ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أنّ السعودية وجهت تحذيراً لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أنها قد تلجأ إلى بيع سندات الخزانة الأميركية رداً على أي إجراءات ضد “أوبك” أو ضدها قد تتخذها واشنطن.
وذكر مقال بعنوان: “تصدّع العلاقات الأميركية السعودية مدفوعةً بالعداء بين بايدن ومحمد بن سلمان”، أنّ “أحد الخيارات الجذرية المطروحة على الطاولة اليوم هو ما قاله مسؤولون سعوديون سراً، إنّ المملكة يمكن أن تبيع سندات الخزانة الأميركية التي تحتفظ بها إذا أقرّ الكونغرس تشريعاً مناهضاً لأوبك”، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
وأشار المقال إلى أنّ “الافتقار إلى الثقة الشخصية بين بايدن وابن سلمان أدى إلى تسريع الانقسام المستمرّ منذ سنوات، مدفوعاً بالاختلال في موازين القوى الجيوسياسية والاقتصادية”.
وقالت الصحيفة إنّ “الاتفاق غير المكتوب بين الرياض وواشنطن تمكن من النجاة طوال فترة حكم 15 رئيساً أميركياً وسبعة ملوك سعوديين”، مضيفةً أنّه “تخطى حظر النفط العربي، وحربي الخليج الأولى والثانية وهجمات 11 أيلول/سبتمبر، والآن يتضح أنّ هناك انقساماً تحت قيادة زعيمين لا يحبان أو لا يثقان ببعضهما البعض”.
ويأتي الكلام عن تهديد السعودية ببيع سندات الخزينة في ظلّ تصاعد الخلافات بين الرياض وإدارة بايدن، عقب إعلان مجموعة الدول المنتجة والمصدرة للنفط وحلفاؤها “أوبك+”، مطلع الشهر الحالي قرارها “خفض إنتاجها بمقدار مليوني برميل يومياً”، في الوقت الذي كانت فيه واشنطن تطالب بزيادة الإنتاج والحفاظ على أسعار نفط متدنية.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان، تعقيباً على القرار، إنّ إدارة بايدن “ستتشاور مع الكونغرس حول أدوات وسلطات إضافية لتقليص سيطرة أوبك على أسعار الطاقة”، وهو ما كشف، بحسب محللين، عن منطلق محتمل لمواجهة على التحكم بسوق الطاقة بين واشنطن والمنظمة الدولية، والتي باتت واشنطن ترى فيها تهديداً لنفوذها في مفاصل السياسة والاقتصاد الكبرى على المستوى العالمي.
السعودية والإمارات من أبرز مشتري سندات الديون الأميركية
وعادت السعودية والإمارات في آب/أغسطس، إلى سوق سندات الخزانة الأميركية الأكثر أهمية في العالم، للمرة الأولى منذ شهور، إذ أفادت وكالة “بلومبيرغ” أنّه “بعد امتناع الدول المصدّرة للنفط في الشرق الأوسط مثل السعودية والإمارات، إلى حدٍّ كبير، عن شراء سندات الخزانة الأميركية لأشهر.. زادت حيازة السعودية بمقدار 4.5 مليار دولار إلى ما يزيد قليلاً على 119 مليار دولار”.
وانخفضت حيازات السعودية من سندات الخزانة بأكثر من 35% منذ أوائل عام 2020، سنة تسلم بايدن الرئاسة، فيما أضافت الإمارات، التي انخفضت حيازاتها بأكثر من الثلث منذ حزيران/ يونيو 2021، “1.6 مليار دولار من سندات الخزانة الأميركية إلى حيازاتها”.
ماذا سيؤثر بيع سندات الخزينة على واشنطن؟
وتعدّ سندات الدين الحكومية مصدراً للاستثمار المربح طويل الأمد بالنسبة للدائن، إذ يحقق أرباحاً بفائدة دورية تستمرّ إلى حين استحقاق دفع المبلغ الأصلي، ويتمّ دفعها إما مباشرة وإما مع المبلغ الأصلي عند الاستحقاق، الذي قد يصل أحياناً إلى 30 سنة.
وتصدر الحكومة الفيدرالية الأميركية سندات دين سنوية، إذ تعدّ هذه الديون السيادية الأميركية بالنسبة لجهات عديدة استثماراً آمناً، ولكنّ حيازة جهة واحدة لنسبة كبيرة منها يعني إلى حدّ ما امتلاك القدرة على التأثير في الاقتصاد المالي الأميركي.
وبالرغم من كون حيازة السعودية أقلّ بعشرة أضعاف من حيازة الدائن الأكبر لواشنطن، أي الصين، والتي تصل حيازتها إلى تريليون دولار أميركي، ولكنّ صحيفة “وول ستريت جورنال” أشارت إلى أنّه “يمكن لبيع كبير لهذه السندات أن يضغط على الحكومة الأميركية بسبب ارتفاع فوائدها عند تغير مالكيها”.
وكانت تقارير تحدثت عن أنّ السعودية هددت ببيع واسع لسندات الخزانة التي تمتلكها في فترة الرئيس الأميركي السابق أوباما، عندما أراد الكونغرس الاميركي تمرير تشريع يتهم السعودية رسمياً بالمسؤولية عن أحداث 11 أيلول/سبتمبر. وذكرت التقارير أنّ أوباما تدخّل يومها للضغط لعدم تمرير التشريع.