في وقت تعرف رحلة الهجرة من شمال أفريقيا إلى إسبانيا بأنها محفوفة بالمخاطر، يكون مصير الآلاف الذين فقدوا في البحر إما الدفن في مقابر غير معروفة أو إيصال جثثهم إلى بلادهم، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” تناولت فيه عمل مارتين زامورا، وهو “متعهد دفن الموتى”.
زامورا، البالغ من العمر 61 عاما، وأب لسبعة أطفال، هو صاحب مشروع “المساعدة في الجنازة”، وهو عبارة عن مستودع لتحنيط جثث المهاجرين الذين غرقوا أثناء رحلتهم إلى إسبانيا، وذلك بهدف إعادتهم إلى أسرهم.
ويقول زامورا إنه أعاد أكثر من 800 جثة إلى موطنها في عقدين من الزمن، كاشفا أنه يتصارع مع مسؤولي البلدية لتسليم الجثث حتى يتمكن من تحنيطها، كما أنه يعمل مع المهربين للعثور على أقارب الضحايا.
وأشار إلى أنه لم يزر المغرب منذ تفشي الوباء العالمي، وكذلك الجزائر ولكنه يتواصل مع ذوي المفقودين، ويتلقى صورهم عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي.
بالنسبة للعائلات التي فقدت أحباء حاولوا الهجرة عبر القوارب، يشكل عمل زامورا نوعا من حسن الخاتمة، بحسب التقرير. ولكن الخدمات المقدمة باهظة الثمن حيث يتقاضى زامورا أكثر من 3500 دولار أميركي لحصول العائلة على جثة فقيدها.
وأشاد محمد المقدم، إمام مسجد في الجزيرة الخضراء (جنوب إسبانيا) بجهود زامورا، قائلا: “بالرغم من أنه عمل تجاري، إلا أننا ممتنون لذلك”.
واعتبر خوسيه مانويل كاستيلو، مدير مشرحة المدينة في الجزيرة الخضراء، أن زامورا ملأ الفراغ الذي خلفته السلطات، مشددا على أنه “يجب على شخص ما أن يعتني بالأعمال الورقية وإعادة الجثث إلى الوطن، وإذا كان زامورا يفعل ذلك، فهذا شيء عظيم”.
وعن كيفية اكتشاف هوية الجثث وعائلاتها، يقول زامورا: “الجسد هو اللغز، في الغالب تكون الملابس هي القرائن الوحيدة”.
وأضاف: “من الصعب التعرف على وجه شخص ما، لكن الحذاء والقميص وبقية الملابس تتيح لك الوصول إلى هوية وعائلة الجثة”.
وأشار إلى أن عند تحديد هوية أحد من الموتى، يصبح من السهل الوصول إلى ذوي الغارقين بجانبه، حيث أنه في العادة يضم القارب مجموعة من الأقارب أو الأصدقاء في منطقة سكنية واحدة.
وتابع: “في بعض الأحيان، نحصل على موافقة من القضاء الإسباني لإيصال ملابس الذين قضوا غرقا إلى بلادهم لكي يتعرف عليها الأهل هناك”.
وقبل الصيف بقليل، قال زامورا إنه تلقى رسالة عبر “واتساب” من رجل عرّف عن نفسه باسم يوسف وقال إنه كان هناك صبيان لا نعرف ما إذا كانا على قيد الحياة أم أمواتا، والعائلة تبحث في كل مكان عنهما.
وتضمنت الرسالة صورة لثلاثة رجال في زورق يرتدون سترات نجاة محلية الصنع، التقطت قبل لحظات من مغادرتهم المغرب، أحدهم كان أشرف أمير، ميكانيكي أمي طنجة، سبق لزامورا أن قام بتحنيط جثته.
وأوضح أنه عرف الجثة مباشرة من ملابس أشرف التي كان عليها طلاء معين.
هذا ولقي لقي قرابة 2100 مهاجر حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى إسبانيا عن طريق البحر خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2021، وفق ما أعلنت مجموعة حقوقية الأربعاء.
وهذا الرقم يعادل خمس مرات عدد الوفيات الذي سجل خلال الفترة نفسها من العام الماضي وأعلى رقم يسجل في نصف أول من العام منذ بدأت منظمة “كاميناندو فرونتيراس” غير الحكومية التي تراقب تدفقات الهجرة، تدوين السجلات في 2007.
الحرة