أكد الوزير الأول الجزائري أيمن عبدالرحمان خلال محادثة جمتعه برئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن تضامن بلاده مع تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي وذلك بعد يومين من تأكيد الرئيس الجزائري عبدالمجيد دعمه للرئيس التونسي قيس سعيد.
ويأتي هذا الموقف الجزائري بعد التصريحات الغربية التي تعددت مؤخرا محذرة مما أسمته “انهيارا ماليا” لتونس في حال لم تتوصل إلى تسريع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، في حين ترزح البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية فاقمتها الديون المتراكمة وارتفاع الأسعار بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتوصلت تونس على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي إلى اتفاق حول برنامج القرض الذي يبلغ 1.9 مليار دولار وسيصرف أقساطا على مدى 48 شهرا وكان مقررا أن يصدر قراره قبل موفى العام الماضي، لكن مجلس إدارته قرر تأجيل النظر في ملف تونس إلى موعد لم يحدده.
وأفاد بيان لمصالح الوزير الأول الجزائري اليوم الجمعة بأن عبدالرحمان تباحث مع بودن العلاقات الثنائية بين البلدين متطرقين إلى سبل دفعها في جميع المجالات، مضيفا أن الجانبين بحثا آخر تطورات المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي لتسريع الاتفاق الموقع بين الطرفين.
وذكر أن المسؤول الجزائري بحث مع رئيسة الحكومة التونسية سبل تعزير الدعم لتونس من أجل تمكينها من استعادة استقرارها الاقتصادي الذي تسعى السلطات التونسية إلى تحقيقه.
وتابع البيان أنه “بمناسبة هذه المحادثات حرص الجانبان على التأكيد على عزمهما المشترك للعمل سويا على المضي قدما نحو المزيد من التكامل الإستراتيجي والتنمية المتضامنة والمندمجة، إعمالا لتوجيهات قائدي البلدين”.
وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد تحدث في تصريحات خلال مقابلة أجراها الأربعاء مع قناة “الجزيرة” القطرية عن وجود “مؤامرة تحاك ضد تونس”، مؤكدا أن “الجزائر لن تتخلى عنها أحب من أحب وكره من كره”، دون تسمية أي جهة ولا تفاصيل أكثر.
وأضاف أن الجزائر “تدعم الرئيس التونسي قيس سعيد باعتباره رمزا انتخبه الشعب ولم يوضع في المنصب بالقوة”، موضحا أن بلاده تدعم الدولة التونسية عن طريق رأسها (رأس السلطة)، مضيفا أنه “لو تم دعمها عن طريق جمعيات فإن ذلك سيكون تدخلا في شأنها الداخلي”.
وتأتي هذه التصريحات في خضم تصاعد الانتقادات الدولية لتونس على خلفية حملة الإيقافات التي تنفذها السلطات التونسية منذ فبراير/شباط وشملت قادة حزبيين وشخصيات وطنية وقاضيين ورجل أعمال ومحاميا وناشطا، فيما يتّهم الرئيس التونسي بعض الموقوفين بـ”التآمر على أمن الدولة”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعرب عن قلقه إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس محذرا من انهيارها، بينما بات واضحا أن التكتل صار يخشى من أن تتسبب هذا السيناريو لو تحقق في موجة مهاجرين غير شرعيين غير مسبوقة إلى نحو أوروبا، معتبرا أن ذلك من شأنه أن يمثل تهديدا جديا لاستقرار شمال أفريقيا.
وترتبط موافقة الصندوق على القرض بالتزام تونس بالشروع الفوري في تنفيذ حزمة إصلاحات تشمل نظام الدعم والمؤسسات العمومية المتعثرة والتحكم في كتلة الأجور وغيرها، لكن هذه المحاور أثارت غضب الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأكبر في البلاد، مهددا بأنه لن يقف مكتوف الأيدي ومؤكدا أنه “غير ملزم باتّفاقيات لم يشارك فيها لا من بعيد ولا من قريب، فضلا عن كونها تزيد من معاناة الشعب وتضرّ بمصالح تونس”.
وتبلغ حاجيات التمويل لسدّ عجز الميزانية التونسية نحو 23.5 مليار دينار (7.5 مليار يورو) في العام الحالي الذي سيكون “صعبا للغاية”، وفق توقعات الخبراء الاقتصاديين، مع تواصل ارتفاع نسبة التضخّم.
ميدل ايست اونلاين