تستعد الأحزاب الإخوانية الممثلة في البرلمان الجزائري الجديد للدخول في شراكة سياسية مع السلطة مجددا، عبر تزكية هيئاتها الرسمية للقرار المنتظر الإعلان عنه في الآجال القريبة، واقتراح الأسماء المؤهلة لحمل حقائب وزارية في الحكومة الجديدة.
وتعكف حركة البناء الوطني ومجتمع السلم على عقد دورات طارئة لمجلسي الشورى لديهما، من أجل دراسة مسألة المشاركة بوجوه منها في الحكومة المنتظر الإعلان عنها خلال الأيام القليلة القادمة، ولو أن الخطوة تعتبر شكلية لاحترام تقاليدها السياسية الداخلية فقط، لأن قرار المشاركة هو صلب التناغم المسجل بينها وبين السلطة منذ بداية المسار الانتخابي نهاية العام 2019.
وكان رئيسا الحركتين عبدالرزاق مقري وعبدالقادر بن قرينة قد استقبلا من طرف الرئيس عبدالمجيد تبون، في إطار سلسلة المشاورات السياسية التي أطلقها مع الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات من تشكيل الحكومة الجديدة، وصرحا لوسائل الإعلام عقب خروجهما من اللقاء بأن “رئيس الجمهورية قدم لهما عرض المشاركة في الحكومة”.
ولفت الرجلان إلى أن “القرار سيتم الإعلان عنه في أقرب الآجال بعد طرح المسألة على مجلسي الشورى”، وهي الخطوة التي تجسدت الثلاثاء، بانعقاد مجلس شورى حركة “حمس” من أجل دراسة الملف.
ويعد انعقاد مجلس الشورى إجراء شكليا لاحترام التقاليد السياسية الداخلية في الحزبين لا غير، لأن التقارب المسجل بينهما وبين السلطة كان يوحي إلى أن الإخوان سيعودون إلى السلطة بعد سنوات من القطيعة.
ورجح خيار المشاركة في الحكومة الجديدة رغم التحفظ حول طبيعة المشاركة وأهميتها ومدى توافق أولويات الحكومة الجديدة مع التصورات المعلن عنها من طرف الرجل الأول في حركة حمس، عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات، والتي حصرها في حكومة سياسية وفتح حوار وطني شامل والقيام بإجراءات تهدئة.
ويبدو أن الحركتين اللتين حسمتا مسألة المشاركة تتجهان إلى المساومة من أجل أخذ حقائب مهمة أو ذات سيادة وطنية، بغية تجسيد حضورهما الثقيل في المشهد السياسي الجديد، والوقوف في وجه احتفاظ الأحزاب التقليدية (القومية) بمواقعها المتقدمة (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي).
وترك العرض الذي قدمه الرئيس تبون للحركتين حالة من الغموض حول نصيب الأطراف المعنية في الكعكة السياسية، ويخفي الدخول المرتقب لحمس والبناء للحكومة مصير المناصب القيادية في البرلمان الجديد، المرجح أن تعود رئاسته لكتلة النواب المستقلين، خاصة وأن بعض التسريبات تحدثت عن إمكانية إسناد رئاسة المجلس الشعبي الوطني للنائب المستقل عبدالوهاب آيت منقلات، بغية خلق حالة من التوازن الجهوي والسياسي في المؤسسات الجديدة.
وتذكر مصادر من داخل الحركة بأن المساومة المعلن عنها من طرف مقري، بربط دخول الجهاز التنفيذي، بتشكيل حكومة توافق وطني، وتطبيق برنامج سياسي يحمل تسمية “الحلم الجزائري”، وحوار وطني وإجراءات تهدئة، إلا أن ذلك اصطدم بوجود كتلة ضاغطة في الحزب تدفع للمشاركة والاستفادة من حقائب وزارية، لاسيما وأن حكومة عبدالعزيز جراد السابقة عرفت تولي القيادي الهاشمي جعبوب منصب وزير دون الرجوع إلى الحركة، ولم تتخذ في حقه أي إجراءات ما أعطى الانطباع بوجود “صفقة” قد تتكرس مع قرار مجلس الشورى.
وينتظر أن يسمي الرئيس تبون، الوزير الأول نهاية الأسبوع الجاري، تمهيدا لإعلان تشكيل حكومة يتوقع أن تدخلها أحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحمس والمستقبل والبناء، بينما يبقى موقع النواب المستقلين مبهما وهو ما يرجح توجيههم إلى رئاسة البرلمان.
وظلت الأحزاب الإخوانية قريبة من السلطة منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، بمشاركتها آنذاك في استحقاقات العشرية الدموية، كرئاسيات 1995 وتشريعيات 1997، قبل أن تصبح شريكا وأحد أطراف التحالف الحزبي الداعم للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة منذ العام 2002 إلى غاية العام 2011 وشاركت في مختلف حكوماته.
كما انخرط العديد من وجوهها على غرار الرئيس الحالي لحركة البناء الوطني بن قرينة، والقيادي عبدالمجيد مناصرة في مناصب وزارية، وفيما عرف بـ”المجلس الانتقالي”، الذي أسسته السلطة في 1992، بعد إلغاء الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 1991، واكتسحها آنذاك إسلاميو جبهة الإنقاذ.
المصدر: العرب