بينما يحذّر الأخصائيون من خطورة الوضع الوبائي غير المسبوق في تونس والمرشّح لمزيد من التدهور خاصة مع رصد العديد من الإصابات بمتحوّر دلتا لفيروس كورونا، يبدو أنّ الحكومة ما تزال متردّدة في اتخاذ إجراءات كفيلة باحتواء الوباء والحدّ من تداعياته، أوّلها توفير التلاقيح بكميات كافية.
وفي الأثناء ورغم اللآلاف من الأرواح التي حصدها الفيروس وما يزال، يصّر المواطنون على عدم الإلتزام بالإجراءات الوقائية وعلى تحدي قرارات الدولة التي بالكاد تطبّق في أماكن محدودة.
وتنذر حالة الإستهتار بصيف صعبـ حسب المؤشرات الوبائية التي لم تبلغ ذروتها بعد.
”الوضع أخطر من الهند”
وأكّدت الدكتورة سميرة مرعي أستاذة الأمراض الصدرية خلال حضورها في برنامج ميدي شو اليوم الثلاثاء 29 جوان 2021 أنّ الوضع في تونس حاليا أخطر من الوضع الذي شهدته الهند في أفريل وماي الماضيين وهذا ما تؤكّده الأرقام، وفق تصريحها.
وقالت إنّ الحجر الصحي الشامل، رغم أنّها كانت من معارضيه في البداية لاعتبراات اجتماعية واقتصادية، بات إجراء يفرض نفسه لكسر حلقات العدوى والتخفيف من الضغط على المستشفيات خشية أن لا نجد الإمكانيات لتوفير العلاج لاحقا لمن يطلبه سواء في القطاعين العام والخاص.
كما دعت مرعي إلى ضرورة التضامن الوطني لإنجاح الحجر الصحي الشامل وحتى يحقق هذا الإجراء الأهداف المرجوة منه.
ولفتت مرعي إلى أنّ الفيروس بات يضرب الفئات الشابة، مشيرة إلى ضرورة عدم الإستهانة بالأعراض الخفيفة وضرورة القيام باختبار حماية لعائلته والأشخاص المتواجدين في محيطه عموما.
وحذّرت من أنّ تونس ما تزال في بداية هذه الموجة الجديدة وأنّ الأسوأ لم يأت بعد.
منع التجمعات والتنقّل بين الجهات
أمّا مستثار منظمة الصحة العالمية في تونس الدكتور سهيل العلويني فقد شدّد، خلال حضوره في البرنامج، على ضرورة التنقّل بين الجهات والتقليص من أعداد الأشخاص العاملين في المكاتب قدر الإمكان.
كما شدد على ضرورة منع التجمعات سواء الثقافية أو الرياضية أو غيرها إضافة إلى منع إقامة حفلات الزفاف، منتقد عدم اتخاذ الدولة لإجراءت استباقية لمنعها على غرار التجمع الجماهيري لأحباء النادي الرياضي الصفاقسي مؤخرا احتفالا بحصول الفريق على لقب الكأس.
وأشار العلويني إلى أنّ البنية التحتية الصحية تشكو من عدّة نقائص وهي غير قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من المرضى، واصفا الوضع الوبائي بالخطير وبالذات مع السلالة الهندية (دلتا).
كما دعا كل من مرعي والعلويني إلى ضرورة الإسراع في توفير التلاقيح عبر الشراءات المباشرة وعدم التعويل على منظومة كوفاكس وبعيدا عن المناكفات السياسية.
وتابع الدكتور سهيل العلويني: الوضع غير عادي…يجب أن تترك الخلافات جانبا واتخاذ قرارات تنفّذ على أرض الواقع”
حالة تنافر قديمة بين الدولة والمواطن
أمّا محمد جويلي أستاذ علم الإجتماعي باالجامعة التونسية فيعتبر بأنّ عدم استبطان المواطنين لقرارات الدولة والإجراءات المتخذة للحد من انتشار الوباء يعود لأسباب ثقافية واجتماعية ولتمثّلات الناس للدولة وعلاقتهم بها والتي قامت أساسا على المنع.
وفسّر ذلك بـ ”حالة التنافر القديمة بين الدولة والمواطن”، وأنّ رفض المواطنين للإمتثال هو بمثابة تصفية حسابات مع ارث الدولة الوطنية، على حدّ تعبيره.
موزاييك