أكّد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، اليوم الجمعة، أنّ “عملية طوفان الأقصى العظيمة والمباركة كان قرارها وتنفيذها فلسطينياً مئة بالمئة“، مشيراً إلى أنّ أصحابها أخفوها عن الجميع.
وخلال الاحتفال التكريمي للشهداء الذين ارتقوا على طريق القدس، شدّد السيد نصر الله على أنّ “سرية العملية المطلقة هي التي ضمنت نجاحها الباهر من خلال عامل المفاجأة”، وهي “أصبحت اليوم ممتدة في أكثر من جبهة وساحة”.
وأضاف أنّ “معركة طوفان الأقصى وعدم علم أحد بها تثبت أنّ هذه المعركة هي فلسطينية بالكامل من أجل شعب فلسطين وقضاياه، وليس لها علاقة بأي ملف إقليمي ودولي”.
ووفقاً للسيد نصر الله، فإنّ “هذا الإخفاء لم يزعج أحداً في فصائل المقاومة على الإطلاق، بل أثنينا عليه جميعاً، وليس له أي تأثير سلبي على أي قرار يتخذه فريق أو حركة مقاومة في محور المقاومة”.
وأكّد أنّ “ما حصل في طوفان الأقصى يؤكد أنّ إيران لا تمارس أي وصاية على الإطلاق على فصائل المقاومة”، وأنّ “أصحاب القرار الحقيقيين هم قيادات المقاومة الفلسطينية ومجاهدوها”.
ولفت السيد نصر الله، في السياق، إلى أنّ “عملية طوفان الأقصى كشفت الوهن والضعف في الكيان”، وأنّه بحق “أوهن من بيت العنكبوت”.
وأضاف أنّ “هذه المعركة لا غبار عليها على كل المستويات”، مشدداً على أنّها “من أوضح وأبين مصاديق القتال في سبيل الله”.
وشدّد على أنّ “نتائج معركة طوفان الأقصى يجب أن تُشرح وتُبيّن لمعرفة أنّ التضحيات القائمة الآن في غزة والضفة وفي كل مكان أنّها تضحيات مستحقة”.
وأشار السيد نصر الله إلى أنّ “هذه النتائج أسست لمرحلة تاريخية جديدة لمصير دول المنطقة، إذ لم يكن هناك خيار آخر لذلك، بل كان هذا الخيار صائباً وحكيماً ومطلوباً، وفي وقته الصحيح، ويستحق كل هذه التضحيات”.
وتابع أنّ عملية “طوفان الأقصى” أعادت طرح قضية فلسطين المحتلة كقضية أولى في العالم.
خلفيات عملية “طوفان الأقصى”
وتحدّث السيد نصر الله عن خلفية معركة “طوفان الأقصى”، موضحاً في البداية أنّ “أوضاع السنوات الأخيرة في فلسطين كانت قاسية جداً، وخصوصاً مع حكومة بنيامين نتنياهو الحالية المتطرفة والحمقاء والغبية والمتوحّشة”.
وتابع أنّه “معروف لكم وللعالم معاناة الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 75 عاماً”، لكن “الحكومة المتطرفة قامت بالتشديد على الأسرى ممّا جعل الوضع الإنساني سيئاً جداً”.
وأشار أيضاً إلى أنّ “هناك أكثر من مليوني إنسان يعيشون في غزة في ظروف معيشية صعبة من دون أن يحرّك أحد ساكناً لقرابة العشرين عاماً”، بينما “هناك أيضاً مخاطر عديدة تتهدد الضفة الغربية في ظل مشاريع الاستيطان الجديدة”.
وبحسب السيد نصر الله، فإنّ “سياسة العدو كانت تزداد صلافةً وطغياناً وقهراً، ولذلك كان لا بدّ من حدث كبير يهز الكيان الغاصب المستعلي وداعميه المستكبرين، وخصوصاً في واشنطن ولندن”.
الدور الأميركي في الحرب على غزة
وبشأن الدور الأميركي في الحرب الهمجية على قطاع غزة، أوضح السيد نصر الله أنّ “الإدارة الأميركية سارعت برئيسها ووزرائها وجنرالاتها لتمسك بهذا الكيان الذي كان يهتز ويتزلزل من أجل أن يستعيد بعض وعيه ويقف على قدميه من جديد”، لكنّه “لم يتمكّن حتى الآن من استعادة زمام المبادرة”.
