أثار إعلان النائب البرلماني التونسي مجدي الكرباعي عن اتفاقية أبرمتها بلاده مع إيطاليا في وقت سابق وتم تعديلها من أجل استقبال الآلاف من المهاجرين مقابل مساعدات مالية جدلا واسعا في تونس، خاصة أن ذلك جاء بالتزامن مع الإعلان عن ترحيل العشرات من المهاجرين التونسيين غير النظاميين من فرنسا.
وكشف الكرباعي في تدوينة له بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن “هناك اتفاقية قد تحول تونس للأسف إلى حرس لحدود الاتحاد الأوروبي مقابل الفتات من المساعدات المالية”.
وقال النائب في البرلمان التونسي المجمدة أعماله واختصاصاته في تصريح لـ”العرب” إن “هناك اتفاقية بين إيطاليا وتونس بدأت منذ 1993 وتم تعديلها في 2003 وفي 2011 تم إدخال تعديلات أخرى عليها مع حكومة الحبيب الصيد والباجي قائد السبسي، وتم إدخال تعديلات أخرى عليها في 2020 وتم التوصل إلى أن يتم ترحيل تقريبا 40 تونسيا كل رحلة وهي رحلات الاثنين والخميس وأحيانا بالجمعة”.
وأوضح أن “ما يزيد من خشيتنا من تحول تونس إلى حارس لحدود التكتل الأوروبي هو اعتراضها مراكب المهاجرين غير النظاميين الذين يخرجون من ليبيا والعودة بهم إلى تونس يؤكد أن تونس ستتحول إلى حرس لحدود أوروبا، بالإضافة إلى أن هناك وثيقة تم تسريبها تثبت تقاضي تونس لأموال مقابل السهر على حماية الحدود الجنوبية، 8 ملايين أورو سنويا”.
وبالرغم من أن أوساطا حقوقية في تونس لطالما نددت بعدم جدية دول الاتحاد الأوروبي في التعاطي مع ظاهرة الهجرة غير النظامية، إلا أن المخاوف اليوم باتت مرتبطة مع إمكانية أن ترضخ بلادهم للضغوط التي تكرسها بروكسل بشأن الهجرة أو أن تمضي في إبرام اتفاقيات تنتهك حقوق المهاجرين، وتحول تونس إلى مركز لاحتجاز هؤلاء وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية حيث لم يعد الحديث يقتصر فقط على المهاجرين التونسيين.
وقال الكرباعي إن “الاتحاد الأوروبي يستعد لطرح مسودة اتفاق يقضي بأن تصبح تونس منطقة حدودية متقدمة، لو توافق تونس ستصبح تستقبل مهاجرين من جنسيات أخرى ما يجعلها مركز حجز وترحيل من جنسيات أخرى حسب مسودة للاتحاد الأوروبي، وللأسف لا يوجد تعاون معنا في هذا الملف من قبل الجانب التونسي”.
وكان إيواء المهاجرين الأجانب بشكل عشوائي قد قاد إلى أزمة إنسانية في تونس، حيث تسبب ذلك في حالة احتقان في صفوف عدد من متساكني بعض المدن بسبب تزايد أعداد المهاجرين مما أسفر عن العديد من المناوشات بين المتساكنين والمهاجرين.
وكشفت دراسة حديثة، نشرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في وقت سابق، أنه على مدى العقد الأخير، أي منذ اندلاع ثورة يناير 2011، منعت السلطات التونسية 42019 مهاجرا في إطار ما يسمى بمقاومة الهجرة غير النظامية.
وخلال الأشهر الأولى من العام الجاري نجحت في منع 19408 مهاجرين من الوصول إلى السواحل الإيطالية، أي ما نسبته 46 في المئة من جملة أرقام السنوات العشر الأخيرة.
وترى الدراسة أن هذه الأرقام تؤكد المقاربة الطاغیة في مجال الھجرة غیر النظامية، فهي مقاربة أمنية بحتة على السواحل وفي المياه الإقليمية لتصل حتى المياه الدولية.
وتم خلال شھر سبتمبر منع 3199 مهاجرا من الوصول، بزيادة نسبتها 57 في المئة مقارنة بسبتمبر سنة 2020. كما تم إحباط 308 عمليات اجتياز، بزيادة نسبتها 81 في المئة، في حين بلغ عدد الواصلين إلى السواحل الإيطالية 1655 مهاجرا، بانخفاض نسبته 15 في المئة مقارنة بسبتمبر 2020.
وبلغ عدد الواصلين التونسيين إلى السواحل الإيطالية خلال تسعة أشهر 12697 مهاجرا، أي بنسبة 28 في المئة من جملة الواصلين إلى السواحل الإيطالية.
وحسب الدراسة، تعكس الأرقام مسألة “أمننَة” الهجرة في سياسة تونس خاصة في فترة ما بعد الجائحة وتصاعد الضغوط الأوروبية على تونس بشكل لا يهدد فقط حقوق وكرامة المهاجرين، بل أيضا حق تنقل التونسيين في بلادهم من خلال التضييقات الأمنية المستمرة.
وبالنسبة إلى المهاجرين الأجانب كشفت الدراسة أن نسبة المهاجرين من جنوب الصحراء ارتفعت مرة أخرى لتتجاوز نسبة المهاجرين التونسيين الذين تم منع اجتيازهم، حيث بلغت 51.2 في المئة خلال شهر سبتمبر.
ونتيجة لسياسة إيواء المهاجرين من جنسيات أفريقية شهدت بعض المحافظات في تونس على غرار صفاقس وتطاوين مناوشات بين الأهالي وهؤلاء المهاجرين في الأشهر الماضية بعد أن عانى الذين تم إيوائهم من مشاكل في السكن وغيرها.
ويتراوح عدد المهاجرين غير النظاميين في تونس بين 50 ألفا و60 ألفا في ظل غياب إحصائيات دقيقة ورسمية.
المصدر وكالات