تزايدت المخاوف من تصاعد التضييق على الحريات في تونس، حيث طاولت الحريات الأكاديمية وحرية النشر، ما أثار جدلاً واسعاً.
وتداول نشطاء خبر سحب كتاب أستاذ القانون الدستوري، رابح الخرايفي، من معرض الكتاب بسبب محتواه، وأثار موجة تعاطف ودعم معه من جهة، فيما عاب آخرون دفاعه عن قرارات الرئيس قيس سعيّد واعتباره من منظري “الإجراءات الاستثنائية” ومسانديها، بحسب تعبيرهم.
وأكد الخرايفي، في تعليق لـ”العربي الجديد”، أنه تم أمس الأربعاء سحب كتابه “الفساد والدولة الفاشلة تونس نموذجاً” من معرض تونس الدولي للكتاب، بالقوة العامة بواسطة ضباط أمن من رتب عالية.
وعلّق الخرايفي على توضيح إدارة معرض الكتاب، مستبعداً أن “يكون ذلك تصرفاً فردياً أو عرضياً”، مشيراً إلى أنّ عملية سحب الكتاب “تمت بقرار شفوي وليس بقرار كتابي”.
وبيّن أنّ “السبب بحسب دار النشر أنّ الكتاب يسيء إلى سمعة تونس”، مشيراً إلى أنّ منع عرضه “تم رغم استيفائه جميع الشروط القانونية والتسجيل ضمن القائمة الرسمية للمنشورات المصرح بها لدى إدارة المعرض”.
وشدد المتحدث على أنه “بعد الضغط الإعلامي الكبير تم التراجع وتقدمت إدارة المعرض باعتذار رسمي، معتبرة ما حدث تصرفاً فردياً من قبل أحد الأعوان”.
وأضاف الكاتب: “موقفي من الوضع الاستثنائي لن يتغير، باعتباري قدمت قراءة دستورية وليست شخصية، ولا يمكن أن تكون حسب الطلب”، مشدداً على أنه “لن يغير رأيه من هذه القراءة حتى لو كان ضحية المس بالحريات التي تقتضيها حالة الاستثناء”.
واستبعد الخرايفي أن “يكون وزير الداخلية هو من أمر بذلك، واتخذ قراراً سياسياً بسحب كتابه من المعرض”، حسب قوله.
وفي السياق، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي منع كتاب بعنوان “راشد الغنوشي والنهضة الإسلامية في تونس”، بتعليمات من وزيرة الثقافة، معتبرين أنّ سبب السحب يتعلق بموقف سعيد من حركة “النهضة” ورئيسها راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب المعلقة أشغاله منذ 25 يوليو/تموز الماضي.
وقال مبروك المناعي، مدير معرض تونس الدولي للكتاب، في تصريح إذاعي، إنه “لا صحة لسحب إدارة المعرض كتباً لراشد الغنوشي، والأمر يتعلق بكتاب عن سيرته الذاتية قبل 2011، لم يتم تسجيله في القائمة الرّسمية للعناوين المعروضة”.
وأضاف المناعي، أنّ “لجنة مشتركة بين إدارة معرض الكتاب وممثلين عن دور النشر، خلال قيامها بدورها الرقابي؛ رصدت بضع مئاتٍ من العناوين غير المسجلة في القائمة الرّسمية للعروض، وبينها كتاب يتحدث عن الغنوشي، سُحب مساء الثلاثاء”.
وشدد على أن “الأمر ليس متعلقاً بالأشخاص أو أسماء بعينها، بل بتطبيق البروتوكول المعتاد للمعرض المحدد مسبقاً، وسحب الكتاب جاء لأنه غير مصرح به مسبقاً من دار نشر مصرية تواصل مشاركتها في المعرض”.
ونفى المناعي صحة ما يتردد عن أنّ وزيرة الثقافة التونسية حياة قطاط القرمازي، وخلال زيارتها للمعرض الأربعاء، “أشارت إلى سحب كتب للغنوشي أو غيره، بل كانت في زيارة عادية على غرار وزراء آخرين”.
وتعيش تونس على وقع تضييق على الحقوق والحريات الفردية والعامة تزايدت حدتها بحسب الحقوقيين منذ انفراد سعيد بالسلطات في يوليو/تموز الماضي.
وتزايدت الانتهاكات بحسب بيانات المنظمات من خلال محاكمات الصحافيين ومدونين بسبب آرائهم ومواقفهم، إلى جانب تواتر الاعتداءات عليهم خلال قيامهم بتغطية الأحداث.
كما تتواصل محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، والمس بالحريات الفردية دون أذون قضائية أو أحكام نهائية، إلى جانب تعطيل حقوق مدنية كالحق في التنقل والتظاهر والتجمهر.