أكد موقع “الكونفيدونثيال” الإسباني تواصل التوتر الشديد بين الجزائر وإسبانيا على خلفية إعلان حكومة مدريد دعم مقترح الحكم الذاتي الذي طرحته الرباط قبل سنوات، كحل لقضية الصحراء الغربية المتنازع عليها، وهو الذي اعتبرته الجزائر”خيانة وانقلابا تاريخيا” لإسبانيا المستعمر السابق للصحراء الغربية.
وقال الموقع إن شركة سوناطراك الجزائرية ووزارة التحول البيئي تقدمان روايات متناقضة حول مشكلة في خط أنابيب الغاز ميدغاز، وتوضح التناقضات، حسبه، استمرار التوتر بين مدريد والجزائر
وتحت عنوان “الجزائر تؤكد خطيا أنها قطعت العلاقات التجارية مع إسبانيا ولا تخشى عقوبات بروكسل”، شدد الموقع على أن الجزائر لا تخشى عقوبات الاتحاد الأوربي المحتملة، التي لوحت بها حكومة مدريد، وخاصة وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألباريس، الذي خصته السلطات ووسائل الإعلام الجزائرية بانتقادات شديدة، لتلويحه بهذا التهديد الأوروبي، واتهام موسكو بتحريك الجزائر لاستهداف إسبانيا.
وكانت الجزائر وفي مسعاها لـ”معاقبة” مدريد، أعلنت في 8 يونيو/ حزيران الماضي، عن التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا، الموقعة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2002.
ثم أصدرت جمعية البنوك الجزائرية، تعليمات للمؤسسات المالية تقضي “بتجميد عمليات التصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا، ووقف أي عملية توطين بنكي لإجراء عمليات تجارية مع مدريد”، وهو بمثابة قطع للعلاقات التجارية بكل تداعيات ذلك.
وأكدت أن القرار ساري المفعول، ابتداء من 9 يونيو/ حزيران الماضي.
وقرار تعليق المعاملات المالية للتجارة الخارجية من وإلى اسبانيا، سيُفقد الطرف الإسباني سوقا تدرّ عليها 1.9 مليار دولار سنويا، وفق إحصائيات رسمية.
وتعتبر مدريد خامس مورّد للجزائر بعد الصين، وفرنسا، وإيطاليا وألمانيا، وثاني أكبر سوق لها في إفريقيا بعد المغرب، بينما تصدر الجزائر لإسبانيا، التي شهدت تراجعا كبيرا منذ بداية الأزمة بين البلدين، حيث تراجعت الجزائر من المزود التاريخي الأول لمدريد بالغاز، إلى المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، التي أثار حلولها محل الجزائر لتصبح ثاني أكبر مورّد للغاز الطبيعي لإسبانيا في شهر حزيران/يونيو الماضي، وذلك بعد تراجع التدفقات القادمة من الجزائر، جدلا وتساؤلات، عن هذه المفارقة بالنظر إلى أن حكومة مدريد كانت تتهم الجزائر عمليا بأنها تحركها موسكو ضدها وليس تغير موقف حكومة بيدرو سانشيز من قضية الصحراء الغربية، في مارس / آذار الماضي، والذي أثار غضب الجزائر ودفعها لسحب سفيرها في مدريد.
ففي شهر حزيران/يونيو الماضي وصلت الواردات من روسيا لإسبانيا إلى 8752 جيغاوات/ساعة، أي أكثر من الضعف بالمقارنة بشهر أيار/مايو، وبما يعادل 24% من إجمالي طلب إسبانيا، وفقا لشركة “إينا غاز” المشغلة للشبكة.
وتراجعت التدفقات من الجزائر إلى 7763 جيغاوات/ساعة مقابل 9094 جيغاوات/ساعة في أيار/مايو، وهو نحو نصف الكميات المسجلة في حزيران/يونيو 2021، وبما يمثل 22% من الطلب. فيما تظل الولايات المتحدة أكبر مورّد بحصة 30%.
