أظهرت عدة وقائع حصلت مؤخرا اتساع رقعة التضامن الشعبي مع قضية الشعب الفلسطيني، رغم محاولات دولة الاحتلال المتكررة لإجهاض هذا التضامن، أو تخريبه، أو وقف أنشطته في أي مكان في العالم. وذلك لتظهر هذه الحوادث وجوه التضامن الشعبيّ الحقيقي مع الفلسطينيين، مقابل اندفاعة دول التطبيع العربي، وجهودها في استحضار بعض الوفود، كما حصل مؤخرا مع الوفد «الإعلامي» المغربي الذي زار إسرائيل بدعوة من وزارة خارجية الاحتلال وبزيارة مدفوعة التكاليف.
من مظاهر هذا التضامن مع الفلسطينيين كان لافتا حصول عدد من المقاطعات المؤثرة في مجالات الفن والرياضة والثقافة، فقد أعلنت ملكة جمال اليونان رافائيلا بلاستيرا، انسحابها من مسابقة الجمال الدولية المقررة في مطلع كانون الأول/ ديسمبر المقبل. وعللت موقفها بالقول «لا يمكنني الصعود الى تلك المرحلة والتصرف وكأن لا شيء يحدث، بينما يقاتل الناس من أجل حياتهم هناك».وحسب ما كشفت عنه، يأتي انسحاب اليونان بعد إعلان حكومة جنوب أفريقيا سحبها الدعم والغطاء عن مسابقة ملكة الجمال التي تم انتخابها فيها على خلفية قرار منظمي الحفل بالمشاركة في مسابقة جمال الكون التي من المقرر أن تستضيفها مدينة إيلات، المطلة على البحر الأحمر والقائمة على أنقاض قرية أم الرشراش الفلسطينية.
أكدت اللجنة الوطنية لمقاطعة دولة الاحتلال «BDS»، أن انسحاب العديد من الدول من مسابقة ملكة جمال الكون في إسرائيل، دليل على التضامن الواسع مع القضية الفلسطينية.
وقال المنسق العام للجنة المقاطعة (BDS) محمود نواجعة، إن الحملة أطلقت نداء لكل العالم من أجل عدم المشاركة في المسابقة التي تستضيفها دولة الاحتلال في 12 كانون الأول / ديسمبر المقبل، لافتا إلى أن اسرائيل تستخدم هذه المسابقة بشكل واضح وصريح لـ «تبييض جرائمها والتغطية عليها ضد شعبنا الفلسطيني».
من جهة أخرى، ووفقا لفريق الاسكواش الإسرائيلي فإن ماليزيا سترفض السماح له بدخول اراضيها للمشاركة في بطولة العالم للاسكواش في أوائل ديسمبر، وستضم 24 فريقًا.
بعد ذلك طالبت جمعية الاسكواش الإسرائيلية الاتحاد العالمي بإلزام ماليزيا بالموافقة على دخولها والسماح لجميع الدول بالمشاركة في البطولة التي تقام في غضون أسبوعين تقريبًا في كوالالمبور، لكن الطلب قوبل بالرفض.
هذا وأعلن 70 كاتبا وكاتبة دعمهم لقرار الروائية الأيرلندية سالي روني التضامن مع الفلسطينيين بمنعها دار نشر إسرائيلية من ترجمة روايتها الأخيرة للعبرية. وضمت القائمة الروائية كاميلا شمسي ومونيكا علي وتشاينا ميفيل اللاتي وقعن على رسالة نظمتها مجموعة «فنانون من أجل فلسطين».
وقالت صحيفة «الغارديان» في تقرير أعدته أليسون فلود إن الكاتبات المعروفات دافعن عن قرار روني بعدم بيع حقوق ترجمة روايتها لدار نشر عبرية. ووصفه الموقعون بأنه «رد نموذجي على الظلم المتزايد الذي يلحق بالفلسطينيين».
وكانت دار النشر العبرية «مودان» قد طلبت في الشهر الماضي حقوق نشر رواية روني «عالم جميل، أين انت»، وهي الدار نفسها التي نشرت أعمالا سابقة للكاتبة الأيرلندية.
وقالت الروائية المعروفة في الشهر الماضي إنها تدعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات (BDS) التي تعمل «لإنهاء الدعم الدولي للاضطهاد الإسرائيلي للفلسطينيين والضغط على إسرائيل للإلتزام بالقانون الدولي»، وشعرت أنه من غير المناسب التعاون مع شركة إسرائيلية «لا تبعد نفسها علنا عن نظام الأبارتايد وتدعم حقوق الشعب الفلسطيني التي تشترطها الأمم المتحدة».
