مدينة ليبية تبعد عن العاصمة طرابلس ب 95 كم إلى الجنوب الشرقي، وتبدأ حدودها الجغرافية من منطقة “وادي فم ملغة” غربا إلى “بركات أوعينب” الواقعتين جغرافيا غرب مسلاتة التي تحد ترهونة شرقا. ثم من “سوق الجمعة (المصابحة)” ومدينة القره بوللي شمالا إلى وادي “أوكرة المزاوغة والمرغنة” الذي يحد بني وليد جنوبا. تتبع مدينة ترهونة بلدية ترهونة ومسلاتة سابقا و بلدية ترهونة حالياً. وترتفع عن مستوى سطح البحر 398 متر.
مدينة ترهونة التي يبلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة تكتسب أهميتها من كونها معقل قبائل ترهونة إحدى أكبر القبائل الليبية على الإطلاق التي تزيد على 63 قبيلة منها (أولاد علي، الفرجان، المهادي، الغرارات، الدوائم، الهماملة، أولاد حمد، العوامر، الحواتم، المارغنة، وأولاد معرف، البركات، والعبانات، والمزاوغة، والدراهيب، والحمادات).
تاريخ المدينة حافل بالبطولات ضد الاستعمار القديم، حيث قدمت المدينة آلاف الشهداء عبر التاريخ ضد أي مستعمر أجنبي، وهو ما يجعلها تقف الآن ضد أي مستعمر جديد.
أنجبت ترهونة أيضا المناضل المبروك المنتصر الذي قاد ما يسمى بمعارك شارع الشط وعين زاره وبئر ترفاس، والتي حصلت بين سنتي 1911 و 1912 وتكبد خلالها المستعمر الإيطالي خسائر فادحة قبل أن يحسم الأمر لصالحه بسبب الفارق في التسليح بين الطرفين.
للمدينة خصوصية عسكرية كبيرة إلى جانب الخصوصية الجغرافية، حيث أنها معقل اللواء التاسع مشاة أحد أذرع الجيش الوطني الليبي والذي أعلن مساندته لللعملية التي انطلقت قبل عام نحو طرابلس، ولديه جولات سابقة خاضها داخل العاصمة طرابلس في 2018، عناصر صلاح بادي بالعاصمة.
ومن أهم القبائل التي تستوطنها، أولاد معرف وقبيلة الفرجان وأولاد أحمد وأولاد سيدي معمر، وكذلك مرغنة والعوامر والهماملة والنفاشة والبركات والرحايمية والعبانات والعواسة والحبشي والمساعيد والصوالحية. هذا بالإضافة إلى النعاعجة وأولاد ترهون واقديرات واجلاص وشفاترة ومزاوغة وأولاد أحمد ومارغنة والسموعات وتنضوي أغلب هذه القبائل تحت لواء قبيلة ترهونة الكبرى بينما بعضها ينتمي إلى قبائل أخرى وافدة على المدينة.
تتوفر ترهونة على عدد هام من المواقع الأثرية والمعالم الرائعة التي تعود إلى فترة ما قبل ميلاد المسيح، فبالإضافة إلى المنحوتات الجدارية على الصخور التي ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ، توجد قصور وفيلات رومانية على غرار قصور دوغة. وتجلب الانتباه في المباني الأثرية الرومانية أرضيات الفسيفساء والتي أبدع فيها الرومان وبرعوا في إنشائها على امتداد إمبراطوريتهم. كما توجد أيضا في ترهونة آثار كنيسة قديمة ترجع إلى العهد البيزنطي وكنيسة أخرى بمنطقة الخضراء ترجع لعهد الاستعمار الإيطالي.
نظرا لكثرة سكان ترهونة فإن الأسواق الشعبية تكاد تكون كل يوم فيها مثل سوق السبت في أولاد علي والداوون والأحد في ترهونة المركز وسوق الأحد قديما وسوق الإثنين في ترهونة المركز كذلك وسوق الثلاثاء في سيدي الصيد وسوق الأربعاء في الخضراء وسوق الخميس في سوق الخميس امسيحل وسوق الجمعة في مجى وسوق آخر في العواتة في نفس اليوم وكلها تتداول بيع الأغنام والخضار ومختلف المتطلبات اليومية. في بداية الثمانينات أنشئت بعض مراكز التسوق “الأسواق المجمعة Malls ” مثل سوق 28 مارس بترهونة والسوق المجمع بالداوون وسوق الجمعة المصابحة .
تشتهر ترهونة بالمحاجر وكسارات الصخور لإنتاج الركام. كما توجد بترهونة محطة لتربية السلالات المحسنة من الدواجن ومحطة أبقار إنتاج اللبن. يوجد أيضا مصنع لصناعة ملابس الأطفال والملابس التقليدية أنشئ في الثمانينيات ومصنع آخر لصناعة الأحذية. كما تعتبر ترهونة أهم منتج للصوف في المنطقة الغربية من البلاد، والذي يسوق إلى بني وليد المجاورة حيث أقيم مجمع مصانع المفروشات والغزل والنسيج. كما يوجد عدد كبير من ورش الحرف كالحدادة والنجارة وأعمال الألمنيوم والزجاج والتغليف الخ. وعدد كبير من معاصر الزيت الحديثة.
ورغم المعالم الأثرية العديدة في ترهونة إلا أنه لا يوجد نشاط سياحي يذكر بالمدينة التي بقيت كنوزها مجهولة لدى المهتمين بسياحة الآثار والمواقع التاريخية. ويعود السبب إلى السياسة التي دأبت عليها الحكومات الليبية المتعاقبة والمتمثلة في الاعتماد على مداخيل النفط دون سواه وإهمال باقي القطاعات ومنها قطاع السياحة. فلم يتم تشييد الفنادق والمطاعم والأماكن الترفيهية والمتاحف وغيرها مما يحتاجه النشاط السياحي.