غاص السياسي والباحث المغربي، الأمير هشام العلوي، ابن عم الملك المغربي محمد السادس، في خلفيات موجة التطبيع الأخيرة (اتفاقيات أبراهام)، التي توقفت عربيا بمجرد مغادرة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، البيت الأبيض، وخلص إلى نتيجة مفادها أنه ليس من هدف لها إلا محاولة الاستقواء من قبل الدول المطبعة على دول مجاورة.
وتطرق العلوي إلى تطبيع بلاده مع الكيان الصهيوني، وقال إن المغرب تنظر إلى تل أبيب على أنها ملاذ يمكن الاحتماء به، لمواجهة التفوق العسكري المتنامي للدولة الجزائرية، وكتب في مقال له نشر على موقع “أوريون 21”: “ترى المغرب في إسرائيل شريكاً مفيداً في وجه تقدّم الجزائر في بعض القطاعات العسكرية”.
أما تطبيع السودان، فقد ربطه برغبة المسئولين في هذا البلد، الذي كان يعمل جاهدا من أجل حذف البلاد من لائحة الدول الداعمة للإرهاب، مانحاً إياهم إمكانية الانفتاح على التعاون الاقتصادي والعسكري مع الغرب، بعد سنوات طوال من الحصار.
مقاربة الأمير المغربي في تفكيك ألغاز فضيحة التطبيع، تجد لها أكثر من مبرر في الحالة المغربية، فالرباط توجد في عزلة إقليمية غير مسبوقة، محاصرة من الشرق بالجزائر، وجنوبا بالنزاع في الصحراء الغربية وكذا موريتانيا التي تنظر إلى الرباط بعين الريبة، وتونس التي أقلعت عن حيادها وباتت قريبة من الجزائر، وهذا ما جعلها وكأنها تسبح في محيط هائج.
أما خلافها مع الجزائر فقادها إلى سباق تسلح بوتيرة متسارعة بشكل صعب عليها مجاراة جارتها الشرقية، التي خلفتها بأشواط كبيرة في هذا السباق، بسبب قوة موارد هذه الأخيرة، مقابل شح الموارد المغربية، في ظرف صعب عليها حتى توفير الطعام والطاقة للملايين من الشعب المغربي الذي يعيش فاقة لا تطاق.
ومما زاد من وضع المغرب هشاشة، حسب مراقبين، هو برودة علاقاتها مع بعض شقيقاتها في الخليج، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، التي اعتادت تمويل صفقات السلاح المغربية، وهو الأمر جعلها هذه المرة غير قادرة على مباشرة صفقات التسليح التي تمكنها من إحداث التوازن في القوة مع الجزائر، ولذلك لم تجد من ملاذ سوى في الكيان الصهيوني، الذي لا يمكنه تقديم ما تبحث عنه الرباط.
هذه المقاربة تعززها معطيات أخرى تلت مباشرة اتفاقيات التطبيع، وهي الزيارات المتواترة للقاعدة العسكريين ورجال الأمن والاستخبارات في نظام الكيان الصهيوني، وهي زيارات وإن شهدت التوقيع على بروتوكولات للتعاون الأمني والاستخباراتي، إلا أن حساباتها أبعد من هذا التعاون الذي هو ليس وليد اتفاقيات أبراهام التطبيعية، وإنما يعود إلى الأيام الأولى لميلاد الكيان الصهيوني ومن دون توقف، حتى في الفترة التي سبقت التطبيع أو تلك التي توقف فيها مؤقتا، من العام 1994 إلى العام 2000.
وبرأي ناشطين مغربيين على شبكات التواصل الاجتماعي، فإن للتطبيع الأخير خلفيات أخرى أبعد من التعاون الأمني والعسكري، ويؤكدون على أن له علاقة بالوضع الداخلي في المغرب، ولاسيما ما تعلق بمستقبل النظام الملكي، وكذا خليفة الملك محمد السادس الذي يعاني من أمراض عضال، في ظل وجود خلاف حول آلية انتقال الولاية، بين نجل الملك الحالي، وولي العهد الأمير الحسن، والأمير رشيد، عمه وشقيق الملك.
ووفق ناشطين فإن التغلغل الصهيوني في نظام المخزن، يستهدف تأمين المخاوف السالف ذكرها، عبر سيطرة جهاز المخابرات الصهيوني “الموساد”، على الأجهزة الأمنية المغربية والجيش، بهدف القضاء على أية حركة تستهدف القصر في مهدها، وهي من الهواجس الناشئة جراء تفاقم الوضع الداخلي الهش.
الشروق