فشلت الحكومات التونسية المتعاقبة، في إيجاد حل جذري لمعضلة البطالة، على الرغم من المقترحات التي تقدمت بها، وكان آخرها القانون عدد 38 المتعلق بانتداب أصحاب الشهادات العليا ممن فاقت بطالتهم عشر سنوات.
في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلن الرئيس قيس سعيد، أنه “من المقاربات التي يجب العمل عليها لتشغيل الشباب المعطل عن العمل وأصحاب الشهادات العليا الذين طالت بطالتهم، استعادة أموال الشعب المنهوبة”.
ويريد سعيد بعد استعادة الأموال المنهوبة، تأسيس شركات جديدة بنظام الشركات الأهلية، يكون فيها المساهمون من سكان المنطقة وتتوفر فيهم صفة الناخب في الانتخابات البلدية.
وحسب بيانات المعهد التونسي للإحصاء، ارتفعت نسبة البطالة إلى 18.4 في المئة في الربع الثالث 2021، صعودا من 17.9 في المئة في الربع الثاني من العام نفسه، و17.8 في المئة في الربع الأول.
ووفقا للبيانات، فإن نسبة البطالة كانت تبلغ 15.1 في المئة في الربع الأول من 2020، و18.0 في المئة في الربع الثاني، و16.2 في المئة في الربع الثالث، و17.4 في المئة في الربع الرابع من نفس العام، و14.9 في المئة في الربع الرابع 2019.
وللوقوف على جدوى مقترح الشركات الأهلية، وقدرته على حل مشكل البطالة، اعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن “المقترح لا يمكن أن يساهم في حل معضلة البطالة، باعتبار أن هذه الشركات غير موجودة أساسا في القانون التجاري التونسي”.
وأكد سعيدان: “لخلق هذه الشركات لا بد من وضع إطار قانوني جديد وهذا يتطلب وقتا”.
وزاد: “ما الفائدة من هذه الشركات التي هي غير موجودة أساسا في العالم، باستثناء عُمان والبرازيل وبعض البلدان الأخرى. نحن لدينا إطار قانوني وهو شركات الاقتصاد التضامني والاجتماعي التي تفي بالحاجة”.
مضيفا: “أيضا، لدينا الإطار القانوني للتعاضديات، على الرغم من أن التونسيين لديهم تجربة غير ناجحة في الستينات مع التعاضد، ولكن في ذلك الوقت كانت مفروضة من طرف السلطة”.
جدوى الاقتراح
وتساءل سعيدان، عن جدوى اقتراح هذا الحل الآن، مشددا أن “هذا لن يخلق الثروة أو مَواطن الشغل بالسرعة والكمية المطلوبة الآن في تونس”.
وأكد الخبير الاقتصادي أن الحل لهذه المعضلة، هو أشمل من ذلك بكثير، مشيرا إلى أن “الأطر القانونية الموجودة حاليا ممكن أن تعطينا نتيجة أفضل بكثير من التفكير في أنواع أخرى من الشركات غير موجودة أساسا في القانون”.
وتابع: “نحن في حاجة إلى اصلاح الاقتصاد التونسي والمالية العمومية والمؤسسات العمومية، وكل هذه الإصلاحات التي تحدثنا عنها منذ سنوات عديدة ولم ندخل فيها إلى حد الان، هي الطريق الوحيد الذي يُمكّن تونس من الخروج من هذه الأزمة”.
حلّ جزئي لكن صعب
في المقابل، يرى أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية رضا قويعة، أن مقترح الشركات الأهلية يُمكن أن يمثل حلّا جزئيا لمعضلة البطالة في تونس.
وأكد: “أعتقد أنه حلّ ممكن ولكن في نفس الوقت صعب، نظرا للصعوبات التي تعترض تكوين مثل هذه الشركات”.
لافتا: “من الصعب خلق هذه الشركات في تونس، في ظل ما يحدث الآن من تجاذبات سياسية أو أمنية.. هذا النوع من الشركات الأهلية يكون وسيلة لتنشيط الاقتصاد خاصة في الجهات الداخلية حيث نسب البطالة مرتفعة جدا”.
وزاد: “هذا الحل يجب أن يتزامن مع جملة من الحلول الأخرى أهمّها إعطاء أكثر ما يمكن من التحفيز للمستثمر التونسي والأجنبي، وتقليص المشاكل الإدارية لبعث أكثر شركات في الجهات الداخلية”.
المصدر القدس العربي