سياسي وداعية إسلامي عاش في المغرب الأقصى بين نهاية القرن الحادي عشر الميلادي والقرن الثاني عشر. يعتبر مؤسس الدولة الموحدية. اختلف المؤرخون في إسمه الكامل، فحسب ابن خلدون فهو محمد بن عبد الله بن وجليد بن يامصال بن حمزة بن عيس بينما يعتقد مؤرخون آخرون (ابن رشيق وابن القطان) بأنه محمد بن تومرت بن تيطاوين بن سافلا بن مسيفون بن ايكديس بن خالد.
كانت مؤلفاته عامل أساسي في انتشار الأشعرية بالمغرب. ومزج بين أفكار ابن حزم الظاهري في دعوته خصوصا ما يتعلق منها بمحاربة التقليد والاحتكار المذهبي، وكان هدفه من ذلك التقليص من نفوذ فقهاء المالكية الذي كان قد استفحل في عهد الدولة المرابطية. خصص ابن تومرت أجزاء من كتابه “أعز ما يطلب” وممارسة السياسة لتجسيد عقيدة قوامها التوحيد والتنزيه المطلقان، الأمر الذي دعا إلى اعتماد وسائل متعددة، منها وسيلة تعلم التوحيد واكتسابه، ووسيلة الحرب والتقتيل من أجل التوحيد. وذهب إلى أبعد من ذلك، فقرّر وجوب العلم بالتوحيد وتقديمه على العبادة، ثم قرَّر أن إثبات العلم بالتوحيد لا يكون إلاّ عن طريق العقل. فأقر الموحدين بإمامة محمد ابن تومرت والتي تشكل ركناً من أركان الدعوة الموحدية نفسها. بدأ دعوته سنة 1121م والتي قامت على فكرة المهدي بن تومرت. دعى قبائل مصمودة إلى مبايعته وكون منهم جيشا قويا جعل على رأسه عبد المومن بن علي للقضاء على المرابطين ولقب أتباعه بالموحدين ووضع بذلك أسس الدولة الجديدة هي الدولة الموحدية. ويعتبر ابن تومرت هو صاحب اختراع النقود الموحدية المربعة.
أنشأ ابن تومرت مؤسسات سياسية مستمدا تسميتها من السيرة النبوية وهي:
مجلس العشرة: على غرار صحابة الرسول العشرة، من خيرة المساندين للحركة الموحدية. وتميز هؤلاء الأعضاء العشرة بالعلم والقدرة على القيادة وروح التضحية ومن أبرزهم عبد المؤمن بن علي.
مجلس الخمسين: وضم رؤساء خمسين قبيلة سباقة لمساندة الحركة الموحدية وهو مجلس ذو طابع استشاري.
جماعة الطلبة: دعاة الحركة في البداية والذين مارسوا فيما بعد التربية والتعليم والإدارة والجيش.
أتاحت هذه التنظيمات تلقينا مذهبيا وسياسيا مكثفا للقبائل. واتضحت بواسطتها الأهداف السياسية للحركة الموحدية وهي الإطاحة بالحكم المرابطي.
في سنة 516هجرية/ 1122 ميلادية بدأت المواجهة المسلحة بين أتباع ابن تومرت والجيش المرابطي الذي فشل في اقتحام أغمات.
في سنة 522 هجرية / 1128 ميلادية سارعت جموع الموحدين إلى النزول نحو سهل الحوز الحالي يقصد دخول مراكش عاصمة المرابطين.وتم حصار المدينة أربعين يوما، إلا أن الإمدادات العسكرية المرابطية تمكنت من ذلك الحصار وإلحاق الهزيمة بالجيش الموحدي في “معركة البحيرة” سنة 524 هـ/1130 م. بذلك بينت هذه التجربة بأن هزيمة المرابطين تتطلب وقتا أطول واستعدادات أكبر.
استدعى ابن تومرت قبل موته الرجال المسلمين بالجماعة وأهل الخمسين والثلاثة عمر أرتاج وعمر إينتي، وعبد الله بن سليمان، فحمد الله، ثم قال: إن الله -سبحانه، وله الحمد- منَّ عليكم أيتها الطائفة بتأييده، وخصكم بحقيقة توحيده، وقيَّض لكم من ألفاكم ضُلاّلاً لا تهتدون، وعميا لا تبصرون، قد فشت فيكم البدع، واستهوتكم الأباطيل، فهداكم الله به، ونصركم، وجمعكم بعد الفُرقة، ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارقين. وسَيُورِثُكم أرضهم وديارهم، ذلك بما كسبت أيديهم، وبعد هزيمة الموحدين في معركة البحيرة سأل ابن تومرت أصحابه :هل عبد المومن فيكم ؟ قالوا :نعم. قال : قد بقي أمركم ما دام عبد المومن فيكم. ثم دخل ولم يره أحد أبدا.