استنكر تونسيون تصريحات رئيس حركة النهضة الأخيرة راشد الغنوشي معتبرين إياها دعوة للعنف والاقتتال، بينما اعتبر بعض المتابعين أن فيها رسالة مشفرة لأتباعه لخلط الأوراق، أياما قليلة عن موعد الاستفتاء على الدستور ومثوله للتحقيق كمتهم أمام القضاء التونسي.
وقال الغنوشي لوكالة رويترز للأنباء الجمعة، إن “السيناريو السريلانكي غير بعيد عن تونس”، في تلميح لإمكانية مهاجمة القصر الرئاسي وإسقاط منظومة الجمهورية الجديدة.
وأضاف أن “تفاقم المشكلات الاقتصادية والانشغال بالتركيز على التغيير السياسي فقط، قد يلقي بتونس في متاهات انفجار اجتماعي”، مشيرا إلى أن الأجواء السائدة في الفترة التي تسبق استفتاء 25 يوليو/ تموز “غير ديمقراطية.. باردة وجنائزية”.
وأوضح أن “خطابات (الرئيس التونسي قيس) سعيد لا يمكن أن تترجم إلا إلى صدامات وفوضى واغتيالات وحرق. تونس قد تصل إلى نقطة المجاعة”.
واقتحم في الـ9 من يوليو/ تموز الجاري آلاف المتظاهرين مقر إقامة الرئيس السريلانكي جوتابايا راجاباكسا في العاصمة كولومبو، ما دفعه للفرار إلى جزر المالديف ومن ثم إلى سنغافورة، حيث أرسل بعد رحلته الأخيرة خطاب استقالته التي أعلن رئيس البرلمان السريلانكي الجمعة قبولها.
وتعاني سريلانكا وهي جزيرة يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة منذ بداية العام الجاري من نقص المواد الغذائية والوقود وانقطاع الكهرباء، بعد نفاد الاحتياطي من العملات الأجنبية الضروري لاستيراد سلع حيوية.
وتعليقا على تصريح الغنوشي، قال أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي في تدوينة على الفيسبوك نشرها السبت، إن “سيناريو الإطاحة بالرئيس ومهاجمة قصر قرطاج وهمٌ لا يوجد إلا في ذهن راشد الغنوشي فقط”.
ودعاه إلى “استيعاب الدرس عندما خرج جزء كبير من الشعب لطرد حزبه من الحكم بعد أن تغلغل الفساد في عهده وضعف القرار السياسي وتراجعت قوة الدولة وترهلت”.
واعتبر الخرايفي حديث الغنوشي “رسالة لأنصاره كي يمارسوا العنف والفوضى، وهذا منزلق لا يمكن التكهن بنتيجته على الحركة وأنصارها وعلى استقرار البلاد وأمنها”، مضيفا أن “الدولة التونسية ستدافع عن نفسها بإنفاذ القانون بالقوة”.
ونقلت قناة العربية السبت عن الخرايفي أنه ربط بين تصريحات الغنوشي ومثوله الثلاثاء أمام القضاء في قطب مكافحة الإرهاب للتحقيق معه في شبهات تبييض أموال وإرهاب، قائلا إن “موقفه لا يعدو إلا أن يكون محاولة منه للضغط على القضاء”.
وفور استدعائه للتحقيق قال الغنوشي إنه لا يستبعد إيقافه مشيرا إلى أن حركة النهضة الإسلامية ستدعو إلى احتجاج سلمي الثلاثاء “رفضا للمحاكمات السياسية من بينها محاكمة رئيس النهضة”، وأضاف أن “الحزب سيدعو أيضا لاحتجاج يوم 23 يوليو الجاري، قبل يومين من الاستفتاء” رفضا لما أسماه “المسار الديكتاتوري”.
وذكر مساعد رئيس البرلمان المنحل والقيادي بحركة النهضة ماهر المذيوب السبت، أن لجنة حقوق الإنسان بالاتحاد البرلماني الدولي طلبت إيضاحات عن أسباب تجميد حساب الغنوشي المصرفي، ومنعه من السفر وأسباب التحقيق معه يوم الثلاثاء المقبل”.
وقال القيادي في حزب التيار الشعبي غسان بوعزي في مقابلة مع قناة الحدث الأحد، “إن بيان الغنوشي هو بمثابة إعلان تمرد، لا يمكن القبول به”.واتهم رئيس حركة النهضة بمواصلة محاولاته منذ يوليو الفائت لـ”إيجاد شرخ داخل جهاز الدولة، وتقسيم السلطة وخلق أزمة شرعية في البلاد”.
وقال القيادي في حركة الشعب منصف بوزازي إن “سيناريو سريلانكا حصل بالفعل يوم 25 يوليو الماضي عندما حاصر الشعب مقر البرلمان ومنع الغنوشي وعصابته من الدخول”.
ويُعتبر حزبا الشعب والتيار الشعبي من أول المساندين للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها سعيّد في يوليو الماضي بناء على الفصل 80 من دستور 2014، معتبرين إياها تصحيحا لمسار.
وقال المحلل السياسي رياض جراد في تصريح خاص إنه يطالب القضاء التونسي بالتحرك ضد “محاولات الغنوشي لترويع التونسيين وتهديدهم بالعنف”.
وطالب الغنوشي بـ””الكف عن بعث رسائل مشفرة والاستقواء بالخارج لأن في ذلك تعارضا مع منطق الدولة”.
ودعا جراد التونسيين إلى الاحتفال يوم 25 يوليو المقبل كما فعلوا في نفس الموعد من العام الماضي، في إشارة إلى الأجواء الاحتفالية التي عمت الشوارع التونسية مساء 25 يوليو الماضي عندما أعلن رئيس الجمهورية عن تجميد البرلمان وإقالة الحكومة.
ويخشى متابعون من ارتفاع منسوب العنف في تونس في فترة الاستفتاء على الدستور بعد التهديدات الخفية والمعلنة التي يطلقها الإسلاميون وأتباعهم من حين لآخر.
وفي حزيران/ يونيو الماضي قال رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي في شريط مصور على فيسبوك إن “المقاومة المواطنية يجب أن ترتفع إلى أعلى مستوياتها ليتحول يوم 25 يوليو من عرس للانقلاب إلى مأتم للانقلاب”.
وتولى المرزوقي رئاسة الجمهورية التونسية بشكل مؤقت لمدة ثلاث سنوات عقب انتخابات المجلس التأسيسي في أكتوبر 2011 بعد تحالفه مع حركة النهضة الإسلامية.
وكوّن حزبه المؤتمر من أجل الجمهورية بالاشتراك مع حركة النهضة وحزب التكتل الديمقراطي تحالفا ثلاثيا عُرف بالترويكا التي يحمّلها التونسيون جزءا كبيرا من مسؤولية الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من 10 سنوات.
ميدل ايست أونلاين