شهدت الجزائر خلال شهر أغسطس الماضي سلسلة حرائق غابات مدمرة خلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة، وأعادت إلى الأذهان ما شهدته البلاد خلال العام الماضي من حرائق غير مسبوقة، وهو ما دفع الحكومة إلى البحث عن حلول فعالة لمواجهة الوضع الذي بدأ يتكرر سنويا.
وخلفت حرائق الغابات التي اجتاحت عددا من الولايات الشمالية الشرقية للبلاد 43 قتيلا ونحو 200 جريح ، بالإضافة إلى إتلاف أكثر من 2600 هكتار من الغابات والأحراش.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة الدكتور فارس مسدور في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إن الجزائر شهدت في السنوات القليلة الماضية اضطرابا في الطقس وهو ما أدى إلى جفاف وحرائق وتراجع في الإنتاج الزراعي.
وأوضح أن حرائق الغابات في الجزائر مرتبطة بعدة عناصر أولها الجفاف الذي عرفته الجزائر ثم العمليات الإجرامية التي تعرضت لها البلاد وما زالت تتعرض لها خلال العامين الماضيين والتي زادت وتيرتها وزاد حجمها بشكل غير عادي.
وشهدت الجزائر جفافا شديدا في السنتين الماضيتين، وقال المنسق الرئيسي للوكالة الوطنية الجزائرية للسدود والتحويلات، أوغلاون مراد قبل حلول فصل الصيف، إن نسبة امتلاء السدود على المستوى الوطني بلغت 44 % فقط.
ورأى فارس مسدور أن حرائق الغابات ترتبط أيضا بالطقس “لكن من جانب آخر لابد ألا ننسى أن هناك إجراما كبيرا مورس ضد الجزائر، وما الحرائق التي حدثت العام الماضي أو هذا العام إلا دليلا على ذلك”.
وتقوم أجهزة الأمن الجزائرية بتحقيقات واسعة بشأن أسباب الحرائق واعتقلت عددا من المتورطين وقدمتهم إلى المحاكمة.
وتعرضت الجزائر خلال شهر أغسطس من العام الماضي إلى حرائق غابات غير مسبوقة في شمال شرق البلاد طالت بالخصوص ولايتي تيزي وزو وبجاية وخلفت وفاة 65 شخصا بينهم 28 عسكريا لقوا حتفهم أثناء مشاركتهم في إخماد الحرائق.
وأكد مسدور أن المنطقة برمتها تشهد تغيرا مناخيا خطيرا أثر على مردود القطاع الزراعي في الجزائر بشكل كبير جدا وبالتالي النتيجة كانت ارتفاع غير عادي للأسعار، لكنه توقع أن يتغير الأمر نحو الإيجاب مع قرب فصل الشتاء.
وربط نجاح الجزائر في إدارة هذه الكوارث وآثارها الاقتصادية بوضع استراتيجية حكومية لمواجهة تلك الحرائق خاصة في المناطق الغابية من خلال استعمال الدرونات والطائرات والشاحنات المتخصصة وفتح الطرق الجديدة والمسارات التي توصل إلى أعماق الغابات حتى يتم إطفاء الحرائق في وقتها بشكل سريع.
واقترح مسدور التحول إلى استراتيجية السدود الصغيرة والتي يمكن الاستعانة بها عند وقوع الحرائق وأيضا في القطاع الزراعي، فضلا عن توسيع محطات تحلية وتبني فكرة اقتصاد المياه.
واتخذت الحكومة الجزائرية قرارات عاجلة باقتناء طائرات كبيرة لمكافحة الحرائق والاستفادة من تجربة الدول في هذا المجال، خاصة وأن الخسائر البشرية والمادية تبقى كبيرة بالرغم من تمكن الحكومة من السيطرة على هذه الحرائق في آخر المطاف ولكن بتكلفة باهظة.
واعتبر مسدور أن التكنولوجيا الصينية خطت خطوات متقدمة جدا في هذا المجال والدليل على ذلك أن الصين لديها استقرار كبير جدا في مجال مكافحة الحرائق وأيضا في اقتصاد المياه وتجربتها في المناطق التي تعاني شحا كبيرا في المياه مع وجود مناطق فيها وفرة كبيرة.
وقال إن الصينيين وصلوا إلى الموازنة بين المناطق الوافرة والمناطق الفقيرة في مجال المياه وهو ما يمكن للجزائر أن تستفيد من التجربة الصينية في هذا المجال وأن تنتهج نهجها فيما يتوافق مع طبيعة الجزائر وطقسها.
شينخوا