وقد أثار حلول روسيا محل الجزائر لتصبح ثاني أكبر مورّد للغاز الطبيعي لإسبانيا في شهر حزيران/يونيو الماضي، وذلك بعد تراجع التدفقات القادمة من الجزائر وسط توتر دبلوماسي، جدلا وتساؤلات، عن هذه المفارقة بالنظر إلى أن حكومة مدريد كانت تتهم الجزائر عمليا بأنها تحركها موسكو ضدها وليس تغير موقف حكومة بيدرو سانشيز من قضية الصحراء الغربية.
وكان حديث وزراء إسبان عن وجود دور روسي في إشعال الأزمة بين الجزائر ومدريد، السلطات الجزائرية، إلى تبني موقف أكثر راديكالية، يستبعد كلياً تطبيع العلاقات بين البلدين في ظل حكومة بيدرو سانشيز الحالية. وكان موقع “الكونفيدنثيال” نفسه، نقل الشهر الماضي، عن الدبلوماسي الجزائري، عمار بلاني، قوله إن الجزائر أي أفق لحل أزمتها مع إسبانيا ما دامت الحكومة الحالية في مدريد مستمرة. وقال عمار بلاني، المبعوث الجزائري الخاص للصحراء الغربية والمغرب العربي، في تصريحات لجريدة “كونفيدنسيال” الإسبانية، إنه سيتعين انتظار حكومة جديدة لإنهاء الأزمة، تصوب من التوجه الحالي في ما يتعلق بقضية الصحراء الغربية.
وأكد بلاني أن “التصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس ونائبة رئيس الحكومة نادية كالفينيو، تدمر بشكل قاطع أي إمكانية لتطبيع العلاقات مع حكومة غير موثوقة تمارس الكذب والهروب إلى الأمام”.
وبدت الجزائر منزعجة جداً من التصريحات الإسبانية التي تحدثت عن دور روسي في دفع الجزائر لاتخاذ إجراءات عقابية ضد إسبانيا، وهو ما عكسته برقية وكالة الأنباء الجزائرية الشهر الماضي، التي هاجمت بضراوة وزير الخارجية الإسباني.
وقالت الوكالة الرسمية إن “تنقلات رئيس الدبلوماسية الإسبانية مؤخراً بين مدريد وبروكسل تثير تساؤلات حول قدرات دبلوماسي لا يليق بهذا البلد المتوسطي الكبير وبشعبه العظيم الذي فرض دوماً الاحترام”.
وذكرت أن “السيد ألباريس، الذي تسلل إلى الدبلوماسية ولم يكف قط عن ارتكاب الأخطاء (يجب أن نعترف له بذلك!)، تمكن من التلاعب بأحد من أبناء وطنه، زميل في الحزب ووزير خارجية بلده سابقاً، الذي هو اليوم على رأس العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي ضارباً بذلك مصداقية هذه الهيئة القارية البالغة الأهمية التي أقدمت على نشر بيان لا أساس له ضد الجزائر”.
وقصدت برقية وكالة الأنباء، بيان الاتحاد الأوروبي حول تعليق الجزائر لمعاملات التجارة الخارجية مع إسبانيا، وردت عليه بعثة الجزائر في بروكسل، باستنكار ما وصفته ” التدخل المتسرع وغير اللائق للمفوضية الأوروبية في هذه القضية، والمزاعم والأوهام بخصوص المخاطر التي قد تتعرض لها المبادلات التجارية بين البلدين”.
وواصلت وكالة الأنباء الجزائرية هجومها على الوزير الإسباني، على خلفية إقحامه روسيا في الخلاف بين البلدين، وقالت: “إلا أن هزلية هذا النكرة، شبه الدبلوماسي، الذي أوكلت إليه مهمة فيها من الصعوبة بما كان، وهي قيادة السياسة الخارجية لمملكة إسبانيا، أوحى عند عودته من بروكسل، لمن يريد سماعه، أن روسيا بل بوتين نفسه من كان وراء نشوب هذه الأزمة”.
وتابعت تقول: ” إن نداء الوزير الإسباني المثير للشفقة موجه للولايات المتحدة وللحلف الأطلسي لإنقاذ هذا الوزير الصغير، بعد أن حاول عبثاً حشد الاتحاد الأوروبي ها هو يستخدم روسيا كفزاعة من أجل إقناع أقرانه الأوروبيين بالوقوف إلى جانبه”.
القدس العربي