أبدى نشطاء جزائريون حزنهم العميق بعد ورود نبأ وفاة بيار أودان، نجل موريس أودان، المقاوم الشهير ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر، الذي اغتالته السلطات الاستعمارية وأخفت جثته في قضية لم تعترف بها فرنسا إلا مؤخرا.
وفارق بيار الحياة مثلما كشفت عنه “جمعية موريس وجوزيت أودان” في فرنسا، عن عمر يناهز 66 عاما إثر إصابته بالسرطان. وتأتي وفاته بعد سنة من حصوله على جواز السفر الجزائري بقرار من الرئيس عبد المجيد تبون، وقد كان في قمة السعادة بعدما استلم جوازه الأخضر، رغم أنه كان يؤكد دائما أنه لا يحتاج للوثائق ليثبت أنه جزائري.
وكتب الصحافي خالد درارني الذي كان بيار من أكثر المناضلين من أجل قضيته عندما دخل السجن سنة 2020، ناعيا الرجل بالقول: “لقد صدمت برحيل مواطننا بيار أودان ابن المناضل المناهض للاستعمار موريس المغتال من الجيش الاستعماري، وجوزيت رمز الصمود والشجاعة”. وأضاف: “حتى وإن انتظر بيار 55 سنة للحصول على جوازه الجزائري، بقي مرتبطا بعمق بمواطنيه في الجزائر داعما مطالبهم في الحرية والكرامة”. وختم درارني قائلا: “لقد كان بالنسبة لي سندا معنويا قويا عندما كنت في السجن”.
من جانبه، وصف الناشط في المجتمع المدني حكيم عداد، بيار أودان الذي كان من أعز أصدقائه بكلمات مؤثرة قائلا: “رحل صديقي، رفيقي، أخي. العالم يفقد شخصية عظيمة، رجلا كريما، مناضلا، صلبا، ناشطا يساريا لم يضع لسانه في جيبه”. وتابع: “كان دائما على اطلاع على المظالم وحاضرا إلى جانب شعبه الجزائري وعلى وجه الخصوص في قضية سجناء الرأي”.
وكان بيار أودان يزور باستمرار الجزائر في السنتين الأخيرتين، وحضر قبل سنة تدشين تمثال لوالده تخليدا لذكراه في الساحة التي تحمل اسمه في قلب العاصمة، والتي كانت من أبرز أماكن التجمع في فترة الحراك الشعبي. وأدلى في تلك المناسبة بتصريحات تدعو السلطات الجزائرية للتفتيش بالعاصمة في أماكن معينة حيث يمكن العثور على رفات والده. واتهم السلطات الفرنسية بعرقلة الوصول لأرشيف الثورة الجزائرية بكل الوسائل، مطالبا بفتح الأرشيف بشكل كامل.
وخاض بيار أودان ووالدته جوزيت معركة قانونية طويلة ضد الأرشيف الفرنسي من أجل الحصول على معلومات حول اغتيال موريس أودان في الجزائر. وانتهى الأمر باعتراف الدولة الفرنسية بعملية الاغتيال، حيث توجّه الرئيس ماكرون إلى أرملة موريس أودان، بخطاب في 13 أيلول/ سبتمبر 2018، اعترف فيه للمرّة الأولى بمسؤولية فرنسا عن ”خطف موريس أودان واحتجازه وتعذيبه وتصفيته، خارج أيّ أطر قانونية، وفي شكل مخلٍ بقيم الجمهورية وأخلاقيات الحرب”، على حد تعبيره.
ويعد موريس أودان، وهو أستاذ الرياضيات بجامعة الجزائر خلال الفترة الاستعمارية والمناضل في الحزب الشيوعي، من أبرز المدافعين عن استقلال الجزائر، وهو ما دفع السلطات الفرنسية لاختطافه واغتياله في حزيران/ يونيو 1957 بطريقة بشعة مع إخفاء جثته التي لا يزال مكان دفنها مجهولا إلى اليوم.
القدس العربي