تظاهرت أعداد من التونسيين أمس قرب مبنى البرلمان التونسي المعلقة أعماله منذ أكثر من ثلاثة أشهر، للاحتجاج على إجراءات الرئيس قيس سعيّد التي تولى بموجبها كامل السلطتين التنفيذية والتشريعية.
ونظم هذه التظاهرات حراك «مواطنين ضد الانقلاب»، للتنديد بما اعتبرته «انقلاباً» وللدفاع عن الشرعية والمؤسسات الدستورية والمطالبة بالعودة إلى المسار الديمقراطي إثر التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس سعيد يوم 25 يوليو (تموز) الماضي.
ويأتي هذا التحرك الاحتجاجي بدعم من مجموعة من الأحزاب السياسية التي تقودها «حركة النهضة» وحزامها البرلماني وبعض الشخصيات السياسية والحقوقية الأخرى بشكل غير معلن عنه.
ويقود حراك «مواطنون ضد الانقلاب» هذه الحركات الاحتجاجية الرافضة للتدابير الاستثنائية، وقد تحول هذا الحراك إلى مبادرة سياسية تدعمها بعض الشخصيات السياسية في تونس، مثل جوهر بن مبارك والأمين البوعزيزي وعبد الرؤوف بالطبيب، أحد مستشاري سعيد السابقين والحبيب بوعجيلة.
وطوقت الوحدات الأمنية التونسية محيط مقر البرلمان بعد أن سرت شائعة تؤكد أن المحتجين قد حصلوا على مفاتيح أبواب البرلمان وهم يخططون لدخول المبنى والاعتصام بداخله، وهو ما جعل التعزيزات الأمنية مكثفة منذ ساعات الصباح الأولى وقد شملت الطرق المؤدية إلى ساحة باردو.
ولاحظت «الشرق الأوسط» وجود الكثير من الحواجز الأمنية المنتصبة على مستوى الشارع الرئيسي المؤدي من باب سعدون إلى ساحة باردو، ولم يسمح للمحتجين ببلوغ الساحة. ومنعت الوحدات الأمنية المتمركزة ببعض مداخل العاصمة التونسية السيارات القادمة من جهات الوسط والساحل من الدخول إلى العاصمة. وأبلغت قوات الأمن التونسيين القادمين من الساحل والوسط بأنه يمنع عليهم دخول العاصمة قبل حلول منتصف النهار أمس.
ووقعت مناوشات في منطقة باردو بين قوات الأمن ومتظاهرين شاركوا في هذه الوقفة الاحتجاجية، وحاول بعض المحتجين اقتحام الحواجز الحديدية التي وضعتها وحدات الأمن في محيط مقر البرلمان مما اضطر أعوان الأمن لمنعهم باستعمال القوة. ورفع المتظاهرون شعارات تدعو لعزل الرئيس قيس سعيّد وتطالب بإعادة النشاط للبرلمان المجمد.
ولتفادي جر المنطقة إلى مواجهات عنيفة، كثفت وحدات الأمن عمليات التمشيط في باردو تجنبا لحصول أي أعمال مشبوهة، غير أن ذلك لم يمنع وزارة الداخلية من التأكيد على ضبط عدد من الأشخاص، وسط المتظاهرين، قائلة إنهم كانوا يحوزون أسلحة بيضاء مختلفة الأحجام والأشكال، وأشارت إلى تقديمهم إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم. ولتفادي الانزلاق إلى العنف، منعت الوحدات الأمنية، النشطاء من التظاهر أمام مقر البرلمان بباردو وأعلمتهم بأن وزارة الداخلية رخصت بالتظاهر في مستوى «شارع 20 مارس» المحاذي لساحة باردو.
وأعلمت الوحدات الأمنية، جوهر بن مبارك الناشط بحراك «مواطنون ضد الانقلاب»، أن الداخلية قررت السماح لهم بالتظاهر في تلك المنطقة فحسب، غير أن بن مبارك أكد أنهم أعلموا وزارة الداخلية في الآجال القانونية بأنهم سيتظاهرون بساحة باردو، ولم يتلقوا رداً بالرفض.
وخلال الوقفة الاحتجاجية أمس، ندّد بن مبارك، بمنع قوات الأمن المتظاهرين المعارضين لما سماه «الانقلاب على السلطة» من الوصول إلى ساحة باردو القريبة من مقر البرلمان. وقال في تصريح إعلامي إن قيس سعيّد أغلق البرلمان ثم أغلق الحكومة والدولة واليوم أغلق الجمهورية، على حد تعبيره.
وأعلن بن مبارك بقاء المتظاهرين بساحة باردو التي لن يغادروها على حد قوله، وتنظيم اعتصام مفتوح إلى أن يتم فتح كل الطرقات ورفع الحواجز التي وضعها الأمن التونسي أمام المحتجين المتوجهين إلى مكان الوقفة الاحتجاجية.
في غضون ذلك، أعلنت حركة النهضة عن إشراف راشد الغنوشي رئيس الحزب مساء السبت على اجتماع مع ثلة من شباب الحركة من مختلف الولايات (المحافظات). وقالت في بيان مقتضب إن الغنوشي أشاد بـ«دفاعهم عن الديمقراطية والشرعية وجهودهم الدؤوبة من أجل استعادة الوضع الديمقراطي في تونس».
على صعيد آخر، أعلن محمد الرقيق الوزير التونسي لأملاك الدولة عن النجاح في توفير قطعة أرض دولية كمصب مؤقت للفضلات والنفايات في منطقة صفاقس (وسط شرقي تونس) وهو ما ينبئ بقرب التوصل لحل للأزمة البيئية بمدينة عقارب التي نجمت عنها مواجهات عنيفة بين الأمن والمواطنين الرافضين لطمر الفضلات في أحد المكبات المغلقة بقرار قضائي. واعتبر الرقيق في تصريح إذاعي أن هذا الحل لن يحل المشكل جذريا، قائلاً: «لا يمكن معالجة مشكل بيئي بخلق مشكل آخر». وأضاف أن الملف سيبقى تحت أنظار رئاستي الحكومة والجمهورية لاتخاذ القرار المناسب، على حد قوله.
المصدر الشرق الأوسط