ترحيب المسؤولين الإسرائيليين بإعلان البيت الأبيض رسمياً، يوم الثلاثاء الماضي، أنّ الرئيس الأميركي، جو بايدن، سيزور فلسطين المحتلة والسعودية، في منتصف شهر تموز/يوليو المقبل، قابله اهتمام كبير من جانب المعلّقين في “إسرائيل” بأبعاد الزيارة، أميركياً وإقليمياً وإسرائيلياً وفلسطينياً.
البُعد الأميركي الداخلي: خفض أسعار الطاقة
أشارت مراسلة الشؤون السياسية في قناة “كان”، غيلي كوهِن، إلى أنّ “إسرائيل” ليست المحطة الأهم في زيارة بايدن للمنطقة، فـ”دُرّة التاج” في الزيارة هي زيارته السعودية، واللقاء الذي سيجمعه بوليّ العهد السعوديّ، محمد بن سلمان. وأضاف محرّر الشؤون الخارجية في القناة “الثالثة عشرة”، غيل تماري، أنه على الرغم من تورّط ابن سلمان في مقتل الصحافيّ السعودي، جمال خاشقجي، فإن بايدن سيأتي إلى السعودية لسببٍ وحيد، هو أسعار النفط، التي بلغت 5 دولارات لكل غالون. و”هذا، من ناحية الإدارة الأميركية، ضوء أحمر وحالة طوارئ”.
وفي هذا السياق، رأى مراسل الشؤون السياسة في قناة “كان”، عميخاي شتاين، أن بايدن يأمل أن تُصَدّر السعودية مزيداً من النفط، على نحو يخفّض الأسعار في الولايات المتحدة. وحينذاك، يكون أمام الديموقراطيين شهر جيد في تشرين الثاني/نوفمبر قبيل حلول موعد منتصف الولاية للكونغرس.
ويهدف بايدن من زيارته السعودية، وفقاً للكاتب في صحيفة “هآرتس”، يهونتان ليس، إلى بلورة تعاون إقليمي مهم لمواجهة أزمتَي الطاقة والغذاء العالميَّتين، وتعزيز التحالف في مقابل روسيا، ومحاولة تقليص التضخم المالي المتزايد في الولايات المتحدة الأميركية.
البُعد الإقليمي: حلف مع السعودية ضد إيران
في البُعد الإقليمي للزيارة، وفي موازاة الكلام الرسمي ذي الصلة، والصادر عن رئيس الحكومة نفتالي بينيت، ووزير الخارجية يائير لبيد، نقلت قناة “كان”، عن مسؤولين في “إسرائيل”، توقّعاتهم أن يعلن بايدن خلال الزيارة تأسيس منتدى أمني، وهي خطوة تُعَدّ فرصة مستجدة في مواجهة التهديد الإيراني، وفقاً لمصادر إسرائيلية.
ولفتت قناة “كان” إلى أنه، في أثناء زيارة بايدن، من المرتقب أن يعلن تعاوناً أمنياً غير مسبوق بين “إسرائيل” ودول الخليج، ويشمل السعودية. وأضافت قناة “كان” أن ثمة تحضيرات واتصالات متقدمة لتأسيس منتدى رسمي أمني بين الاحتلال والسعودية وعدد من الدول العربية، التي ستنهمك في قضية الدفاع الإقليمي في منطقة الخليج، بالطبع في مقابل التهديد الإيراني.
ورجّحت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن تقوم السعودية، في أثناء زيارة بايدن، بخطوات تطبيع حَذِرة ومحسوبة مع الاحتلال الإسرائيلي. وأضافت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن حديث بايدن عن أمن “إسرائيل” القومي، مرتبط بالاتفاق السعودي – المصري على نقل جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، بموافقة إسرائيلية. وهذا الأمر يُنظَر إليه في “إسرائيل”، بحسب “جيروزاليم بوست”، على أنه خطوة أخرى نحو التطبيع الإسرائيلي – السعودي، ونحو إقامة هيكل أمني إقليمي تُدمَج فيه “إسرائيل”.
البُعد الداخلي الإسرائيلي: تسليح ودعم سياسي
بالإضافة إلى الحديث عن الفائدة “السياسية”، التي ستجنيها “إسرائيل” من زيارة بايدن، بشأن التطبيع والتعاون مع الدول العربية، أفاد “موقع والاه الإخباري” بأنّ مشروع منظومة اعتراض اللايزر لوزارة الأمن الإسرائيلية سيُعرَض على الرئيس الأميركي خلال زيارته “إسرائيل”، بحيث يخطط رؤساءُ المؤسسة الأمنية الطلبَ من بايدن الانتقالَ من التعاون العسكري إلى بناء قوة ثابتة، وتوسيع المنتديات المشتركة في مجال الدفاع، من خلال ضم “دول سُنّية معتدلة إليها”، بحسب توصيف موقع “والاه”.
وكشف الموقع أن مصادر في جيش الاحتلال الإسرائيلي قالت إنه ليس سراً أن وزارة الأمن الإسرائيلية تبحث عن شركاء للمشروع، بسبب تكلفته الباهظة جداً.
من جهة أُخرى، تساءلت صحيفة “هآرتس” عن هوية رئيس حكومة الاحتلال الذي سيستقبل بايدن بعد شهر من اليوم، في وقت تطرح الأزمة السياسية الداخلية في “إسرائيل” تساؤلات بشأن مستقبل الحكومة الحالية. ولفتت الصحيفة إلى أن زيارة بايدن ستمنح مكسباً سياسياً وفرص تصوير مهمة لرئيس الحكومة المستضيف. وأضافت أن بايدن سيتحول إلى ممثل ثانوي في الحملات التي ستجري في “إسرائيل”.
البُعد الفلسطيني: تهدئة إلى ما بعد الزيارة
في سياق الزيارة التي سيقوم بها بايدن للسلطة الفلسطينية، كشف مراسل الشؤون السياسة في قناة “كان”، عميخاي شتاين، أنّ بايدن سيقوم بخطوة مهمة، وهي زيارة مستشفى فلسطيني مموَّل أميركياً في القدس المحتلة، من دون تمثيل إسرائيلي، و”هي خطوة لم يقم بها أي رئيس أميركي من قبلُ”، بحسب شتاين.
ولفتت صحيفة “هآرتس” إلى أنّ بايدن سيحاول إرضاء القيادة الفلسطينية المستاءة من الكتف الباردة لواشنطن في الأعوام الأخيرة. ويُتوقَّع أن يُعلن بايدن مساعدة مالية مهمة لتعزيز السلطة الفلسطينية.
بالإضافة إلى ذلك، نقل موقع “والاه”، عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين وفلسطينيين كبار، قولهم إنّ واشنطن طلبت من “إسرائيل” الامتناع عن اتخاذ خطوات في الضفة الغربية وشرقي القدس المحتلة، من شأنها أن تزيد في التوتر مع الفلسطينيين، وذلك إلى ما بعد زيارة بايدن.