تفاقمت ظاهرة فرار الرياضيين المغاربة من المعسكرات التدريبية والبطولات العالمية المقامة بالخارج، ما يؤثر بالسلب على الأداء الجماعي للمنتخبات الوطنية في تلك المحافل الرياضية، بالنظر إلى انشغال الأطر الإدارية المشرفة عليها بالتواصل مع السلطات الدبلوماسية للقيام بالبحث عن المعنيين.
وعادت “آفة” الهجرة السرية في صفوف الرياضيين المغاربة إلى واجهة النقاش العام بعد فرار ثلاثة عناصر من المنتخب الوطني لكرة الطائرة، بحر الأسبوع الجاري، الذي يشارك في بطولة العالم لكرة الطائرة لأقل من 21 سنة بدولة إيطاليا، ما دفع السلطات الأوروبية إلى سلْك المساطر القانونية اللازمة للبحث عن المتغيّبين.
وتتعدد المسوّغات التي تقدّمها الفعاليات الرياضية بشأن هروب الرياضيين الشباب بطريقة غير قانونية في المنافسات الدولية، إذ يُرجعها البعض إلى “الهشاشة الاجتماعية” بسبب الأوضاع المالية “المتأزمة” للفرد، ويعلّلها البعض الآخر بـ”فقدان الثقة” في السياسات الرياضية، ويفسّرها آخرون بغياب “النضج الفكري” لدى الشباب الطامحين إلى بناء مشوار مهني في فترة قصيرة.
من وجهة نظر عبد العزيز بلبودالي، كاتب رياضي، فإن “العناصر التي تفضّل الهجرة السرية تنتسب لرياضات ‘فقيرة’، إن صح التعبير، وهو ما يفضي إلى ضعف العوائد المالية التي يتقاضاها الرياضيون”، مبرزاً أن “الأبطال المغاربة يفتقرون إلى التأطير التربوي والنفسي اللازم”.
وأورد بلبودالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “بعض المسؤولين عن إدارة المنتخبات الوطنية يتهاونون في معالجة الوضع، ولعل الدليل على ذلك هو ما حدث في رياضة الملاكمة خلال وقت سابق، إذ لم يضم الوفد المشارك في مسابقة دولية الرئيس الجامعي، ما دفع المدرب إلى القيام بالأدوار التقنية والإدارية”.
وأوضح الباحث عينه، في تحليله للوقائع الرياضية المسجلة خلال السنوات الأخيرة، أن “الحدث الأخير ينبغي أن يشكل وقفة تأمل جماعية إزاء ظاهرة فرار الرياضيين من المسابقات الدولية، من خلال دراسة مختلف جوانب الموضوع؛ النفسية والتربوية والاجتماعية، وتغيير القوانين المنظمة للرياضات الوطنية، وزيادة معايير أخرى في ما يتعلق بانتقاء الأبطال الذين سيشاركون في المسابقات”.
بدر الدين الإدريسي، باحث وإعلامي رياضي، قال من جانبه إن “الظاهرة ليست جديدة في المشهد الرياضي المغربي، لكنها تراجعت في الحقيقة بشكل نسبي خلال السنوات الثلاث الأخيرة”، مؤكدا أن “موضوع هروب الرياضيين المغاربة من معسكرات التدريب استفحل بشكل كبير قبيل سنوات، ما دفع وزارة الشباب والرياضة إلى اتخاذ إجراءات حازمة من حيث الانتقاء والمواكبة”.
وأضاف الإدريسي، في حديث لهسبريس، أن “أغلب الرياضيين المهاجرين بطريقة عشوائية ينتمون إلى فئة الشباب، بما يشمل الأفراد الذين فرّوا من المسابقة الدولية التي شارك فيها المنتخب المغربي لكرة الطائرة”، لافتاً إلى أن “هؤلاء لم يطرحوا بعد أسئلة جدوى الهجرة السرية ونسبة النجاح في بلدان المهجر”.
وتابع المتحدث ذاته بأن “أغلب الشباب الرياضيين الذين فروا من معسكرات التدريب يتوفرون على مستويات ثقافية ومعيشية متدنية”، خالصاً إلى أن “تلك الحوادث المتفرقة تتم معالجتها بطريقة ظرفية ومناسباتية، فيما تغيب الاستدامة المطلوبة في التقصي عن الحقائق الرياضية، ما يستلزم إحداث لجنة يقظة على مستوى الجامعات الرياضية لمواكبة تطورات الموضوع”.
هسبريس