وأكّد السيد نصر الله أنّ “هذه السرعة الأميركية لاحتضان إسرائيل ومساندتها كشفت وهن هذا الكيان وضعفه”.
وتساءل: “أن يأتي الجنرالات الأميركيون إلى الكيان، وتُفتح المخازن الأميركية للجيش الإسرائيلي، وتطلب إسرائيل من اليوم الأول 10 مليارات دولار، فهل هذا يعني أنها دولة قوية وتملك قدرة الوقوف على قدميها؟”.
وبحسب السيد نصر الله، فإنّ “ما يحصل في غزة يكشف المسؤولية الأميركية المباشرة عن كل هذا القتل والنفاق الأميركي، كما يعكس الطبيعة المتوحّشة والهمجية للكيان الغاصب الذي زرعوه في منطقتنا”.
وأكّد الأمين العام لحزب الله أنّ “واشنطن هي المسؤولة بالكامل عن الحرب الدائرة في غزة، فيما إسرائيل هي أداة، فأميركا هي التي تمنع وقف العدوان على غزة وترفض أي قرار لوقف إطلاق النار”.
وأضاف أنّ “الأميركي هو الذي يدير الحرب في غزة، ولذلك أتى قرار المقاومة الإسلامية في العراق بمهاجمة قواعد الاحتلال الأميركية في العراق وسوريا”، مشدداً على أنّه “قرار حكيم وشجاع”.
تخبّط وضياع إسرائيلي
وبشأن ردّة الفعل الإسرئيلية على معركة “طوفان الأقصى”، قال السيد نصر الله إنّه “كان واضحاً من الساعات الأولى لمعركة طوفان الأقصى أنّ العدو كان تائهاً وضائعاً”، مضيفاً أنّه “أمام غزة والحادث المهول الذي تعرّض له العدو، يبدو أنّ حكومات العدو لا تستفيد من تجاربها على الإطلاق”.
وأشار السيد نصر الله إلى أنّ “ما يجري اليوم في غزة جرى في السابق في لبنان عام 2006، وفي حروب متكررة في غزة، مع فارق كمي ونوعي”.
وأوضح أنّ “من أهم الأخطاء التي ارتكبها الإسرائيليون ولا يزالون هو طرح أهداف عالية لا يمكنهم أن يحقّقوها أو يصلوا إليها”.
وذكّر السيد نصر الله أنّهم “في عام 2006 وضعوا هدفاً يتمثّل بسحق المقاومة في لبنان واستعادة الأسيرين من دون تفاوض وتبادل، ولمدة 33 يوماً شنّوا عدواناً، ولكّنهم لم يحقّقوا أهدافهم”، مضيفاً أنّهم “يعيدون الوضع نفسه اليوم في غزة”.
وتابع أنّ “ما يقوم به الإسرائيلي هو قتل الناس في غزة، فأغلب الشهداء هم من الأطفال والنساء من المدنيين، ويدمّر أحياءً بكاملها فليس لديه حرمة لأي شيء”.
وأردف قائلاً: “كلنا شاهدنا بأمّ العين بطولات المقاومين في غزة، فعندما يتقدّم المقاوم ويضع العبوة على سطح الدبابة، كيف سيتعامل العدو الإسرائيلي مع مقاتلين من هذا النوع”؟
ولفت إلى أنّ “المشاهد الآتية كل يوم وساعة من غزة، أي مشاهد الرجال والنساء والأطفال الخارجين من تحت الأنقاض الصارخين لنصرة المقاومة، تقول للصهاينة بأنهم لن يستطيعوا من خلال القتل والمجازر أن يصلوا إلى أي نتيجة”.
وتابع أنّ “إسرائيل التي كانت في حالة غضب وجنون ارتكبت المجازر بحق المستوطنين الذين قيل إنّ حركة حماس وبقية فصائل المقاومة قتلتهم، وغداً عندما تبدأ لجان التحقيق عملها ستظهر هذه الحقيقة”.
ما بعد “طوفان الأقصى” ليس كما قبله
وفي هذا السياق، شدّد السيد نصر الله على أنّ “ما بعد عملية طوفان الأقصى ليس كما قبلها، ما يُحتم على الجميع تحمّل المسؤولية”.
