمة الأكراد، بالإضافة لكونه قد هاجم قبل نحو عام، مخيما للمهاجرين.
فرنسي يبلغ من العمر 69 عاماً، قام بهجوم مسلح في الدائرة العاشرة بالعاصمة باريس، يوم الجمعة 23 كانون الأول/ديسمبر، راح ضحيته ثلاثة أشخاص من أصول كردية. المهاجم الذي أطلق سراحه مؤخراً من السجن، كان قد اعتدى على اثنين من المهاجرين، سوداني وإريتري، باستخدام سيف في مخيم للمهاجرين في باريس، في 8 كانون الأول/ديسمبر 2021.
أثناء احتجازه لدى الشرطة، اعترف الجاني بأنه كان ينوي قتل أجانب في هجومه الأخير، وذلك عندما أطلق النار بشكل متكرر في محيط المركز الثقافي الكردي “أحمد كايا”. واعترف أيضاً بأنه قد رصد هذا المكان الواقع في منطقة التسوق الشعبية للأكراد في قلب العاصمة الفرنسية.
وقُتل في ذلك الهجوم ثلاثة أشخاص، هم أمينة كارا زعيمة الحركة النسائية الكردية في فرنسا، ورجلين من بينهما الفنان واللاجئ السياسي مير بيروير. كما أصيب ثلاثة رجال آخرين. ووفقاً للجهات الرسمية، خمسة من الضحايا الستة يحملون الجنسية التركية، وأحدهم يحمل الجنسية الفرنسية.
وقال مكتب المدعي العام في باريس، إن تحقيقا قضائيا فُتح أمس الاثنين، يتعلق بتهم القتل ومحاولة القتل على أساس العرق أو الإثنية أو الأصل أو الدين، فضلا عن حيازة سلاح غير مصرح به. وطُلب حبس المتهم احتياطياً.
وأوضح مصدر مطلع قول المشتبه به، فور إلقاء القبض عليه، إنه قام بجريمته لأنه “عنصري”. وكان من المقرر أن يُعرض أمس الاثنين على قاضي التحقيق لإصدار لائحة اتهام محتملة.
وقال سائق القطار المتقاعد للمحققين إنه يريد إنهاء حياته وأنه قبل “الانتحار كان يريد دائما قتل المهاجرين والأجانب”. وشرح المدعي العام المسؤول عن القضية أن المتهم قال إنه شعر بأن “كراهيته للأجانب أصبحت مرضية (غير صحية)” منذ تعرض منزله للسطو في عام 2016.
وفي لقاء مع صحيفة “لو باريزيان”، قال عثمان، وهو مهاجر إريتري يبلغ 44 عاماً وكان أحد ضحايا الهجوم على مخيم المهاجرين عام 2021، إنه لا يستوعب لماذا تم الإفراج عن الشخص الذي هاجمه.
وبعد إبلاغه بأن الرجل الذي “جرحه في ظهره وفخذه” منذ عام مضى، قد أطلق سراحه منذ 12 كانون الأول/ديسمبر، قال للصحيفة “كان بإمكانه أن يقرر الانتقام مني. أنا خائف”.
وكان المعتدي خلال هجوم 2021 قد “بدأ بتدمير الخيام” قبل أن يبدأ قتاله مع المهاجرين، وجرح اثنين منهم بالسيف. حادث خطير أصاب المهاجرين في المخيم بصدمة نفسية، بحسب جمعيات، إذ كان المهاجرون “خائفين ومصدومين”، هذا ما قاله لمهاجر نيوز كلوثيلد كولومب، منسق منظمة أطباء العالم في باريس.
أمضى الرجل الستيني، الذي تم اعتقاله على الفور، عاما خلف القضبان، وهي المدة القانونية لاحتجازه قبل المحاكمة، بعد توجيه اتهام له في كانون الأول/ديسمبر 2021 بارتكاب أعمال عنف متعمدة. في فرنسا، يتم تنفيذ “الحبس الاحتياطي” بحق الشخص الذي لا يزال يُفترض أنه بريء خلال مرحلة التحقيق، قبل إدانته.
صدم هجوم الجمعة الماضية الجالية الكردية في فرنسا، حيث خرجت عدة مظاهرات يوم السبت في باريس ومارسيليا وبوردو، نظمتها جمعيات كردية ومناهضة للعنصرية، وحركة مناهضة العنصرية والصداقة بين الشعوب، ورابطة حقوق الإنسان، للمطالبة بالعدالة.
وتجمع عدة مئات من الناس مرة أخرى ظهر أمس الاثنين في موقع الهجوم في شارع “دينغين” في باريس. ووضعت الزهور والشموع بجانب صور الضحايا في المكان الذي قتلوا فيه يوم الجمعة.