على اثر الفضيحة المالية التي هزت الولايات المتحدة الامريكية خلال سنة 2001 من خلال افلاس الشركة العملاقة للطاقة اينرون وتورط مراقب حساباتها “اندرسون” احدى الشبكات الدولية للمحاسبة والتدقيق المالي المعروفة بفضائحها المالية والجبائية نتيجة لفقدانه لاستقلاليته وتقمصه لمهمة مستشار قانوني وجبائي مثلما نلاحظه اليوم ببلادنا دون رادع وبتواطؤ من وزارة الاشراف، بادر الكونقرس الامريكي بسن قانون صاربان اوكسلاي الذي نص على عقوبات صارمة ضد المارقين والمتحيلين من مراقبي الحسابات تصل الى 20 سنة سجنا.
خلافا لذلك، تم في تونس نقل قانون سلامة المعاملات المالية الصادر بفرنسا خلال سنة 2003 بطريقة مشوهة بعد تدخل عصابة مناشدي بن علي عن طريق مستشاريه الفاسدين وتواطؤ من القائمين على وزارة المالية انذاك، ليفرغ القانون عدد 96 لسنة 2005 المتعلق بتدعيم العلاقات المالية من محتواه. فقد حرصت عصابة الفساد والنهب والمناشدة على عدم تجريم قبض مراقب الحسابات لأجور زائدة عن اجرته كمراقب حسابات على معنى الفصل 265 من مجلة الشركات التجارية التي صيغت من قبل اشخاص مشبوهين وفي وضعية تضارب مصالح. كما لم يتم تجريم تبادل المهمات بصفة صورية بين مراقبي الحسابات بغاية التلاعب بقاعدة ضرورة تغيير مراقب الحسابات بعد 6 او 9 سنوات. ايضا، تم التمديد في مدة تغيير مراقب الحسابات لتصل الى 9 سنوات وهذه بدعة تونسية لا نجد لها مثيلا بتشاريع البلدان المتطورة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يتم تغيير مراقب حسابات منظمة الامم المتحدة كل 5 سنوات.
كما تم نهب المؤسسات من خلال الزام المؤسسات الصغرى والمجهرية بتعيين مراقب حسابات من خلال الفصول 13 وما بعده من مجلة الشركات التجارية. ايضا، تم دون موجب وفائدة الزام صنف من المؤسسات بتعيين مراقبين اثنين للحسابات وقد ساهم ذلك في اثقال كاهلها والاضرار بقدراتها التنافسية. زد على ذلك ان القرار المتعلق باتعاب مراقبي الحسابات تم تغييرها في اتجاه الترفيع عديد المرات بعد 14 جانفي 2011 بتواطؤ من وزارة الاشراف ودون استشارة المنظمات المهنية الممثلة للمؤسسات التي تحولت نتيجة لاستشراء الفساد الى بقرة حلوب. فقد تصدى الفاسدون للمقترح المنقول عن التجربة الامريكية والبريطانية اين لا يلزم القانون بتعيين مراقب حسابات الا المؤسسات المدرجة بالبورصة والتي تقترض من العموم. اما بقية المؤسسات فتبقى الجلسة العامة سيدة نفسها في تعيين او عدم تعيين مراقب حسابات.
هذا وقد استغل المارقون من مراقبي الحسابات عدم خص مخالفة الفصل 265 من مجلة الشركات التجارية بعقوبة بالسجن وتواطؤ وزارة الاشراف ليتمادوا في الحصول على مهمات خاصة وقبض اجور زائدة عن اجرتهم في دوس على الاستقلالية التي يجب ان يتحلوا بها.
الاكثر فسادا ان تصر الوزارات المعنية بمراقبة الحسابات وسلامة المعاملات المالية ورئاسة الحكومة على عدم تحوير الاحكام الفاسدة المتعلقة بمراقبة الحسابات وبالاخص المضمنة بمجلة الشركات التجارية التي تمت صياغة احكامها في ظروف فاسدة وتحت اشراف وزير مشبوه وفي وضعية تضارب مصالح.
في هذا الاطار، اصدر مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة بيانا ليفضح الفساد المتمثل في منح المؤسسات العمومية والشركات التي تمتلك الدولة كل راسمالها مهمات خاصة لمراقبي حساباتها داعيا رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للتعهد بهذا الملف الخطير الذي يتستر عليه الفاسدون في كل المواقع
وكالات