وتحدّث عن “هدفين يجب العمل عليهما، هما وقف العدوان على غزة، وأن تنتصر حماس في غزة”.
وأكّد السيد نصر الله أنّ “انتصار غزة يعني انتصار الشعب الفلسطيني، وانتصار الأسرى في فلسطين وكل فلسطين والقدس وكنيسة القيامة وشعوب المنطقة وخصوصاً دول الجوار”.
وتوجّه السيد نصر الله إلى الدول العربية بالقول: “عليكم العمل من أجل وقف العدوان على غزة ولا يكفي التنديد، بل اقطعوا العلاقات واسحبوا السفراء”.
وقال إنّ “الخطاب في السابق كان اقطعوا النفط عن أميركا، ولكن اليوم نطلب بوقف التصدير إلى إسرائيل للأسف!”. وأردف متسائلاً: “أليس فيكم بعض القوة حتى تفتحوا معبر رفح؟”.
وأشار السيد نصر الله إلى الشعب اليمني الذي، وعلى الرغم من كل التهديدات، “قام بعدة مبادرات وأرسل صواريخه ومسيّراته حتى لو أسقطوها، لكن في نهاية المطاف ستصل هذه الصواريخ والمسيّرات الى إيلات وإلى القواعد العسكرية الإسرائيلية في جنوب فلسطين”.
لن تكتفي المقاومة بما يجري على الجبهة اللبنانية
وعن دور المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله في معركة “طوفان الأقصى”، أكّد السيد نصر الله أنّ “المقاومة دخلت المعركة منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر الماضي”.
وكشف أنّ “ما يجري على الجبهة اللبنانية مهم ومؤثر جداً، وغير مسبوق في تاريخ الكيان”.
ولفت، في السياق، إلى أنّ “المقاومة الاسلامية في لبنان منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر تخوض معركة حقيقية لا يشعر بها إلّا من هو موجود بالفعل في المنطقة الحدودية”، موضحاً أنّها “معركة مختلفة في ظروفها وأهدافها وإجراءاتها واستهدافاتها”.
وأوضح السيد نصر الله أنّ “الجبهة اللبنانية خففت جزءاً كبيراً من القوات التي كانت ستُسخّر للهجوم على غزة وأخذتها في اتجاهنا”، كاشفاً أنّ “ما يجري على الجبهة اللبنانية لن يتم الاكتفاء به على أي حال“.
وأضاف: “لو كان موقفنا التضامن سياسياً وبالتظاهر، لكان الإسرائيلي مرتاحاً عند الحدود الشمالية، وكانت قواته ستذهب إلى غزة”.
وشدّد السيد نصر الله على أنّ “جبهة لبنان استطاعت أن تجلب ثلث الجيش الإسرائيلي إلى الحدود مع لبنان”.
وكشف أنّ “جزءاً مهماً من القوات الصهيونية التي ذهبت إلى الجبهة الشمالية هي قوات نخبة”، مشيراً إلى أنّ “نصف القدرات البحرية الإسرائيلية موجودة في البحر المتوسط مقابلنا ومقابل حيفا”.
وأعلن أنّ “ربع القوات الجوية مسخّرة في اتجاه لبنان، وما يقارب نصف الدفاع الصاروخي موجّه أيضاً في اتجاه جبهة لبنان”.
وأيضاً “نزح عشرات الآلاف من سكان المستعمرات”، بحيث أنّ “هذه العمليات على الحدود أوجدت حالة من القلق والتوتر والذعر لدى قيادة العدو وجعلته مردوعاً، وأيضاً لدى الأميركيين”، بحسب السيد نصر الله.
وشدّد على أنّ “العدو يقلق من إمكانية أن تذهب هذه الجبهة إلى تصعيد إضافي، أو تتدحرج هذه الجبهة إلى حرب واسعة، وهو احتمال واقعي ويمكن أن يحصل، ولذلك فإنّ على العدو أن يحسب له الحساب”.
وقال: “عمليات المقاومة في الجنوب تقول لهذا العدو الذي قد يفكّر بالاعتداء على لبنان أو بعملية استباقية، إنّك سترتكب أكبر حماقة في تاريخ وجودك”.
