دعت ثماني منظمات حقوقية دولية غير حكومية، جزائرية وأجنبية، تنشط في مجال مناهضة السلاح النووي وحقوق الإنسان والبيئة، السلطات الفرنسية، في رسالة مشتركة بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية، إلى ضرورة رفع السرّية عن الملفات المتعلقة بالتفجيرات والتجارب النووية في الجزائر، ليتسنى للمنظمات الدولية المشرفة على المراقبة الاطلاع عليها، “وعدم التحجج بأسرار الدفاع والأمن القومي”.
وطالبت هذه المنظمات فرنسا بالاعتراف بالآثار السلبية المدمرة التي خلفتها التجارب النووية للسلطات الاستعمارية في الصحراء الجزائرية، بين عامي 1960 و1966، وتحمل مسؤوليتها عنها، وتسليم المخططات البيانية لمواقع التفجيرات ومدافنها لتنظيفها، واتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الكارثة المستمرة الناجمة عن هذه التفجيرات.
وشددت على ضرورة بذل “جهود شفافة وتعاونية بين الجزائر وفرنسا والمجتمع الدولي لتحديد المواقع التي دُفنت فيها النفايات النووية ومعالجتها بدقة… واتخاذ تدابير إعادة تأهيل شاملة لحماية السكان المتضررين والبيئة والموارد المائية والنباتات والحيوانات”.
وتماطل باريس منذ سنوات في تقديم المخططات الطبوغرافية إلى السلطات الجزائرية، رغم مطالبات مستمرة، منها مطالبة قائد الجيش الجزائري الفريق سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيوش الفرنسية الفريق أول فرانسوا لوكوانتر، لدى زيارته إلى الجزائر في إبريل/نيسان 2021، تقديم “الخرائط الطبوغرافية” بغرض تمكين الجانب الجزائري من “تحديد مناطق دفن النفايات الملوثة، المشعة أو الكيماوية غير المكتشفة لحد اليوم”.
وفي أكثر من مناسبة، حرص الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إظهار تمسك بلاده بمطلب “تحمل فرنسا مسؤولياتها في تنظيف مناطق التفجيرات النووية وتعويض ضحاياها”.
وفي 13 فبراير 1960، نفذت فرنسا تفجيرات “الجربوع الأزرق” في الصحراء الجزائرية، وأجرت في المجموع 17 تجربة تفجير نووية في عدة مواقع هناك، تحديداً في “رقان” و”إن إكر”، كانت لها تبعات مستمرة حتى الآن على الإنسان والبيئة والغطاء النباتي والحيواني، وآثار صحية مدمرة على سكان المنطقة خلفت، بحسب دراسة أجراها الباحث العراقي كاظم العبودي، 42 ألف ضحية “تسببت الإشعاعات في إصابتها بالسرطان، والتشوهات الخلقية، وأمراض العيون، والشلل، وغيرها”.
تعويض الضحايا ودور المجتمع الدولي
من جهة أخرى، جددت المنظمات دعوتها باريس إلى “إثبات حسن النية في معالجة ملف كارثة تجاربها النووية في الجزائر”، وإشراك الضحايا الجزائريين في عملية هادفة، على غرار المبادرات المنفذة في مناطق أخرى، لتحديد وتعويض المتضررين من التجارب النووية، عبر “تسهيل رفع دعاوى التعويض وتسريع عملية التعويض للضحايا الجزائريين، ولا سيما الوصول إلى المحفوظات الطبية التي تحتفظ بها دائرة المحفوظات الطبية بالمستشفى العسكري”.
وشجّعت الرسالة الدولة الجزائرية على اتخاذ إجراءات “لإعادة تأهيل مواقع التجارب السابقة، وتقديم المساعدة لضحايا التجارب النووية، وطلب المساعدة التقنية من الدول الأطراف الأخرى في معاهدة حظر الأسلحة النووية، واستعمال كل طاقتها القانونية والدبلوماسية من أجل مساعدة ضحايا التجارب النووية في استعادة حقوقهم المعنوية والمادية”.
كما دعت المنظمات الثمانية، وكيل الأمين العام والممثل السامي لشؤون نزع السلاح بالأمم المتحدة، إلى ممارسة ضغوط على فرنسا، ومساعدة الجزائر تقنياً ولوجستياً، وحثت المجتمع الدولي على مساعدة الجزائر في معالجة “النتائج الإنسانية المترتبة على استخدام الأسلحة النووية الفرنسية وتجريبها على أراضيها، والضغط من أجل الوصول إلى اتفاق بين الجانبين، الجزائر- فرنسا، بشأن إرث التجارب النووية في الصحراء الجزائرية”.
والمنظمات الموقعة على الرسالة هي: الجمعية الوطنية لضحايا التفجيرات النووية، والأطباء الدوليون لمنع الحرب النووية، ومنظمة مبادرات نزع السلاح النووي، ومنظمة شعاع لحقوق الإنسان، ومعهد تعليم السلام والتواصل الفني، ومركز روكي ماونتن للسلام والعدالة، ومكتب السلام الدولي، والرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية.
العربي الجديد