وفي رسالة نظمتها الشبكة الثقافية «فنانون من أجل فلسطين وبعنوان «الوقوف معا من أجل الحقوق الفلسطينية» وقع عليها أيضا كيفن باري وراشيل كوشنر وجيف داير وبانجك ميشرا وكارمين كاليل وأهداف سويف، قالوا إنهم يدعمون قرار روني.
وكتب المشاركون في الرسالة «طلب الفنانون الفلسطينيون من زملائهم الدوليين المساهمة بوقف التواطؤ مع انتهاكات حقوق الإنسان الإسرائيلية، ويعتبر هذا بالنسبة للكثيرين منا واجبا أخلاقيا» و «رفض سالي روني عقدا مع شركة نشر إسرائيلية معروفة التي تقوم بتسويق أعمال منشورة لوزارة جيش الاحتلال، هو رد نموذجي على المظالم التي تلحق بالفلسطينيين».
وأشارت الرسالة إلى النتيجة التي توصلت إليها «هيومن رايتس ووتش» في تقريرها في شهر نيسان/إبريل الماضي وهي ارتكاب إسرائيل جرائم فصل عنصري.
وأشارت إلى أن روني كانت من بين 16.000 موقعا على رسالة في أيار/ مايو «ضد الأبارتايد» ودعا فيها الموقعون إلى «وقف فوري وغير مشروط للعنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين». وقال الكتاب «مثلها، فسنواصل الرد على دعوات الفلسطينيين والتضامن الفاعل معهم، كما دعم الملايين الحملة ضد الأبارتايد في جنوب أفريقيا، و»سندعم الكفاح الفلسطيني السلمي للحرية والعدالة والمساواة». ووقع على الرسالة أيضا كورتيا نيولاند وأندرو أوهاغان وني أيكوي باركس بينج.
وفي المغرب، وردا على زيارة وفد يضم إعلاميين وممثلي المجتمع المدني، مدفوعة التكاليف وبدعوة من وزارة الخارجية الإسرائيلية، وتستغرق الزيارة ستة أيام، نشر موقع مغربي صورة لأعضاء الوفد بوجوه مكشوفة، بينما كان يجري في السابق تمويه الوجوه غالباً، تفادياً لردود الفعل الشعبية في المغرب، الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
ولا تبدو في الصورة المنشورة في موقع «الأيام» وجوه إعلامية معروفة ولا أسماء وازنة في المجتمع المدني المغربي، بل عادة ما تكون أسماء مغمورة.
وكان سفير تل أبيب في الرباط، ديفيد غوفرين، قد أعلن أنه استقبل الوفد المغربي الذي يضم 8 أشخاص، قبل توجهه إلى إسرائيل، لكنه لم يعلن عن أسماء الوفد.
وغرّد على «تويتر»: «بدعوة من وزارة الخارجية الإسرائيلية، يقوم وفد من الصحافيين وممثلي المجتمع المدني المغربي بزيارة إلى إسرائيل خلال الأيام المقبلة.
وتأتي هذه الزيارة لتعزيز وترسيخ التعاون الثقافي والإعلامي والاجتماعي بين البلدين».
وكشف موقع «الجريدة 24» أنه يوجد ضمن الوفد متابع سابق في إحدى خلايا ما كان يعرف بـ»السلفية الجهادية» التي تم تفكيكها عقب الأحداث الإرهابية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء في 16 أيار/ مايو 2003، حيث كان قضى بضعة أشهر في جناح المعتقلين الاحتياطيين للسلفية الجهادية قبل أن يحصل على البراءة.
وأضاف الموقع نفسه أن الشخص المعني كان قد خضع للتحقيق في ملف الخلية النائمة لتنظيم القاعدة التي أعلن المغرب عن تفكيكها صيف 2002، التي كان يتزعمها 3 سعوديين أدينوا على إثرها بـ 10 سنوات سجناً قبل أن يتم ترحيلهم إلى بلدهم الأم.
وجدد عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، التأكيد على رفضه القاطع لجميع أشكال التطبيع الإعلامي مع إسرائيل. وقال في تصريح صحافي: «نحن في النقابة ضد جميع أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، ونرفض أي زيارة للصحافيين خارج القيام بمهامهم».
وأضاف قائلاً: «يمكن للصحافيين أن يقوموا بتغطية الأحداث في فلسطين المحتلة وهذا لا نعتبره تطبيعاً، ولكن أن تتم استضافة صحافيين مغاربة من طرف وزارة الخارجية وعلى نفقة الحكومة الإسرائيلية هذا عيب وعار وسبة في حق الصحافيين»، وفق تعبيره، مؤكداً أن أصحاب هذه الزيارة السرية يخجلون حتى من الإعلان عنها، ما يكشف طبيعتها.
ورغم أن الأمر يتعلق عادة بأسماء غير معروفة، اعتادت إسرائيل محاولة تضخيم زيارة الوفد الإعلامية المغربية في محاولة لإبراز أهمية التطبيع.
القدس العربي