وشدّد السيد نصر الله على أنّ “المشاهد في غزة ستجعلنا أكثر إيماناً وقناعةً بوجوب التحدي وعدم الاستسلام مهما كانت التحديات والتضحيات”، وإنّ “هذه العمليات على الحدود هي تعبير عن تضامننا مع غزة لتخفيف الضغط عنها”.
وأوضح أنّ “الاحتلال الإسرائيلي “يتحمّل اليوم كل عمليات المقاومة ويضبط إيقاعه لأنّ لديه خشية حقيقية من ذهاب الأمور إلى ما يخاف”.
السيد نصر الله للأميركيين: أعددنا العدة لأساطيلكم
في هذا السياق، تناول السيد نصر الله التهديدات التي تلقّاها حزب الله بسبب عملياته على الجبهة اللبنانية، قائلاً إنّ الحزب أُبلغ منذ اليوم الأول بأنّه “إذا فتح جبهة في الجنوب، فالطيران الأميركي سوف يستهدفه، لكن هذا التهديد لم يغيّر من موقفنا أبداً”.
وحذّر السيد نصر الله الاحتلال الإسرائيلي من “التمادي الذي طال بعض المدنيين في لبنان”، مؤكّداً أنّ ذلك “سيُعيدنا إلى المدني مقابل المدني”.
وأوضح أنّ “كل الاحتمالات في الجبهة اللبنانية مفتوحة، وكل الخيارات مطروحة، ويمكن الذهاب إليها في أي وقت من الأوقات، إذ يجب أن نكون جميعاً جاهزين لكل الفرضيات المقبلة”.
وتوجّه السيد نصر الله إلى الأميركيين بالقول: “أساطليكم التي تهددوننا بها في البحر المتوسط لا تخيفنا، ولن تخيفنا في يوم من الأيام، ولقد أعددنا لها عدّتها أيضاً“.
وأردف بالقول: “الذين هزموكم في بداية الثمانينيات ما زالوا على قيد الحياة ومعهم اليوم أولادهم وأحفادهم”.
وأكّد السيد نصر الله أنّه “إذا حصلت الحرب في المنطقة، فلا أساطيلكم تنفع، ولا القتال من الجو ينفع”.
وأضاف، متوجّهاً إلى الأميركيين، أنّه “في حال أي حرب إقليمية ستكون مصالحكم وجنودكم الضحية والخاسر الأكبر”.
السيد نصر الله للفلسطينيين: غزة ستنتصر
كذلك، توجّه السيد نصر الله إلى الشعب الفلسطيني وإلى كل المقاومين الشرفاء في المنطقة بالقول: “ما زلنا نحتاج إلى وقت، ولكننا ننتصر بالنقاط، وهكذا انتصرنا في عام 2006 وفي غزة، وهكذا حقّقت المقاومة في الضفة إنجازات”.
كما أكّد أنّ “هذه المعركة هي معركة الصمود والصبر والتحمّل وتراكم الإنجازات ومنع العدو من تحقيق أهدافه”، مشدداً على وجوب العمل لوقف العدوان على غزة، ولانتصار المقاومة في غزة”.
وأضاف: “تحمّلنا المسؤولية وصمودنا وصبرنا سيكون نتيجته النصر الأكيد إن شاء الله”، مؤكّداً أنّ “غزة ستنتصر، وفلسطين ستنتصر”.
تحية تبريك وعزاء إلى عوائل الشهداء
وتوجّه السيد نصر الله إلى عوائل الشهداء بالتبريك لنيل أعزائهم وأحبائهم هذا “الوسام الإلهي”، مضيفاً أنّ هذا التبريك والعزاء يمتد إلى كل عوائل الشهداء في كل مكان ارتقى فيه شهداء في معركة “طوفان الأقصى”.
كذلك وجّه السيد نصر الله التحية إلى شعب وأهل غزة الأسطوري الذي لا نظير له في العالم، قائلاً إنّ “شعب غزة يعجز اللسان والبيان عن التعبير عن عظمته وصموده وصبره، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أهل الضفة الغربية”.
كما وجه “التحية إلى كل الذين تضامنوا وساندوا ودعموا على مستوى العالم من دول عربية وإسلامية وأميركا اللاتينية، وخصّ بالذكر السواعد العراقية واليمنية التي دخلت إلى قلب معركة طوفان الأقصى”.