نفذ آلاف التونسيين الثلاثاء، إضرابا بمدينة جرجيس، للمطالبة بالكشف عن حقيقة حادثة غرق مركب يقل 18 شخصا من أبنائهم في هجرة غير نظامية.
وفي 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، فُقد الاتصال بمركب صيد قبالة البحر المتوسط يضم 18 شخصا من اهالي جرجيس بمحافظة مدنين جنوبي البلاد.
وإلى غاية اليوم تم انتشال 14 جثة من البحر، وتم التأكد من هويات 6 ممن كانوا على متن القارب.
وبحسب مراسل الأناضول أغلقت المؤسسات الإدارية والتعليمية أبوابها في المدينة استجابة لقرار المكتب المحلي لاتحاد الشغل (فرع عن الاتحاد العام التونسي للشغل / أكبر منظمة شغيلة) بتنفيذ الإضراب.
وتم صباح اليوم تنظيم موكب دفن للشاب ياسين عبد الكريم (أحد الذين كانوا على متن القارب) بعد التعرف على هويته.
ووسط المدينة اجتمع الآلاف أمام مقر المعتمدية (تقسيم ترابي) حيث انتظمت وقفة احتجاجية.
ورفع الحاضرون لوحات كتبت عليها شعارات من قبيل “وين دفنتوا البقية (أين دفنتم بقية المهاجرين؟)” و”القضية قضية رأي عام” و”18 /18″ (في إشارة إلى عدد المفقودين على القارب) .
وتشهد جرجيس منذ نحو شهر حالة احتقان خاصة بعد اتهام الأهالي للسلطات بالتراخي في البحث عن أبنائهم المفقودين في البحر، إضافة إلى دفن 4 جثث في مقبرة حدائق إفريقيا (مخصصة لدفن الجثث مجهولة الهوية) دون التثبت من هوياتهم .
وقال شمس الدين بوراسين، رئيس جمعية البحار (مدنية) على هامش الوقفة للأناضول: “أبحرنا 5 مرات بحثا عن جثث المفقودين”.
وأضاف: “قمنا بأبحاث بكشف الحقيقة في المستشفيات وللأسف فإنه هذا لا توجد إرادة سياسية للكشف على الحقيقة”.
بدوره قال الطبيب رضا فريعة للأناضول: “اليوم استجبنا كأطباء وككل أهالي جرجيس لهذا الإضراب.. ولم أر خروج الأهالي للتضامن مع بعضهم كما حصل اليوم”.
وأضاف فريعة: “عملية دفن أبنائنا تمت بطريقة غير قانونية، إذ لا يمكن دفن أحد دون أن يتم تحليل الحمض النووي” .
وفي السياق انتقد أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) نور الدين الطبوبي، طريقة تعامل السلطة مع ملف المهاجرين غير النّظاميين المفقودين في البحر في جرجيس التابعة لولاية مدنين جنوب البلاد.
وقال الطبوبي في كلمة خلال المؤتمر العادي للاتحاد العام للشغل الثلاثاء، في مدينة سليانة وسط العاصمة: “البعض يريد أن يغير مجرى الأحداث أمام الرأي العام”.
وأضاف: “رغم أن أهالي جرجيس مؤمنون بالقضاء والقدر إلا أن الإشكال يكمن في السلطة المحلية التي أقامت مقبرة غرباء مخصصة للغرباء ودفن الشباب المفقود فيها”.
وأردف أن “الشباب ابتلعهم البحر بحثا عن أمل مفقود ولم يعودوا يشعرون بالانتماء للوطن جراء المناكفات والمعارك والتجاذبات السياسّية والفقر المدقع والتهميش لعدة مناطق مقابل شعارات وأوهام دغمائية”.
وتشهد تونس منذ بداية العام تنامي لظاهر الهجرة غير النظامية بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية .
وبلغ عدد المفقودين في المتوسط منذ بداية العام الجاري 544 شخصًا، وفقًا لأرقام “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” (خاص).
