أوضح البروفيسور رزيق، لدى نزوله، أمس، ضيف «الشعب»، أن قانون تمجيد الاستعمار الفرنسي يتضمن 15 مادة، تذكر فيه كل ما قامت به فرنسا، ومن أهمها المادة الرابعة التي تنص: «تولي برامج البحث الجامعي في فرنسا إلى تاريخ التواجد القوات الفرنسية فيما وراء البحار، خاصة بإفريقيا الشمالية، المكانة التي تستحقها».
وتضيف: «تعترف البرامج الدراسية خاصة بالدور الإيجابي للتواجد الفرنسي فيما وراء البحار، خاصة بإفريقيا الشمالية. وتولي لتاريخ وتضحيات مكافحي القوات الفرنسية المنبثقة عن هذه الأقاليم المكانة البارزة التي يستحقونها».
وبحسب المتحدث، يبرز مضمون هذه المادة الدور الإيجابي لفرنسا في المناطق التي استعمرتها، كونها كانت حاملة لرسالة حضارية، وإنجازها لبنى تحتية كالطرق، السدود، المستشفيات، المدارس، تحقيق الأمن، التعليم وتقديم نفسها كمنقذ لشعوب هذه المستعمرات.
وأكد البروفيسور رزيق، أن هذه مغالطات كبيرة حتى وإن كان ذلك فيه تناسق مع خطابها السياسي، ما يُشرعن لها سنّ مثل هذا القانون وتفعيله وإعطائه أهمية سياسية وإستراتيجية، وإدخال كل ذلك في البرامج الدراسية والجامعية، وتلقين هذه القيم والعبر للناشئة، وهو أمر شرعي بالنسبة للجمهورية والدولة الفرنسية.
في المقابل، أعاب ضيف «الشعب»، الموقف الوطني الذي كان من المفروض استخدام الجرائم المرتكبة والقرائن المتصلة بها لإدانة الاستعمار عامة وفرنسا خاصة، من خلال الاستثمار في الرسائل والتقارير التي كانت تقوم بها، وإنجاز أفلام ومسرحيات، وحتى رسوم متحركة تؤرّخ لهذه الحقبة الدامية من تاريخ الاستعمار الفرنسي في حق الجزائريين، ولو بعد قرون، على غرار التجربة اليابانية.
وتساءل المتحدث، عن غياب رؤية واضحة عما نريد، رغم أننا أصحاب حق، فنحن مازلنا لا نتحدث عن الجرائم المرتكبة التي يندى لها جبين البشرية، منتقدا الخطاب الذي كان سائدا بالجزائر في السنوات الماضية.
ويرى أن فرنسا لا يجب أن تعتذر، لأن الجرائم واضحة، متسائلا: «من خوّل هذه الأطراف للتكلم باسم الجزائريين والتنازل عن حقوقهم الشرعية؟».
واستدلّ في هذا الإطار، بما يقوم به اليهود لحد اليوم، الذين مازالوا يحمّلون الدول الأوروبية مسؤولية ما يسمى بمحرقة «الهلوكوست» المزعومة، في الحرب العالمية الثانية، بالرغم من موت الكثيرين من مختلف الجنسيات والفئات والتلاعب بالأرقام، ووصل الأمر إلى الحديث عن 6 ملايين يهودي كضحية.
في المقابل، يذكر البروفيسور أن جرائم فرنسا خلال ما أسماه بالفترة الخطيرة الممتدة بين 1830 إلى 1871، أي خلال 41 سنة، تم تقتيل 8 ملايين جزائري، مؤكدا أن تقارير الإدارة الفرنسية كان فيها تضارب في عدد سكان الجزائر بين مليون و500 جزائري، 3 ملايين و5 ملايين.
في حين أن «بيجو» قال إنهم 8 ملايين جزائري، أما حمدان خوجة في كتابه «المرآة» فذكر أن عدد سكان الجزائر خلال هذه الفترة هو 10 ملايين نسمة.
ويؤكد ضيف «الشعب»، أنه خلال 1871 أجرت الإدارة الفرنسية أول إحصاء للجزائريين، والذي أقر بأن عدد سكان الجزائر بلغ آنذاك 2 مليوني نسمة، وبعملية حسابية بسيطة يتضح أن فرنسا الاستعمارية قتلت 8 ملايين جزائري خلال هذه الفترة من خلال سياسة إجرامية بشعة، مارست فيها كل أساليب التقتيل الممنهج.
ويرى رزيق، أنه لا يحق لأحد أن يتكلّم بلسان الجزائريين أو يدعوهم للتنازل عن حقهم الشرعي، فالجريمة لا تسقط بالتقادم، ويجب التمسك بمطلب تجريم الاستعمار واعتراف فرنسا ولو بعد مرور قرون، لأن ما تم التوصل إليه من جزء هو قليل، والمسألة اليوم هي مسؤولية الجزائريين ودماء هؤلاء في ذمّة حتى الأجيال الصاعدة.
واعتبر أن عدم الحديث عن هذا الموضوع هو خيانة بحد ذاتها، ومن ينادي بذلك مشكوك في جزائريته ووطنيته.