أثار عميد البرلمانيين بفرنسا خوسي غونزاليس، غضبا في الجزائر بعد تصريحات خلال ترؤسه الجلسة الافتتاحية للبرلمان المنتخب حديثا، مجد فيها الحقبة الاستعمارية (1830/ 1962).
وفي 28 يونيو/حزيران، ترأس غونزاليس، المنتخب ضمن مجموعة حزب “التجمع الوطني” المحسوب على اليمين المتطرف، أول جلسة للبرلمان الجديد بصفته عميدا للنواب (79 عاما).
وقال غونزاليس المولود في الجزائر عام 1943 من عائلة للمستوطنين الفرنسيين، إنه بعد مغادرته الجزائر عقب استقلالها عام 1962 “تركت هناك (الجزائر) جزءا من فرنسا وأصدقائي وجُرحا داخلي سيبقى إلى الأبد”.
وقابل نواب من اليمين المتطرف هذه الكلمة بالتصفيقات داخل القاعة، كما تظهر مشاهد نقلتها وسائل إعلام فرنسية لكلمته.
وخارج قاعة البرلمان تمسك غونزاليس بموقفه وقال للصحفيين “الكثير من الجزائريين يتمنون عودة الاستعمار الفرنسي (..) لو أخذتكم إلى هناك وبالضبط إلى الجبل ستجدون جزائريين يسألون متى ستعود فرنسا؟”.
كما رد بنبرة تعجب على سؤال بشأن رأيه في مطالب الاعتراف بجرائم الاستعمار الفرنسي للجزائر، قائلا: “جرائم الجيش الفرنسي.. لا أظن ذلك ونفس الشيء بالنسبة لوجود جرائم ضد الإنسانية”.
“حنين للجزائر الفرنسية”
ونقلت وسائل إعلام فرنسية، ردود فعل لنواب أغلبهم من تيار اليسار وصفوا هذه التصريحات بـ “الصادمة” و”غير المقبولة” وإنها “حنين للجزائر الفرنسية” خلال الحقبة الاستعمارية.
وفي الجزائر خلفت هذه التصريحات موجة استهجان وغضب تجلت في وسائل الإعلام المحلية وكذا منصات التواصل الاجتماعي، دون صدور رد رسمي من السلطات أو البرلمان بشأنها.
وعنونت صحيفة “الشروق” (خاصة) في عددها الصادر الخميس، مقالا حول هذه التصريحات بـ “حنين الاستعمار إلى الجزائر يسمّم البرلمان الفرنسي”.
وحسب المقال فإن عميد النواب الفرنسيين هو “من بقايا الأقدام السوداء (المستوطنين الفرنسيين) الذين غادروا الجزائر هربا بعد الاستقلال (1962) خوفا من وقوعهم ضحية عمليات انتقامية جراء ممارساتهم الإجرامية ضد الشعب الجزائري خلال حقبة الاحتلال”.
“معركة الاستقلال”
وتعليقا على تصريحات المسؤول الفرنسي، نشر عبد الرزاق مقري، رئيس حركة “مجتمع السلم” (أكبر حزب إسلامي بالجزائر)، تدوينة عبر “فيسبوك”، تحت عنوان “الجزائر الفرنسية في البرلمان الفرنسي الجديد”.
وقال مقري: “لم تُسلم فرنسا بخروجها من مستعمراتها القديمة، لا تزال الروح الاستعمارية حية فيها، يعبر ساستها أحيانا بألسنتهم عن ذلك، ولها من الأعوان واللوبيات، ما يخدمها في تلك البلدان المستعمرة قديما لصالح ثقافتها واقتصادها”.
وأردف: “جهاد المجاهدين الميامين ضد الاستعمار لا يزال متواصلا، ومعركة الجزائر لا تزال قائمة، ولن تنتهي حتى يتحقق الاستقلال التام ثقافيا واقتصاديا وفي كل المجالات، حتى يدرك غونزاليس وأمثاله ومن صفقوا له بأننا هزمناهم على كل الأصعدة”.
ويعد ملف جرائم الاستعمار الفرنسي بالجزائر، من أهم القضايا التي تسمم العلاقات بين البلدين منذ عقود، وتربط الجزائر أي تطبيع كامل للعلاقات بتسوية هذه القضية فيما تدعو باريس إلى طي الصفحة والتوجه نحو المستقبل.