يستقبل المسلمون بكل أطيافهم ذكرى يوم الأربعين الحسيني، هذا اليوم الذي فيه تحيا القلوب في تجديد العشق لسيد الشهداء عليه السلام، يوم جمع كلمة المسلمين وحبهم وولائهم لأهل بيت رسول الله (ص)، فمنذ مئات السنين تسير القوافل الحسينية في يوم الاربعين من كل عام من الصغار والكبار والشيوخ ومن الرجال والنساء والأطفال.
إن لواقعة كربلاء أثر تاريخي لا يمكن نسيانه أو تجاهل تفاصيله، ففي كل عام تتجدد مشاعر الحب لأبي عبد الله (ع)، الذي ضحى بدمه وعياله لنصرة الإسلام وإنقاذ البشرية من الطغيان والضياع، لم تكن تلك التضحيات مجرد واقعة، بل كانت مسيرة تاريخية مستمرة من زمن الأنبياء والرسل في الدفاع عن القضية الإلهية، ولنصرة المظلوم وهداية الناس.
لا نستطيع إنكار أن لشيعة اهل البيت (ع) دور كبير في استمرار هذه الشعائر، رغم كل ما تحملوه من ظلم بعض الحكام المستبدين، ورغم كل ما جرى من أحداث دموية وإرهابية استهدفت لسنوات عديدة هذه المسيرات المليونية، إذ نرى في كل عام زحف العاشقين بقلوبهم النابضة وبعيونهم الباكية على كل قطرة سالت من أهل بيت النبوة على هذه الأرض الطاهرة، لنبقى ونحيا في دين نقي طاهر من أي انحراف أراده أعداء الإسلام والإنسانية.
إن زيارة الأربعين لها القدرة على نقل الملحمة الحسينية بأمانة للأجيال القادمة، لأنها امتداد لتلك المسيرة العطرة الطيبة والإنسانية للإمام الحسين في كل حياته، إن ثورة كربلاء هي لكل الأجيال ونتعلم منها الدروس والعبر في خدمة قضايا الأمة، وأن الدور الحقيقي لم يقتصر على قضايا الدين فقط بل إلى كل القضايا التي تهم حياة الإنسان في العصر المعاصر وتقدم كل النصح والإفادة في خدمة قضايا الأمة والعالم أجمع مستلهمة من القرآن الكريم والسيرة العطرة للأنبياء وأهل البيت (ع) الدروس والعبر في خدمة كل قضايا الإنسانية جمعاء.
كل السنوات السابقة كانت بمثابة حلقة متصلة ومتسلسلة تحمل معها في كل عام أجيالا جديدة وعشاق جدد عرفوا معنى هذه الثورة العظيمة، التي تعلم الأجيال الحاضرة والقادمة معنى التضحية ومعنى أن نكون أعزاء في ديننا وحياتنا، وأن لا نقبل الذل والخضوع لأي ظالم أو محتل أو غاصب أو عدو لديننا ومقدساتنا.