تشهد العلاقات التونسية الأمريكية توترا متزايدا منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن التدابير الاستثنائية في 25 تموز/يوليو من العام الماضي.
وقد أعلن وفد من الكونغرس مؤخرا أثناء زيارته الى تونس انشغاله بالمسار الديمقراطي في البلاد، وهو ما اعتبره خبراء وناشطون محاولة للضغط على تونس بحجة الديمقراطية.
وتأتي زيارة الوفد الأمريكي في أعقاب انتقادات متكررة صدرت عن المسؤولين في الإدارة الأمريكية بشأن الوضع السياسي في البلاد.
وتؤكد تونس في كل المناسبات على استقلالية قرارها السيادي، وذلك ردا على ما اقترحه أعضاء الكونغرس خلال الزيارة بشأن “وضع قانون انتخابي بشكل تشاركي يتيح أوسع مشاركة ممكنة في الانتخابات التشريعية المقبلة”.
الناشط والمحلل السياسي جمال مارس أكد لموقع “العهد الإخباري” أن “تونس اليوم تتعرض لضغوطات أمريكية من أجل التطبيع عبر استغلال لحظة الوهن الاقتصادي”، وتابع “بعد زيارة وفد الكونغرس والبيان الصادر عنه على إثر ذلك، يمكن القول إن الأمريكيين يستعملون بشكل واضح ورقة الديمقراطية كوسيلة ضغط على السلطة السياسية بتونس بغرض المحافظة على تواصل النفوذ الأمريكي في منطقة شمال افريقيا، ومن خلال نص البيان مدعّما بالاطلاع على واقع السياسة الخارجية في منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط يمكن الاستنتاج ان الأمريكيين يريدون الحفاظ على موطئ قدم للتيارات الموالية لهم في تونس والمنطقة على غرار بعض الأحزاب المعروفة بتواطئها مع سياسات الأمريكيين لتمرير طموحاتهم في المنطقة “.
ورأى أن “الأمريكيين يستخدمون ورقة الديمقراطية للضغط على تونس في مجال علاقاتها الاقتصادية خاصة أن أغلب المنظمات الداعمة لمسار 25 تموز/يوليو تدعو الى ضرورة تنويع العلاقات الاقتصادية والتوجه تدريجيا نحو الشرق أي الصين والهند والاقتراب من طريق الحرير أكثر ما يمكن، بغية تفادي الابتزاز الغربي والرضوخ للشروط المجحفة لصندوق النقد الدولي بالنظر الى الواقع الاقتصادي والاجتماعي اليوم في تونس ووضعية ميزانية الدولة”.
وأشار الى أن “هناك تأرجحًا بين الإقرار بالأمر الواقع الذي يمثله مسار 25 تموز/يوليو مع انتقاده المتواصل بغية الابتزاز السياسي مع مقاربة رسمية، ومن جهة أخرى الابتزاز يكون عبر الهياكل ومنظمات المجتمع المدني الأمريكية عبر مقاربة الاحتواء مع شخصية رئيس الجمهورية الذي تصنفه الأوساط الغربية بأنه رئيس غامض”.
أما بخصوص مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني، فاعتبر محدثنا أنها “مسألة مفترضة في السياسة الأمريكية تجاه الدول العربية بغاية الابتزاز خاصة عندما تكون الدول في وضعية ضعف لهذا السبب او ذاك”، وأردف “الأمريكيون اليوم يدركون الواقع التونسي خاصة أن غالبية الشعب والنخب الوطنية تعارض بشدة وبشكل كبير مسألة التطبيع بما يجعل طرح هذه المسألة تجاه تونس غير ممكنة لعدة أسباب وطنية وإقليمية في الجهة”.
يشار الى أن تونس تؤكد في كل المناسبات التزامها برفض التطبيع وبمبادئ “المقاطعة” العربية لـ”إسرائيل”.
وقد نفت وزارة التجارة التونسية التقارير التي تداولتها بعض المواقع الإخبارية عن وجود مبادلات تجارية بين الجمهورية التونسية والكيان الصهيوني، مشيرة الى ان تونس ملتزمة بأحكام ومبادئ المقاطعة العربية.
وأضافت في بيان صدر مؤخرًا “تم تثبيت عدم تطبيق اتفاقية الغات (GATT) إزاء إسرائيل، عملا بأحكام المادة 35 من هذه الاتفاقية، وذلك منذ انضمام بلادنا إليها عام 1990”.
وأوضحت أنها تتبادل المعلومات والإخطارات مع جميع الهياكل بشأن السلع الإسرائيلية أو السلع الأجنبية التي بها مدخلات من “إسرائيل” قد تتسرب إلى السوق التونسية.
وبيّنت أنه “يتم حظر التعامل مع الشركات ووسائل النقل الأجنبية التي يثبت خرقها لمبادئ وأحكام المقاطعة لـ”إسرائيل” بقرار من مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري”.
وكالات