ترنح قرار الاتحاد الأفريقي تعليق انضمام إسرائيل عضواً مراقباً بين من اعتبره انتصاراً ومن يراه مجرد تأجيل لمزيد من النقاش.
وبين هذا وذاك، قالت تل أبيب “إن الهيئة الأفريقية رفضت محاولات الجزائر وجنوب أفريقيا لمنع انضمامنا إليها”.
“شرخ” بين الأفارقة
جاءت مخرجات قمة الاتحاد الأفريقي التي انعقدت، الأحد السادس من فبراير (شباط) في أديس أبابا، لتكشف عن شرخ بين الأفارقة قد يهدد بنسف الهيئة التي باتت مجرد ساحة لمعارك بالوكالة، فقد فشلت القمة في الخروج بقرار واضح، مفضلة تمديد حال الترقب وفترة الصراع بدلاً من إنهاء الخلاف. وشكلت لجنة من سبعة رؤساء دول لتقديم توصية إلى قمة الاتحاد في شأن هذه المسألة، على الرغم من أن مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد قرر خلال اجتماعه في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، إحالة قرار منح إسرائيل صفة مراقب إلى القمة الأفريقية لاتخاذ قرار في هذا الشأن.
وتتكون اللجنة من الرئيس ماكي سال، بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، والرئيس النيجيري محمد بوهاري، ورئيس الكاميرون بول بيا، ومن المنتظر أن يأخذ الرئيس ماكي سال زمام المبادرة لإطلاق عمل هذه اللجنة.
تجاهل دولي ورد إسرائيلي
ولم يول المجتمع الدولي الرسمي اهتماماً بالخطوة، بينما سارعت جامعة الدول العربية إلى الترحيب بقرار القمة الأفريقية، وقالت إن قرار تجميد عضوية إسرائيل بمثابة خطوة تصحيحية تأتي اتساقاً مع المواقف التاريخية للاتحاد الأفريقي الداعمة للقضية الفلسطينية، والمناهضة للاستعمار والفصل العنصري”.
وأضافت أنه “كان لزاماً أن يتم اتخاذ هذا القرار الحكيم انطلاقاً من عدم مكافأة إسرائيل على ممارساتها غير القانونية بحق الشعب الفلسطيني”.
في المقابل، اعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن تشكيل الاتحاد الأفريقي لجنة لدرس مسألة ضمها كعضو مراقب، هو رفض من المنظمة لمحاولات الجزائر وجنوب أفريقيا لمنع انضمام إسرائيل.
وأوضحت في بيان أن “قبول إسرائيل في الاتحاد كمراقب هو مصلحة للجميع، وسيمكن من زيادة التعاون بين إسرائيل والدول الأفريقية”.
ميثاق الاتحاد الأفريقي
وفي السياق ذاته، يعتبر الكاتب أبو الفضل بهلولي أن القرار “انتصار للمجموعة الأفريقية والعربية وللدبلوماسية الجزائرية، لأنه من الناحية العملية كان أمراً صعباً جداً ودقيقاً في حشد الدول الأفريقية إلى جانب الطرح الجزائري المؤسس قانونياً على اعتبار أن ميثاق الاتحاد الأفريقي يمنع انضمام أي دولة استعمارية ومخالفة للشرعية الدولية”.
ويعتقد بهلولي أن “الخطوة تكشف عن توحد المجموعة العربية والأفريقية، مما يشير إلى احتمال نجاح الهياكل الإقليمية”. وتابع أن “إسرائيل فشلت دبلوماسياً مما قد يشكل ضغطاً على حكومتها”، لافتاً إلى أنه “يمكن توقع قرار آخر من الاتحاد الأفريقي يسلط عقوبة ضد إسرائيل لعدم انخراطها في صناعة السلام العالمي، في مقابل رسالة من المجموعة الأفريقية إلى المجتمع الدولي بأنها تسهم في صناعة السلام”.
حملة ضد قرار المفوضية
وقادت الجزائر حملة ضد القرار الذي اتخذه رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي، في الـ 22 من يوليو (تموز) 2021، بمنح إسرائيل صفة مراقب، الأمر الذي فتح صراعاً محتدماً بين الطرفين، فبعد اعتراض كل من جنوب أفريقيا والجزائر على القرار، أطلق وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مبادرة تهدف إلى إبطال العضوية باعتبارها “قراراً أحادياً وتجاوزاً إجرائياً وسياسياً غير مقبول من جانب رئيس المفوضية لسلطته التنفيذية”، إضافة إلى تجاوز معايير منح صفة مراقب وأنظمة الاعتماد لدى الاتحاد الأفريقي، مما يجعل خطوة المفوضية انحرافاً عن أهداف الاتحاد ومبادئه.
واستناداً إلى ما سبق، وفي الثالث من أغسطس (آب) 2021، قدمت سبع دول عربية (الجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا ومصر وجزر القمر وجيبوتي) رسالة اعتراض على الإجراء مطالبة بإلغائه، ووقعت عليها خمس دول عربية من خارج القارة الأفريقية (قطر والأردن والكويت وفلسطين واليمن) وبعثة جامعة الدول العربية لدى الاتحاد.
فقي يرد
أمام هذا الضغط، خرج رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ليدافع عن خطوته، وقال عبر بيان في السابع من أغسطس 2021، إن “منح إسرائيل صفة مراقب يقع ضمن نطاق اختصاصاته الكاملة”. وأضاف، “أخذنا القرار على أساس الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها بواسطة الغالبية التي تتخطى ثلثي الدول الأعضاء للاتحاد، وبطلب صريح من عدد من هذه الدول”، مشدداً على الالتزام الثابت للمنظمة الأفريقية تجاه الحقوق الأساس للشعب الفلسطيني، ومن بينها حقه في إقامة دولة وطنية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وأن هذا الالتزام نابع من المواقف والمبادئ التي طالما عبرت عنها منظمة الوحدة الأفريقية، ثم لاحقاً الاتحاد الأفريقي خلال قممهما المختلفة”.
المصدر: independentarabia